الحقيقة إن آبى أحمد يغامر ويقامر بإثيوبيا بسبب سياساته وجرائمه.. وعدم مبالاته بالقوانين والشرعية الدولية.. فإخطار الرى الإثيوبية نظيرتها المصرية ببدء عملية الملء الثانى لخزان سد النهضة هو استفزاز خطير وتهديد لأمن واستقرار المنطقة، ولعب بالنار خاصة أنه يتحدى أكبر قوة فى المنطقة.
باختصار.. مصر لن تتنازل عن حق من حقوقها أو نقطة مياه من حصتها، ولديها القوة والقدرة أن تطال أى تهديد لتضعه فى خانة الفناء واللا عودة.
قوة وقدرة مصر وحكمة القيادة.. مصدر ثقة واطمئنان الشعب العظيم .. فالنيل خط أحمر.. فلا تهاون ولا تفريط ولا تنازل
من الواضح أنه لا أمل فى التفاوض مع إثيوبيا.. لأنها دولة فقدت أدنى معايير الدولة تمارس التعنت والمراوغة والهروب والتحريف.. واللعب على كل الأوتار وترويج الأكاذيب وخداع المجتمع الدولى.. ومن الغريب أيضاً أن أديس أبابا رغم التأكيد المصرى على حق إثيوبيا فى التنمية وتوليد الكهرباء بل ودعم مصر لذلك شريطة ألا تضر بالأمن المائى المصرى ولا تنقص نقطة مياه من حقوقها فى نهر النيل.. وحصتها القانونية وأكدت القاهرة أن حوض النيل يمكن أن يكون نموذجاً للتعاون بين الأشقاء وتبادل المنافع والمصالح ليكون نهر النيل مصدر الخير والنماء.
إثيوبيا تمارس نوعاً شاذاً وغريباً وغير مبرر من العجرفة والتعنت والغرور وصم الأذن عن الاستماع لصوت العقل وتطبيق قواعد الشرعية والقوانين الدولية وكل ذلك ليس له أى مبرر أو سند ولا يرتكز على أى نوع من القوة.. فالدولة الإثيوبية تعانى الاهتراء والانقسام وممارسات تطهير عرقى خاصة فى ظل ما حدث فى إقليم تيجراى الذى جسد أقصى انتهاك لحقوق الإنسان ثم الميل فقط إلى قبائل الأمهرة على حساب باقى الشعب والقبائل الإثيوبية.. لذلك يحاول رئيس الوزراء آبى أحمد استغلال ملف سد النهضة وعملية الملء الثانى فى التغطية على الكوارث والمشاكل الداخلية المتفاقمة التى أوصلت أديس أبابا إلى الدولة الفاشلة وفشل آبى أحمد فشلاً ذريعاً فى إدارة شئون الدولة وأيضاً فى احتواء شعبه وتوحيد صفوفه وهناك العديد من الحركات المسلحة التى تهدد وجود آبى أحمد بعد سياساته وممارساته الإجرامية.
ليس هناك ما يبرر سياسات آبى أحمد.. فهو يحاول توظيف سد النهضة سياسياً.. خوفاً من المشاكل والأزمات والانقسامات التى كشفت ألاعيبه.. ولعل نجاح «تيجراى» فى تحقيق انتصارات مدوية وإهانة وإذلال الجيش الإثيوبى واستعادة عاصمة الإقليم وأسر ما يقرب من ٧ آلاف من مقاتلى الجيش الإثيوبى هو عنوان فشل سياسات آبى أحمد الذى أصبح قاب قوسين أو أدنى من الانتحار.
على مدار 10 سنوات من التفاوض بذلت مصر جهوداً مضنية من أجل التوصل إلى اتفاق عادل وملزم ومنصف وقانونى ودولى بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة للحفاظ على حقوق دولتى المصب مصر والسودان.. لكن كان التعنت والمراوغة والاستفزاز وغياب الإرادة السياسية هى عنوان سياسات آبى أحمد.. فقد سلكت الدولة المصرية كل مسارات التفاوض سواء فى مفاوضات ثلاثية أو مفاوضات بإشراف ورعاية الاتحاد الإفريقى.. ثم كان الوصول إلى الاتفاق فى الولايات المتحدة فى المتناول خلال العام الماضى لكن هروب إثيوبيا وانسحابها أثار العديد من علامات الاستفهام وهو حلقة من حلقات المراوغة والتعنت وغياب الإرادة السياسية ثم حاولت مصر بشتى الطرق إيصال رسائلها ونواياها الصادقة فى الوصول إلى اتفاق عادل، وقانونية وشرعية موقفها باعتبار أن نهر النيل ينطبق عليه قوانين الأنهار الدولية ولا يجوز لدولة المنبع التصرف بشكل أحادى وعدم تبنى المواقف والقرارات الأحادية التى تشكل خطراً وإضراراً لمصر وشعبها وأيضاً تهديداً للأمن والسلم على الصعيدين الإقليمى والدولى.
لا أدرى من يقف وراء مواقف إثيوبيا وسياستها ودفعها إلى محاولة الإضرار بمصر.. فالسد تثور حوله العديد من علامات الاستفهام واعتقد أنه ليس له أهداف تنموية بقدر ما له أهداف تآمرية ونوايا خبيثة تجسدها حالة التعنت والعجرفة وممارسة أحقر أنواع المراوغة.
جاء خطاب وزير الرى الإثيوبى لنظيره المصرى لإخطاره ببدء عملية الملء الثانى لخزان سد النهضة استفزازاً جديداً من إثيوبيا وربما يبعث برسائل خطيرة تهدد أمن المنطقة.. فمصر التى تعتبر مياه النيل قضية وجودية.. وأن المساس بحصة مصر خط أحمر.. بطبيعة الحال لن تسكت أمام سياسات إثيوبيا وقراراتها الأحادية ولن تتهاون أمام محاولات الإضرار ولن تفرط فى نقطة مياه واحدة من حصتها القانونية الثابتة والراسخة فى مياه النيل.. لأنها حق وجودى للشعب المصرى الذى يمثل له نهر النيل نبع الحضارة والوجود والتاريخ.
خطاب وزير الرى الإثيوبى كان عنواناً سافراً للاستفزاز ويجسد حالة الجمود وانعدام الإرادة والإصرار على المقامرة بالمنطقة والمغامرة بمستقبل الدولة الإثيوبية نفسها فقد ردت مصر بشكل قوى وأكدت بشكل قاطع رفضها للإجراء الإثيوبى الأحادى الذى يعد خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التى تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية بما فيها نهر النيل الذى تنظم موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الإضرار بها.
وحسناً فعلت مصر.. بإرسال وزارة الخارجية خطاب د.محمد عبدالعاطى وزير الرى والموارد المائية إلى نظيره الإثيوبى إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإحاطة المجلس والذى سيعقد جلسة حول قضية سد النهضة غداً بهذا التطور الخطير والذى يكشف مجدداً عن سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع وملء وتشغيل السد دون اتفاق يراعى مصالح الدول الثلاث وأكد أضرار السد على دولتى المصب مصر والسودان وهو الأمر الذى سيزيد من حالة التأزم والتوتر فى المنطقة وسيؤدى إلى خلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمى والدولى.. إلى هنا انتهى بيان وزارة الرى والموارد المصرية وردها على نظيرتها الإثيوبية لكن هناك مجموعة من النقاط.. نوجزها فيما يلى :
أولاً: إن مصر أثبتت للجميع وكافة أطراف المجتمع الدولى سواء الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا والاتحاد الإفريقى والجامعة العربية والدول العربية أنها تعاملت بحسن نوايا وإرادة سياسية من أجل الوصول لاتفاق يراعى مصالح جميع الأطراف على مدار 10 سنوات لكنها باءت بالفشل بسبب التعنت الإثيوبى.
ثانياً: على المجتمع الدولى ومجلس الأمن والأمم المتحدة أن يتحمل مسئولياته فلقد فعلت مصر كل ما فى وسعها.. بذلت كافة الجهود والمساعى والتواصل مع المجتمع الدولى لتوضيح موقفها وأيضاً حقيقة النوايا الإثيوبية.. وعلى المجتمع الدولى ان يحافظ على امن وسلام واستقرار المنطقة.. لان موقف مصر يتطابق مع الشرعية الدولية والقوانين الدولية وان محاولات إثيوبيا المساس بحقوق مصر المائية خط أحمر.. بالتالى فان مصر لايمكن ان تتهاون امام حقوقها لذلك على المجتمع الدولى ان يتحرك قبل فوات الأوان.
ثالثا : ما اقدمت عليه إثيوبيا من إخطار مصر ببدء عملية الملء الثانى لخزان سد النهضة استفزاز سافر ولعب بالنار.. وخرق للقوانين والشرعية الدولية.. وتجاهل كامل لكل محاولات الحل والتوسط وانها ماضية فى غيها وممارساتها وقراراتها الاحادية.. وان ذلك يعنى تهديداً خطيراً للأمن والسلم الاقليمى والدولى.
رابعاً : محاولات آبى أحمد توظيف سد النهضة لتحقيق مكاسب سياسية لخداع شعبه.. والتغطية على اخفاقاته وفشله فى إدارة شئون الدولة.. واحداث الانقسام وعجزه عن إنهاء الممارسات العرقية ومواجهة انتهاك حقوق الانسان.. وايضا موقف إثيوبيا المتعنت يخفى وراءه مؤامرة على مصر.
خامساً : لابد ان يتحرك المجتمع الدولى ويتحمل مسئولياته فى منع إثيوبيا التى تخالف القوانين والشرعية الدولية وقوانين الانهار العابرة للحدود وتهدد الأمن والسلم الاقليمى.. والا يغض العالم الطرف عن جرائم إثيوبيا وتعنتها والمقامرة بالمنطقة لتدخل فى أتون المجهول ولابد ان يضع العالم حداً للتعنت الإثيوبى ومحاولات تهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم خاصة وان مصر لن تتنازل وتتمسك بحقها فى استخدام كافة الأدوات المتاحة للحفاظ على حقوقها ومقدرات شعبها.. فكل الخيارات مفتوحة ومطروحة.. والدولة المصرية لديها من القدرات والقوة للحفاظ على حقها فى كل نقطة مياه فى نهر النيل.. فمصر (عداها العيب).. فعلت كل ما فى وسعها لتجنب الخيارات الصعبة.. وهى تدافع عن حق شعبها فى الحياة والوجود.. وتحافظ على أمنها المائى.. وان اليد المصرية قادرة ان تطال أى تهديد وإنهاء أى خطر يحاول المساس بأمنها القومى.. فلا يمكن ان يكون التفاوض بلا نهاية ونحن نمتلك القوة التى لا يرى منها البعض الا القليل.. وسيكون رد مصر على محاولات النيل والمساس بأمنها المائى لايتصوره ولايتوقعه أحد.. وان التعنت سيؤدى إلى انتحار إثيوبيا وتهديد بقائها.. الدولة المصرية ومؤسساتها جاهزة تماما للتعامل مع التداعيات السلبية للتحركات الاحادية من قبل الجانب الإثيوبى لملء السد دون التوافق مع مصر.. فإذا كان صبر مصر الاستراتيجى قد طال وأوشك على النفاد.. فإذا تحرك المارد المصرى فسيكون مزلزلا وصاعقا وعاصفاً.
الحقيقة الثابتة.. انه لا يمكن الاخلال بثوابت الموقف المصرى القائمة على الحفاظ على حقوق مصر المائية وعدم تقديم أى تنازلات فيما يتعلق بحصتها فى مياه نهر النيل.
سادساً : الحقيقة أيضاً ان الموقف الإثيوبى أمر مخجل وعودة للبربرية والهمجية.. وعدم تبنى السلوك الدولى فى الانصياع للقوانين والشرعية الدولية او الاستجابة لصوت العقل والمنطق فلاتوجد لدى أديس أبابا أى نوع من الرغبة أو الارادة السياسية وهناك قرار وتحرك أحادى ومراوغات ومحاولات لفرض الأمر الواقع على حساب المصالح والحقوق المصرية والسودانية.. لذلك لابد أن يدرك المجتمع الدولى خطورة المقامرة الإثيوبية بأمن واستقرار المنطقة.. فالغريب أن أديس أبابا تتحدى قواعد القانون الدولى وترفض أى محاولات للفهم والعقل وأبى أحمد يغامر بإثيوبيا ويضعها فى مواجهة غير متكافئة مع مصر الدولة العظيمة والكبيرة والتى تمتلك قدرات وقوة وردع لاتطيقه ولا تتحمله إثيوبيا المترهلة والمنقسمة والضعيفة.. فالقاهرة حاولت ومازالت ان تحافظ على علاقات الاشقاء.. وترسيخ روح التعاون والتكامل.. ومحاولة اشراك الدول الافريقية كوسطاء لايجاد حل واتفاق عادل لكننا جميعا مع إثيوبيا كمن يحرث فى الماء.. فلا عقل ولا فهم ولا إرادة ولا التزام.. هذه البجاحة السياسية والبدائية فى التعامل بين الدول.. وسياسة الغاب رغم ان إثيوبيا لا تملك القوة والقدرة وأحوالها تشير إلى فشل ذريع.
على كل الأحوال.. دعونا ننتظر جلسة مجلس الأمن غداً.. ولدينا ثقة واطمئنان في قيادتنا السياسية الحكيمة وقوة الدولة المصرية ومؤسساتها القوية والرادعة.. فلا يمكن ان يقترب أحد من حقوق مصر أو مياهها ولا مجال للمساس بهيبتها.. ولذلك سوف تعلم إثيوبيا جيدا من هى مصر.. وعلى المجتمع الدولى ان يتصدى لآبى أحمد وسياساته الاجرامية وتعنته ومحاولاته تجميل وجهه القبيح امام الاثيوبيين وتهديده للأمن والسلم الاقليمى والدولى واشعال المنطقة رغم انه لا يملك قدرة المواجهة ولا تتسق سياساته المتعنته واستفزازاته مع ما لديه من إمكانيات متواضعة فالغريب ان الاقزام يتحدون العمالقة والكبار.. لذلك سيتعلمون الدرس.. ويدركون من هى مصر.. القوية والقادرة على حماية أمنها القومى وحقوق ومقدرات شعبها.
تحيا مصر