الأحد 5 مايو 2024

آثار الحكيم: أسامة أنور عكاشة موهبة لم تتكرر.. وقال لي "أنت زى طابع البريد في كل عمل"

آثار الحكيم

فن10-7-2021 | 23:07

ولاء جمال

فى ظل حالة الحنين للماضي التي يعيشها المصريون منذ فترة، ما نلمسه في إلتفافهم حول المسلسلات القديمة التى تعرضها بعض القنوات الفضائية، ومنها مسلسل "زيزنيا" الذى انتهى عرضه منذ أيام على قناة on لتبدأ مباشرة قناة "النهار" عرضه هذه الأيام، وكانت ردود الأفعال على تلك أعمال التي تم إنتاجها منذ ٣٠ عاما غير متوقعة، حيث لاقت نسب مشاهدة كبيرة جدا واستحسانا من جميع أعمار المجتمع، خاصة أن الأجيال الحالية تفتقد لتلك النوعية من الأعمال الدرامية التى تحمل عمقا وقيمة، ما يعنى أنهم وجدوا أنفسهم في تلك النوعية من الدراما الثرية.

لذا كان لنا هذا الحوار مع بطلة مسلسل "زيزنيا" "آثار الحكيم"، التى اعتزلت احتراما لقيمتها ولتاريخها الفنى لكنها لاتزال تحصد آثاره حتى هذه اللحظة، وخاصة بعد ردود الأفعال الإيجابية التي تلقتها أثناء عرض المسلسل، وخاصة من الأجيال جديدة الذين لم يعاصروها الذين وجدوا قيمة ومغزى فى أعمالها.

وإلى نص الحوار..

 

- أحب أن أعرف، رغم ابتعادك عن الفن وحتى الإعلام كله، هل تتابعين ردود أفعال الناس حاليا على أعمالك التى تعرض مثل "زيزنيا" و"ليالى الحلمية".. وكيف تشاهدين نفسك بعد 30 عاما من عرض تلك المسلسلات؟

متفاجأة جداً بنفسى بصراحة وبالعمل، وأقول ما هذه العظمة، وأقول الله يرحمك يا أسامة أنور عكاشة، فأنا أترحم عليه كثيرا، لأن له بصمات فى تاريخ الدراما لن تتكرر، وكذلك المخرج جمال عبد الحميد أيامها، قلت سيكون رائد جيله لأنه "شاطر جدا" وعنده تذوق فنى جميل، إنما أنا مبهورة بالعمل ومتفاجأة بنفسي، وتأتينى تليفونات من أشخاص كثيرين وكلام رائع كأنه عمل جديد.

 

- وما سرعبقرية وتفرد أعمال أسامة أنور عكاشة بمن وجهة نظرها؟

لأن هذا أسامة أنور عكاشة.. وفى نفس الوقت التكامل الموجود في كل العناصر، فلا يوجد ممثل ليس فى دوره، "كل ممثل فى الجول".. مثلا إذا وضعتى كل السيدات اللائى بالعمل فلن تجدى واحدة تشبه الأخرى مطلقا، بمعنى أنا غير فردوس عبد الحميد تماما، غير ليس سركسيان ومعنا سيمون وأحمد السقا ومنى زكى فى الجزء الثانى، كل الناس تغيرت.

 

ولماذا تركتى "زهرة "فى ليالى الحلمية فى أجزائها الأخيرة بعد أن تعلق بها الناس؟

فى ليالى الحلمية كان إحساسى بالأمومة وإبنى أكبر من إحساسي بالفن، طفل رضيع لاحول له ولا قوة كان "علي" الطفل الثانى لى وسبحان الله هما صوروا هذا الجزء فى 11 شهرا، أول أسبوع أنا كنت خارجة للتو من الولادة، يعنى أول أسبوع ولادة قبل أن ينتهوا من تصوير هذا الجزء كنت حامل فى عبد الرحمن، لان على وعبد الرحمن كانا مثل توأم بينهما قليل من الشهور، فأيامها الامومة كانت أعلى عندى من أى شيء آخر، وفى النهاية هو ترتيب رب العالمين لأن وقتها كان يعتبر عندى مثلا ثلاث توائم "عمر" و"على" بينهما سنتين و"على" و"عبد الرحمن" أقل من سنة، ثم إننى فعلت هذا أيضاً لحق الجمهور، فهم تركوا "زهرة" هذه البنت اللطيفة النقية فجاءة يجدونها هكذا فى حجم "فيل"، فكنت لا أستطيع أبدا أن أكسر قلب الناس على زهرة، واحتراما للجمهور المفروض ألا يشاهدوا زهرة هكذا.. وكان يمكن أن استكمل الدجور لو بدأ التصوير بعد ثلاثة شهور من الولادة، كنت سادخل التصوير بعدما يكون ابنى "كبر قليلا"، وأكون  عدت لحجمى الطبيعى لكنه ترتيب الله.

رغم أن شخصيتك فى "زيزنيا" التى تعرض حاليا بنت مستهتره قليلا إلا أنك قدمتيها بشكل مختلف؟

الحقيقة أنه طوال الوقت كان هذا جزء من التحدى بالنسبة لى،  أولا سنعتبر أنها "ست دلوعة جدا" لكن "دلع بشياكة"، ولم يكن هناك ابتذال أو تذهب بك –عفوا- إلى "سكة إيحاءات جنسية"، حتى الفساتين كانت بأكمام، وبالطبع طبيعة أى دور يكون فيه البنت دلوعة هكذا ومتغطرسة جدا و"عبيطة" ولا تفهم شيئا كان لابد أن تذهب فى سكة العرى، لكنى دائما فى كل شيء وفى أعمالى أضع تحدى بأن أنجح دون أن أقدم أى تنازل بأى شكل.

 

بعض الأجيال الجديد تشاهد مثل هذه الأعمال الآن ويعجبون بها جدا، خاصة أعمال أسامة أنور عكاشة، وفنانة كبيرة مثلك، ما سر تفرد أعمال الزمن الجميل؟

أولا السر يكمن في مؤلف قوى مثل أسامة أنور عكاشة –رحمه الله- لأن جمله دروس وتحليل نفسى للنفس البشرية ولا توجد شخصية مثل الأخرى، فقد كان يقدم الشخصية بشكل علم نفس ويبرر فى الحوارات ويشرح ما داخل النفس، فتشعرين كأنك جالسة أمام دكتور نفسى، وهذه الاشياء داخنا جميعا، فالنفس البشرية واحدة فى كل عصر، وهذا سر عبقريته وليس هذا فقط، ولكن الربط والتضفيرة للجانب السياسى لوضع المجتمع آنذاك.. فهو ماهر جدا في  ربط و"تضفير" تحليل المجتمع وتحليل شرائح المجتمع بكل طبقاته سياسيا وإجتماعيا ونفسيا، فهو يحلل ويشرّح المجتمع والنفس البشرية حسب كل شخصية وطبقته، فطبقة "جوفاني"غير طبقة "بشر عامر" الذى لديه الخليط بين الأجانب والمصريين، غير طبقة "حمدى غيث" وأخواته غير طبقة هايدى وصديقتها اليونانية، هذا هو أسامة أنور عكاشة وموهبته وذكاءه في الربط والتحليل والتشريح المجتمعى على المستوى السياسى والإنسانى والإجتماعى ثم تحليل النفس البشرية كعلم نفس، لا أحد لديه هذا كله غير أسامة أنور عكاشة، وتجدين كل ما أقوله متجسدا فى كل أعماله "أرابيسك" أو "زيزنيا" أو "الرايا البيضا" و.. مع كامل احترامنا لكل المؤلفين الآخرين، وأنا أحبهم أقدرهم جميعا فهم عباقرة أيضاً لكن لـ"كل واحد سكته" محمد صفاء عامر ومحمد جلال عبد القوى.

 

هل تعتقدين أن هذا سر إلتفاف الناس وإعجابهم بـ"زيزنيا" الآن و"ليالى الحلمية"؟

طبعا فيه عمق فى الدراما وفيما يقدم وتشريح نفسى فلا يوجد أحد ممايشاهدون زيزنيا أو ليالى الحلمية لايجد نفسه من يعيش فى إمبابة سيجد نفسه هناك فى الزنانيرى ومن يعيش فى الزمالك سيجد نفسه مثلا مع إيدى وجومانى فى تشريح للنفس بكل الطبقات الإجتماعية وتحليل سياسى فى نفس الوقت.

 

ما الفارق بين أسامة عكاشة والآن؟

  • الفارق أن ما يقدم الآن حواديت.

لماذا كان يحب أسامة أنور عكاشة آثار الحكيم فى أعماله؟

أسامة انور عكاشة كان يرى بخبراته أن لدى موهبة حقيقية وانا لا أنسى جملة قالها فى مؤتمر إعلامى ثقافى: "آثار الحكيم بصمة طابع البريد فى أى عمل يتعمل".. لكن أنا لم أكن أشعر بحجم موهبتى ولا بحجم قيمتى أو بشكلى ولا كل هذه النعم التى أنعم الله بها عليّ؛ لأننى إذا كنت شعرت كان لازم "هتغر".

 

وهل تشعرين أنك الآن تحصدين آثار أعمالك؟

إجابتي هي آية قرآنية في سورة "يس" أقولها لكل صحفى أو كاتب أو أستاذ فى الجامعة ولكل ممثل أو مخرج ولكل العصور "إنا نحن نحيى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه فى إمام مبين".