الثلاثاء 30 ابريل 2024

رمضان الأصغر.. فضل صيام التسع من ذي الحجة (فيديو)

رمضان الأصغر.. صيام التسع من ذي الحجة (فيديو)

الهلال لايت 16-7-2021 | 09:30

نهلة الناقة


 

طُرق السفر الطويلة، لابد لها من استراحات وأماكن إعادة شحن للطاقة؛ لاستكمال السبيل نحو الهدف، هكذا هي حياتنا، رحلة طويلة على طريق سفر وعر، يتخللها ابتلاءات مختلفة وموجعة، تستنفد طاقتنا وتجعل قلوبنا مَسكنًا للحزن واليأس - معاذ الله- ولأن الله رحمن رحيم، جعل لنا محطات نضع فيها رحالنا ونسترخي، لنعيد شحن أنفسنا ونتعافى من ضربات القدر.

نجلس يوميًا خمس مرات، نُعيد الشحن في الصلاة، وهي أقرب محطات الشحن وأسرعها، ثم نقيم شهرًا كاملًا في استراحة رمضان المبارك حتى نملأ البطاريات طويلة المدى، ولكن بين هذا وذاك محطات متوسطة لمن خارت قواه في منتصف الطريق، وأبرز هذه المحطات هي صيام العشر من ذي الحجة، كثرت الأقاويل حول سبب الصيام فيهم وبالتالي كثرت البلبلة، دعونا نتعرف على هذه الأيام المباركة وفضل صيامها.

فضل العشر من ذي الحجة

فإن الأيام العشر أفضل أيام الدنيا، وما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة صحيحة، ومن أصح هذه الأحاديث وأشهرها ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (969)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ.

وأما الصيام فيها فهو من جنس العمل الصالح، وقد ورد في فضل الصيام فيها، بخصوصه: ما أخرجه أبو داود في "سننه" (2436)، والنسائي في "سننه" (2417)، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

هل وردت مناسبات خاصة لاستحباب صيام التسع من ذي الحجة؟

لم تثبت مناسبة خاصة لأيام العشر، فقد جاءت بعض الأحاديث الموضوعة المكذوبة حول هذه المعاني، وجميعها مكذوب موضوع لا يصح منها شيء، وهذا من أشهر هذه الأحاديث:

أخرجه الشجري في "الأمالي" (1651) فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزَجِيُّ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:(أَوَّلُ رَحْمَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْأَرْضِ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ سِتِّينَ سَنَةً، وَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلٌ مَنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ زَبُورَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَابَ عَلَيْهِ كَمَا تَابَ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَشَفَ اللَّهُ الضُّرَّ عَنْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَدْلَ صِيَامِهِ السَّنَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَالسَّنَةُ الْمُسْتَقْبَلَةْ، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ دُعَاءَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ).

وغيرها من الأحاديث الموضوعة المفتراة، فلم تثبت مناسبة خاصة لأيام العشر، وإنما هي أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضل الأيام العشر والعمل الصالح فيها وخاصة الصيام ثابت من الأحاديث الصحيحة ولا يلزم ثبوت الفضل في يوم حدوث شيء أو مناسبة فيه؛ بل يكفي أن الله فضل هذا اليوم على غيره.

Dr.Randa
Dr.Radwa