الثلاثاء 14 مايو 2024

باحث مصري يحل لغز أكثر الأمراض فتكا بالبشر على مستوى العالم.. تعرف على أنيس حنا

الطبيب المصرى أنيس حنا

تحقيقات17-7-2021 | 18:52

إسراء السيد

توصل شاب مصري يدعى "أنيس حنا"، في كلية ألبرت أينشتين بـ"نيويورك"، إلى الجينات المتحكمة في شفاء جلطة القلب، أول أسباب قتل البشر في العالم، فمن هو هذا العبقري الذي استطاع حل لغز أكثر الأمراض فتكا في العالم.

 

لم تكن نشأة حنا نشأة مرفهة، فقد اتخذ العلم غاية له منذ الصغر وسعى لتحقيق أهدافه بكل جد واجتهاد، وقد ولد أنيس حنا  في أسيوط جنوبي مصر، وتخرج في كلية طب الإسكندرية عام 2017 . 

وحصل على منحة من جمعية القلب الأمريكية، لاستكمال أبحاثه في العلاج الجيني لجلطات القلب، وسعى لمعرفة كيف يمكن منع تحول الجلطة  لتوقف في عضلة القلب؟. 

وقد حصل على إشادة من منظمة القلب الأمريكية، أكبر منظمة في هذا التخصص عالميا، وقاده للحصول على تمويل مالي ضخم لاستكمال أبحاثه.

ويقول أنيس حنا طالما سمعت تعبيرا مخيفا يصاحب كثيرا من حالات الوفاة في قريتنا في أسيوط وهو الجلطة أو النوبة القلبية، والحقيقة أن جلطة القلب لها تأثير معنوي ومادي شديد على مجتمعات القرى في مصر لأن الكثير منها تبعد ساعات عن أقرب مستشفى مزود بتجهيزات متقدمة للتدخل الفوري، وغالبا يصل المرضى للمستشفى بعد فوات الأوان ، وهذا ما دفعني لكشف ما الأسباب التي تدفع للنوية القلبية.
 

أبحاث «حنا»

جاءت أبحاث حنا فى اكتشاف الجينات المسؤولة عن شفاء نسيج القلب المتضرر من الجلطة، ويقول حنا لـ"شبكة سكاي نيوز": "على مدار 4 سنوات من الأبحاث اكتشفت مع مجموعة بحثية في كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك أهم الجينات المتحكمة في التهابات و تلف عضلة القلب نتيجة الجلطة".

وأوضح  أن من أهم الجينات التي اكتشفناها تسمى Smad3، وهو جين مهم جدا في تفاعلات السيتوكين "cytokine signaling"، وتم إثبات ذلك في دراسة نشرناها في دورية سيركيولاشن ريسيرش (أبحاث الدورة الدموية)"، وهي من أهم الدوريات في مجال أبحاث القلب عالميا.

وتابع: "أدخلنا تعديلا على هذا الجين في الخلايا المسببة لالتهاب القلب cardiac macrophages) ي حيوانات التجارب، ثم أخضعناها لجلطة قلبية كما يحدث في البشر، واكتشفنا أن هذا الجين مسؤول عن تنشيط هذه الخلايا لإزالة بقايا الجزء التالف من القلب".

وبعد انتهاء عمل هذه الخلايا يسبب هذا الجين تحور خلايا الالتهاب إلى خلايا مفيدة في تثبيط الالتهاب والمساهمة في شفاء عضلة القلب، بالإضافة إلى حماية الجزء العضلي المجاور للجلطة من التلف".

وأوضح أن "رأينا تأثير هذا التعديل الجيني على وظائف القلب، وبالفعل ساهم في نجاة فئران التجارب بعد الجلطة، فقد وجدنا أن هذا الجين مسؤول عن تحسن بارز في وظائف القلب وتقليص نسبة الوفيات الناتجة عن الجلطة لأقل من النصف".

وشدد العالم الشاب على أنه "لتطوير علاج جيني لجلطة القلب يلزمنا فهم التطور المرضي للجلطة بشكل دقيق، لذلك أحد أهم اهتماماتي هو دراسة بيولوجيا الجلطة من خلال دراسة تغير أنسجة وخلايا القلب، وكيف يؤثر ذلك على وظائفه".

وأكدنا ذلك في دراسة نشرناها في الدورية الأمريكية لفسيولوجيا القلب AJP-heart عن الأسباب التي تؤدي لانفجار القلب، وهو حدث مأساوي يتسبب في وفاة مرضى الجلطة سريعا قبل الوصول للمستشفى".

العلاج 

وقال الباحث المصري في تصريحاته: "تستخدم أبحاثنا مجموعة من أحدث التقنيات، الكثير منها متاح لكن في أماكن معدودة في العالم وبعضها صمم خصيصا أبحاثنا، من هذه التقنيات المعقدة إجراء جراحات قلب مفتوح ميكروسكوبية على فئران التجارب لأحداث جلطة في القلب وهي تقنية دقيقة جدا تتعامل مع أوعيه دموية بأحجام ميكرومترية في القلب، وتقنية أخرى صممتها بنفسي ونشرت في دورية "Matrix Biology" وهي تكوين نسيج مشابه لنسيج الجلطة في المعمل لدراسة سلوك الخلايا واستجابتها للعلاج الجيني، وهذه التقنيات وغيرها تنتج كميات هائلة من البيانات، لذلك نستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي خاصة مجموعتنا البحثية قادرة على تحليل المعلومات في خلال ساعات.

وأكد الطبيب المصري أن اكتشافه مع فريقه الجينات المتحكمة في شفاء جلطة القلب يمهد الطريق للعلاج الجيني لهذا الخلل لدى البشر، ويلزم هذا خطوات أخرى قبل أن يكون العلاج متاحا، منها التجارب السريرية علي المرضى، وفي حال أثبتت فعالية وسلامة العلاج الجيني سيتم اعتماده، و"أتوقع مرور 3 إلى 5 سنوات قبل أن تنتهي هذه الدراسات والتجارب ويكون العلاج متاحا.

 وبالنسبة لسعر العلاج وتوفره، قال حنا إن "البحث العلمي مكلف جدا للحكومات وشركات الأدوية، فمثلا مجموعتنا البحثية تحصل سنويا على ما يقارب 3 ملايين دولار من وزارة الدفاع ومعاهد الصحة الأميركية، وشركات الأدوية أيضا تنفق الملايين على الأبحاث و تتوقع أرباحا من أي علاج جديد، لذلك أعتقد أن العلاج سيكون في البداية مرتفع التكلفة، لكن هذا لا ينفي أن هناك مبادرات شخصية وحكومية لتوفير هذه الأدوية بأسعار معقولة، كمثال على ذلك تعامل الحكومة المصرية مع الأدوية الجديدة لفيروس سي".

واختتم  حنا  وقال انه الان فى الطريق لتحضير زمالة أبحاث ما بعد الدكتوراة بكلية طب ألبرت أينشتين في نيويورك، وهذه الزمالة خطوة أساسية في مسيرتي لتكوين مجموعتي البحثية الخاصة بعد ذلك".

«القاتل الأول للبشر في العالم»

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أمراض القلب تظل القاتل الأول في العالم، وقد تسببت في وفاة 18 مليون شخص عام 2019 بنسبة 32 بالمئة من كل أسباب الوفاة، و85 بالمئة من الوفيات بسبب أمراض القلب كانت نتيجة الجلطات.

ويقول (حنا )أن الخطر الأكبر يتمثل في أن الدراسات العلمية تتنبأ بأن أمراض القلب ستكون "الوباء القادم"، ورغم أن أمراض القلب أكثر شيوعا في الدول المتقدمة بسبب نمط الحياة فإن النسبة الأكبر من الوفيات بسبب أمراض القلب (حوالى الثلثين) تحدث في الدول النامية، لأن كثيرا من مرضى الجلطة يصعب إنقاذهم بسبب ضعف الإمكانيات في هذه الدول.

وأوضح حنا أن "المثبت علميا أن جلطة القلب تحدث عندما ينغلق أحد الشرايين المغذية للقلب، مما ينتج عنه تلف دائم في جزء من عضلة القلب في خلال 20 إلى 30 دقيقة، في خلايا القلب حساسة جدا لنقص الأكسجين، وأثناء الجلطة يتفاعل الجسم بالتهابات شديدة في القلب في محاولة لتصليح التلف نتيجة لرد الفعل هذا، ثم يتخلص الجسم من الجزء التالف بالقلب ويستبدله بنسيج ليفي فيما يسمى تليف القلب (cardiac fibrosis) في خلال أيام من الجلطة".

وأشار إلى أن "هذا النسيج الليفي وفقا للدراسات العلمية يحافظ على التماسك الهيكلي ويمنع ضعف جدار القلب أو انفجاره، لكنه مجرد ترقيع للجزء التالف ولا يؤدي دور عضلة القلب، وللأسف في كثير من المرضى يحدث رد فعل عنيف من الجسم مما يزيد الالتهابات والنسيج الليفي يسبب مضاعفات خطيرة حتى في الجزء السليم من القلب، وفي النهاية يؤدي لضعف عام وفشل عضلة القلب".

 

Dr.Radwa
Egypt Air