في أثناء اعتصاميْ "رابعة" و"النهضة" منذ ثماني سنوات مضت، وقُبَيْل حلول عيد الفطر المبارك بأيام، أطل علينا وجهان كئيبان لا يعرفان للإسلام قيمة، ولا لإرادة الشعب مكانة، ولا لرموز مصر قامة، الأول القيادي الإخواني محمد البلتاجي الذي أدلى بتصريحٍ خطير ذكر فيه أن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي يعود فيها محمد مرسي إلى قصر الاتحادية.. فردوس الإخوان المفقود، في حين صرح القيادي الإخواني صفوت حجازي بتصريح زف بشرى عظيمة لمعتصمي "رابعة" و"النهضة" ولشراذم الإخوان في الدولة المصرية، وتمثلت هذه البشرى في أن "الأخوات" قررن أن يصنعن كعك وبسكويت العيد وأن الجماعة سوف توفر لهن الإمكانات الخاصة بذلك في مكان الاعتصام..!.
ورصدت بعض المواقع الإخبارية وقتها مجموعة من الإجراءات التي لجأ إليها قادة الاعتصام، للمطالبة بعودة المعزول محمد مرسى للحكم مرة أخرى، وتوفير عدة سيارات قامت بنقل العشرات من المحافظات المختلفة إلى محيط الاعتصام للإيحاء بتزايد المعتصمين، ولتعويض النقص العددي خاصة مع رحيل عدد من المعتصمين مقر الاعتصام للاحتفال مع أسرهم بالعيد.
وتمثلت هذه الإجراءات في قيام الشباب المعتصمين بالميدان بتقسيم أنفسهم إلى عدة فرق للعب الكرة عند أطراف الميدان, مع الحرص على وضع الزينة في بعض زوايا الاعتصام.
وحرصت اللجان الشعبية على تهنئة الوافدين إلى الاعتصام وتوزيع عليهم بعض قطع "الكعك والبسكويت" والذين أطلقوا عليه "كعك مرسى".
أما داخل الاعتصام فتواجد عديد من "الأخوات" اللاتي قمن بعمل البسكويت والكعك للمعتصمين بعد توفير الأدوات الخاصة لهم من قبل "لجنة النظام".
وقام المعتصمون بكتابة عديد من العبارات السياسية بالسمن والسكر وتسويتها والتي تنوعت ما بين التأييد للرئيس المعزول وبين الهجوم الشديد على الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة وقتها ومنها "كحك العيد يا كحك العيد ومرسي راجع من جديد".
وأكد عضو بلجنة النظام أن الكعك والبسكويت يتم توزيعهم بالمجان على المعتصمين حتى يشعروا بجو العيد، مؤكدًا أن المنصة شددت على توفير كامل مطالب المعتصمين في عيد الفطر.
ومن بين المساخر، خروج مسيرة كانت تضم العشرات من "الأخوات" بميدان رابعة العدوية إلى شارع الطيران حيث قمن بإنشاء خيمة كبيرة هناك لعمل كحك العيد بها، وقاموا بترديد هتافات "كحك العيد يا كحك العيد مرسي راجع بكره أكيد" ، "البسكوت ويا العيدية ومرسي معاه الشرعية".
وقام أنصار الرئيس المعزول بجلب مستلزمات الكحك والبسكويت لعمله في الخيمة، مؤكدين أن العيد في "رابعة" سيكون مختلفًا وأنهم سيقومون بشراء الألعاب والمراجيح ووضعها بالاعتصام يوم العيد. ومن مساخر الإخوان إلى سخرية نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الذين التقطوا صور علب الكحك والبسكوت المطبوعة باللون "الأحمر" ومكتوب عليها "النهضة.. كحك وبسكويت"، ليتندروا على الإخوان في فترة حكمهم الفاشل للدولة المصرية ويقولوا إن "مشروع النهضة" طلع كحك وبسكويت.
ورغم العادات والتقاليد المصرية الأصيلة تقضي بعدم الاحتفال بالمناسبات السعيدة والعزوف عن الابتهاج بالأعياد عندما يكون هناك حالة وفاة داخل العائلة، ويتم التخلي عن مظاهر الاحتفال مثل "الكحك والبسكويت" في عيد الفطر المبارك، وذلك كنوع من أنواع الحداد على الفقيد، إلا أن جماعة الإخوان أصرت على الاحتفال بالعيد وعمل الكحك والبسكويت داخل اعتصامهم في المكان الأقرب للرقعة التي سال على أرضها دماء من نزلوا للدفاع عنهم، بعد أن غرروا بهم باسم الدين.
ولعل اختيار اللون "الأحمر" كان دالاً في مشهديْن بالنسبة لجماعة الإخوان: المشهد الأول أنه كان خلفية صورة المرشح محمد مرسي في حملته الرئاسية، وهو ما تبدى جليًا في إراقته لدماء المتظاهرين على أسوار قصر الاتحادية، والمشهد الثاني هو طباعة علب كحك وبسكويت "النهضة" باللون الأحمر، وكأن هذا الكحك والبسكويت كان مغموسًا بدم من استشهد أمام أسوار "الاتحادية" في عهد هذه الجماعة الإرهابية، وبدم من دفعهم الإخوان من المرتزقة لمهاجمة أحد المقرات العسكرية "الحرس الجمهوري" لتحرير رئيسهم المزعوم، وبدم من استشهدوا في سيناء من رجال الجيش والشرطة بعد عزل الرئيس الإخواني على أيدي الإرهابيين الذين جلبتهم الجماعة من كل بقاع الأرض ليكونوا سندًا لها وظهيرًا ضد الشعب المصري وجيشه وشرطته.
ورغم أن هذه الأحداث مرت عليها سنوات، إلا أن جماعة الإخوان لا زالت تحتفل بعيد الفطر في ذكرى اعتصاميْ "رابعة" و"النهضة"، ولا زال أفرادها يصنعون الكحك والبسكويت مغموسًا بدماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة والقضاة ورجال الدين المسيحي، وتفوح منه رائحة الموت، بل ويحتفلون مع كل حادثة يقع فيها شهيدٌ جديد شماتةً في مصر التي لا تعنيهم، وشماتةً في المصريين الذين خلعوهم.
ألم يأن لجماعة الإخوان أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق وتعي حُرمة الدماء، بدلاً من اللهث وراء الشيطان، ألم يأن لجماعة الإخوان أن تدرك معنى كلمة "وطن"..!.. ولكن كيف يتأتى ذلك من جماعة تُحلل المثلية الجنسية؟!، ولذلك قصةٌ لا بد أن تُروى.
فقد أقامت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس العموم البريطاني جلسة استماع لقيادات الإخوان المسلمين، لاستجلاء علاقتهم بالتطرف في ضوء التقرير الذي أعدته لندن عن مدى علاقة الجماعة بالتطرف والإرهاب والذي لم يعلن عنه رسميًا حتى الآن.
وحضر من قيادات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إبراهيم منير نائب المرشد للجماعة في مصر، ومروان مصمودي، مستشار زعيم حركة النهضة في تونس راشد الغنوشي، وأنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة ومن أبرز القيادات للحزب الإسلامي (الإخواني) في العراق، ووالده أسامة التكريتي الرئيس السابق للحزب الإسلامي، كما حضرت سندس عاصم وكانت منسقة الإعلام الخارجي في مكتب الرئيس المعزول محمد مرسي، وصدر حكم الإعدام بحقها غيابيًا في مصر.
والمُخزي والمُزري في آنٍ واحد، أنك تكتشف إلى أي مدى لا يوجد لهذه الجماعة عقيدة أو مبدأ، وأنها تتكلم بألسنةٍ حداد مع الشعب المصري وبألسنةٍ أشد حدة عن نظام الحكم في مصر، في حين تتكلم كلامًا لينًا يقطر عسلاً وشهدًا عند الإجابة عن أسئلة أعضاء مجلس العموم البريطاني، وهى أسئلةٌ كثيرة طرقت موضوعاتٍ عدة سنعود إليها في مقالات قادمة.
ولكن أكثر ما جعلني أشعر بالغثيان في نهار رمضان وأنا أقرأ تفاصيل هذه الجلسة الأنجلو – إخوانية أن مبادئ الجماعة أصبحت كـ "الأستك" تستطيع أن تجعله مرنًا بقدر ما تحقق به هذه المرونة مصالحها دون النظر للعقيدة والتقاليد الشرقية، ولا حتى مبادئ حسن البنا الذي ذهب وترك لنا كل هذه الانتهازية السياسية المتلفحة بعباءة الدين والتقوى والورع. لقد أوحى الإخوان لأعضاء لجنة الاستماع بمجلس العموم البريطاني بأن مبادئ جماعة الإخوان تتسم بالمرونة وقابلة للتفاوض، بدايةً من الشريعة مرورًا بالديمقراطية والمرأة وانتهاءً بالمثليين.
وأرجو ألا تندهش عزيزي القارئ أو تفتح فمك دهشةً واستغرابًا، أو تعتقد أنني أتحامل على الجماعة، فللأسف هذه هي الحقيقة المُرة والوجه القبيح للجماعة التي لا دين لها ولا مبادئ ولا أخلاق، بل كل مبتغاها عَرَضُ الحياة الدنيا وزينتها، والوصول إلى قصور الحكم وكراسي السلطة الزائلة. هل هناك مسخرة أو "استربتيز" سياسي حقير أكثر من هذا.
هل يليق بجماعة تدعي التدين والتُقى والورع أن تُخضع نصوص الشريعة والاعتراف بالمثليين للتفاوض، هل يفاوض الإنسان على دينه وتقاليده ومبادئه وأخلاقياته، هل أصبحت الشريعة سلعة تُباع وتُشترى في محلات "هارودز" في بريطانيا، هل يذهب نائب مرشد مصر وقيادات الجماعة في تونس والعراق إلى حديقة "الهايد بارك" ليشاركوا في مظاهرة للمثليين تأييدًا لهم ودعمًا لعدم حصولهم على حقوقهم كاملة في بلاد الإنكليز..!.
من الواضح أن قيادات الجماعة الملعونة ذهبت إلى مجلس العموم، وهى تنوى أن تخلع ملابسها قطعةً قطعة في مشهد غير مسبوق يُندي له الجبين ويُجسد مدى الضعف والهوان الذي وصلت إليه الجماعة، ولكن هل هناك في جسد الجماعة ما يُغري أحدًا بالتحرش جنسيًا بها، أو ممارسة المثلية الجنسية معها، وهل توافق الجماعة على ذلك دعمًا لحقوق المثليين في بريطانيا والعالم.
أعتقد أن كل خطى الجماعة وخطابها الممحون للغرب عامة والإنكليز خاصةً سوف يقودها إلى وكر الملاذات والتهتك على قارعة كل طريق في أوروبا، اعتقادًا منها أن هذا سيُرضي أسيادهم القدامى من الإنكليز وأسيادهم الجدد من الأمريكان ناهيك عن إسرائيل التي يوجد في عاصمتها شارع كامل للشواذ أنصح الإخوان بالذهاب إليه للتضامن مع حقوق المثليين هناك.
والدليل على دعم الإخوان لحقوق الشواذ أو المثليين أو على الأقل مغازلة الغرب من هذه الزاوية، قيام محمد سلطان ابن القيادي الإخواني د. صلاح سلطان بالتفاعل الفوري على شبكات التواصل الاجتماعي مع مجزرة الشواذ الأمريكيين التي وقعت في أورلاندو.
وفي حين أن أحد القساوسة الأمريكان المتدينين ذكر أنه كان يتمنى سقوط عدد أكبر من الشواذ في هذه المجزرة عقابًا لهم من الرب على فعلتهم التي لا يقرها الكتاب المقدس، إلا أن محمد سلطان الإخواني ابن الإخواني كان متضامنًا مع شواذ أورلاندو، فكتب على تويتر: "كلنا أورلاندو".. هل هناك تهتك ديني وأخلاقي أكبر من هذا.
وقد قام هذا الشاب الإخواني المتهتك محمد سلطان المفرج عنه صحيًا من السجن في مصر بزيارة إلى بريطانيا، طاف فيها بعدة معاهد وجامعات ومنظمات إنجليزية، وشارك بعدد من الفاعليات في لندن حكى فيها للبريطانيين تجربة عامين قضاهما في المعتقل وصنوف العذاب التي مورست معه منذ فض اعتصام "رابعة"، و490 يوما من الإضراب عن الطعام حتى نال حريته.
وهذه هي آخر الرأفة والعطف واللين مع هؤلاء الأشرار الذين لا يريدون للوطن خيرًا.. تُحسن إليهم فيسيئوا إليك وإلى وطنهم، ويقومون بابتذال العواطف والمشاعر في الغرب بحجة التعذيب الوهمي الذي لا يوجد سوى في مخيلاتهم المريضة.
نحمد الله أن هذا الإخواني المتهتك لم يدّعي – كما ادعى بعض قادته من الجماعة الممحونة - أن السجانين اغتصبوه في السجن تمامًا كما هو الحال في أورلاندو.. وإنه لما كشف .. لقى نفسه حامل..!!.