الثلاثاء 21 مايو 2024

جمال شقرة: ثورة 23 يوليو غيرت وجه الحياة في مصر

الدكتور جمال شقرة

أخبار22-7-2021 | 15:18

أماني محمد

قال الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، إن ثورة 23 يوليو هي ثورة عظيمة من ثورات التاريخ المصري ويجب التأكيد على أنها حلقة من حلقات الحركة الوطنية المصرية قام بها ضباط وطنيين بعد تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، مضيفا أنه يجب العودة إلى ما قبل الثورة للتأكد من مدى عظمتها.

وأضاف شقرة، في تصريح لبوابة دار الهلال، أن ثورة 23 يوليو أعظم من الثورة الفرنسية وبمقارنته بما حققته من إنجازات فهي من أعظم ثورات الشعب المصري يليها ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن مصر قبل عام 1952 اجتمع فيها الفقر والجهل والمرض فكان هناك إجماعا أن مصر تمر بأزمة على كافة الأصعدة سياسية واجتماعية وسياسية واقتصادية.

وأكد أن هذه الأزمات مجتمعة كانت تنذر بتحول مصر لدولة فاشلة، فأسوأ 10 سنوات في تاريخ الملكية في مصر هي الـ10 سنوات التي وقعت بعد عام 1942 منذ حادث 4 فبراير ومحاصرة الدبابات البريطانية قصر عابدين وأزلت الملك وأهانت العلم المصري ومصر كلها، وعاشت مصر بعدها 10 سنوات من أسوأ سنواتها.

وأوضح: "على المستوى الاقتصادي كانت مصر تعاني من انحراف الميزان التجاري والبنيان الإنتاجي فكان الاقتصاد قائما على الزراعة فقط والاعتماد على محصول فقط هو القطن، وكان القطاع الصناعي والتجاري متردي، وكان على قمة الهرم الاجتماعي طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعي التي استحوذت على الثروة والسلطة معا في مجتمع كان يوصف بمجتمع النصف في المائة وحرم الشعب المصري من ملكية الأرض".

وتابع: "كان هناك هوة اجتماعية قاتلة بين كبار الملاك والرأسمالية المصرية والاجتماعية وكذلك الطبقة الوسطى وبقية المجتمع المصري"، مضيفا أن النظام الملكي حاول أن يعالج القضية الوطنية وتحقيق حلم الشعب المصري في الحرية والاستقلال لكنه فشل، وكذلك حاول حل المسألة بالتحكيم الدولي ففشل أيضا وكذلك فشل في علاج مشكلة الفقر وتدني المستوى الاجتماعي المصري، وكان الشعب المصري يوصف بأنه "شعب حافٍ" بسبب انتشار الحفاء في الريف في أمر كان يمثل إهانة شديدة للمصريين، وهو أمر موثق بالصور في دوريات هذه الفترة الزمنية".

وأكد أستاذ التاريخ الحديث أنه لم يكن هناك مفرا من حدوث الثورة فبعض التقارير الأمريكية وغيرها من تقارير المخابرات الأجنبية توقعت أن مصر على شفا فوضى بسبب تردي الوضع حينها، حيث توقعت قيام الثورة على يد الضباط الوطنيين في الجيش المصري، وهو ما حدث بالفعل بنجح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار من الضباط التسعة سنة 1945.

وعن الخطوة التالية، أكد شقرة أنه بعد ذلك بدأ التنظيم يضم الضباط الوطنيين إلى تنظيمه فوصل عددهم إلى 99 ضابطا تقريبا وهم من قاموا بثورة 23 يوليو، مضيفا أن المبادئ التي رفعتها ثورة 23 يوليو هي التي منحتها عند التطبيق وصف الثورة، فهناك فارقا بين الثورة والانقلاب، لأن الانقلاب لا يغير تغييرا جذريا في المجتمع لكن الثورة توصف بأنها غيرت وجه الحياة في مصر، حيث أُلغيت الألقاب والرتب والنياشين وصعدت الطبقة الوسطى لتحل محل طبقة كبار الملاك.

ولفت أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر إلى أن الثورة انحازت منذ 9 سبتمبر 1952 إلى الفقراء في الريف المصري بإصدار قانون الإصلاح الزراعي الأول وهو القانون الذي منحها صفة الثورة، بعد أن كان هناك خلافا بين المفكرين حينها حول وصف الثورة بأنها ثورة أو انقلاب، لكنهم بعد تنفيذ الثورة الكثير من إجراءاتها مثل تحديد ملكية الأراضي الزراعية تغير رأي المفكرين في الشرق والغرب بأنها ثورة قامت على يد الضباط الوطنيين.

 

مبادئ الثورة

وبشأن مبادئ ثورة 23 يوليو، قال شقرة إن هناك 6 مبادئ أرستها الثورة منها القضاء على الاستعمار وأعوانه وهو أمر تحقق بالفعل وانتهى الأمر بعقد اتفاقية الجلاء وطرد البريطانيين من مصر بعد العدوان الثلاثي عام 1956، أما المبدأ الثاني وهو القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم هو مبدأ أيضا تحقق بالتدريج بعد عام 1957 بالانتقال إلى النظام الاشتراكي وطرد الطبقة الرأسمالية الرافضة للتعاون مع الثورة في مرحلة المشروعات الحرة بين 1952 و1957، وكذلك القطاع على الإقطاع وهو ما تحقق بقوانين الإصلاح الزراعي.

وعن المبادئ الثلاثة الأخرى والخاصة بالبناء كان أولها بناء جيش وطني قوي، فأكد أن هذا المبدأ هو من أهم المبادئ التي نجحت ثورة 23 يوليو في تنفيذها وأصبح لمصر جيش وطني قوي، فنجح عبد الناصر  في تنويع مصادر السلاح بعقد صفقة الأسلحة التشيكية وكسر احتكار الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد مصر بالأسلحة، وهو الجيش الذي نفتخر به حتى الآن فرغم ضربه في مؤامر يونيو 1967 حقق انتصارا عظيما في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، وهو الجيش الذي طوره الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ثورة 30 يونيو ليصبح من أقوى جيوش المنطقة ليحافظ على استقلال مصر وسلامة أراضيها.

وتابع: المبدأ الثاني في هذا الشأن وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة، حيث ركزت 23 يوليو على الديمقراطية الاجتماعية، وفشلت في الديمقراطية السياسية، أما المبدأ الأخير هو إزالة الفوارق بين الطبقات، فنجحت الثورة في إقرار مجانية التعليم وأعطت للطبقة الوسطى المصرية الحراك الاجتماعي فصعد بالتعليم جحافل من أبناء الطبقة الوسطى في الريف والمدينة المصرية ليتعلموا في الجامعات المصرية وليرتقوا محل الوظائف التي كانت تسيطر عليها الجاليات الأجنبية بعد طردها سنة 1956، فهناك 10 آلاف وظيفة كان يحتلها الأجانب لكن بعد تأميم قناة السويس وحركة التمصير التي قامت بها عبد الناصر بعد عام 1956، حصل على هذه الوظائف المصريين وانتشروا في مؤسسات الدولة ليقضوا ولو نسبيا على في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء فتراجع التفاوت الطبقي الشديد كما كان قبل الثورة.

وأكد أن عبد الناصر بدأ تنفيذ مشروعات عظيمة منها تنفيذ ألف مصنع ومنها مصنع للحديد والصلب والألومنيوم وغيرها من المصانع التي ساهمت في تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، وكذلك على المستوى السياسي ارتقت مصر مكانة عالية جدا، موضحا أن عبد الناصر كان يرى أن استقلال مصر منقوصا إذا لم تستقل بقية الدول العربية حيث أيد حركات التحرر الوطني في القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتبنى مبدأ عدم الانحياز بين الكتلتين المتصارعتين إبان الحرب الباردة الشيوعية والرأسمالية.

واختتم: فهذه الثورة أدت إلى تحولات جذرية رفعت مصر إلى مكانة عالية ولعل هذا ما دفع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى استهداف جمال عبد الناصر ووضع الخطط لاغتياله بين عام 1957 ثم 1967 والمؤامرة على ضرب الجيش المصري في يونيو 1967، لكن عبد الناصر قبل أن يرحل أذل إسرائيل في حرب الاستنزاف ووضع الخطط لعبور قناة السويس، حتى جاء أنور السادات وكان قرار العبور في 1973 الذي كان حصاد بناء الجيش المصري القوي.