الإثنين 29 ابريل 2024

«انتشار الجرائم الأسرية».. «خبراء»: قديمة منذ عهد قابيل وهابيل.. والتوعية الفردية هى الحل

الجرائم الأسرية

تحقيقات25-7-2021 | 22:01

إسراء خالد

انتشرت الجرائم الأسرية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، فأصبحنا كثير ما نسمع عن قتل زوج لزوجته، أو قتل الزوجة لزوجها، أو قتل الابن لوالده، مما يبرز وجود فجوة في العلاقات الأسرية، وافتقاد العلاقات الطيبة بين الأهل.

وتتعدد أسباب المشكلات الأسرية، التي قد تتفاقم، وتصل إلى حد القتل، نتيجة عدم القدرة على التحكم بالأعصاب، والقيام بسلوكيات عنيفة بشكل غير واعي.

وذكر خبراء، أن السوشيال ميديا ساعدت بشكل كبير في نشر حياة الناس على الملأ، والتشهير بمشاكلهم، والجرائم الأسرية التي يتعرضون لها، بالإضافة إلى أن افتقاد القدرة على التصرف بشكل سليم، والتحكم بالأعصاب، هما السبب الأساسي في انتشار الجرائم الأسرية، وقتل الأزواج.

 

نشر حياة الناس على الملأ

في  هذا السياق، قال الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن الجرائم الأسرية قديمة قدم الإنسان ذاته، فمنذ أيام قابيل وهابيل، والجرائم الأسرية كامنة، ولكن السوشيال ميديا هى التي أظهرت تلك الجرائم، وسلطت الضوء عليها.

وأوضح "قناوي"، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن السوشيال ميديا ساعدت بشكل كبير في نشر حياة الناس على الملأ، والتشهير بمشاكلهم، والجرائم الأسرية التي يتعرضون لها، منوهًا إلى أن البيئة الاجتماعية التي نعيش بها أصبحت تروج لهذا النوع من الجرائم، من خلال ما تفتعله الدراما، والأفلام، والسوشيال ميديا، من تسهيل لعمليات القتل، والإيحاء بسهولة ارتكابها، وتجسيد القاتل في دور البطل، فأصبحت الأعمال الفنية بشكل كبير لا تخلو من مشاهد العنف والقتل.

 

استعادة العلاقات الأسرية الطيبة

وشدد على أن الألعاب الإلكترونية لم تخل أيضًا من العنف والقتل، مما يساهم في غرس العنف بالأطفال منذ الصغر، مشيرًا إلى أن الحد من ظاهرة الجرائم الأسرية يكمن في العودة للدين، والأساس الأخلاقي، وتحجيم أدوار السوشيال ميديا في نشر الخلافات، والجرائم الأسرية، وجعلها على الملأ، مما يعطي إيحاء بسهولة ارتكاب الجرائم، ودفع من يتابعها إلى السير على نهجها، سواء بقصد أو بدون قصد.

ونوه إلى أن إخراج مشاكل الأسرة خارجها، بحجة البحث عن حلول، يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم المشكلة، وتوحي بعد الثقة بالذات في حل المشاكل، بالإضافة إلى سوء الاختيار الأولي، وإظهار طرفي الخلاف في صورة سيئة.

وناشد أستاذ كشف الجريمة، بضرورة التقليل من مشاهد العنف، والقتل في الأعمال الدرامية، والتركيز على القدوات الحسنة التي تغرز قيم محمودة في الأجيال، بالإضافة إلى تعظيم دور الكنيسة والمسجد، في رفع الوعي حول حسن الاختيار، والتفاهم، وإبقاء مشاكل الأسرة بداخلها، والحث على التعامل الحسن؛ لاستعادة العلاقات الأسرية الطيبة.

أسباب المشاكل الأسرية

وفي سياق متصل، قالت أسماء حفظي، استشاري علاقات أسرية، إن افتقاد القدرة على التصرف بشكل سليم، والتحكم بالأعصاب، هما السبب الأساسي في انتشار الجرائم الأسرية، وقتل الأزواج.

وأوضحت "حفظي"، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن المشاكل الأسرية تتعدد أسبابها، ومن بينها اتباع الزوجان سلوكيات خاطئة في حل المشاكل التي يتعرضون لها، وإخراجها خارج المنزل، وإشراك بقية العائلة بها، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل، منوهًة إلى أن عدم مراعاة الزوجان للسلوكيات، والكلمات التي تغضب الطرف الآخر، قد تدفعه للتصرف بشكل عنيف، وافتقاد القدرة على التحكم في سلوكياته، وتفاقم المشكلات الأسرية إلى درجة لا يمكن توقعها.

وأشارت إلى أن افتقاد القدرة على التصرف في المشاكل المنزلية مثل المشاكل المادية، والتعامل معها بشكل خاطئ، تؤدي إلى إحساس الزوج بالتهميش، وأنه ما هو إلا مصدر للإنفاق، وإحساس الزوجة بأن زوجها مقصر في حق المنزل، أحد أهم الأسباب لتفاقم المشكلات الأسرية.

التوعية الفردية

وأكدت أنه توجد العديد من الوسائل للحد من ظاهرة الجرائم الأسرية،  من بينها التوعية النفسية، والتوعية الفردية، لكل فئة على حدة، كأن نوعي الأطفال، والرجال، والنساء، كلًا منهم بشكل منفرد، لتوعيتهم بشكل سليم بكيفية القيام بدورهم على أكمل وجه، وإخراج أفضل ما فيهم، بالإضافة إلى التركيز على كيفية التحكم بالأعصاب والسلوكيات، والتصرف بشكل واعي في مختلف المواقف.

وشددت على ضرورة مراعاة، وتفهم الحالة النفسية لكل من الزوجين، والتصرف وفقًا لها، وعدم التطرق لأي سلوك أو نقاش لا يتلاءم مع الحالة النفسية الحالية للزوجين، منوهًة إلى أن جرائم القتل لا تقتصر فقط على جرائم القتل داخل الأسر، بل أصبحت ظاهرة القتل منتشرة بشكل كبير، والدافع الأكبر لها، هو عدم القدرة على التحكم بالذات، والتصرف بشكل غير واعي.

وتابعت حفظي: "التوعية الفردية هي جوهر القضاء على جرائم القتل، وتوعية كل فئة على حدة، بالدور المطلوب منه، وكيفية القيام به على أكمل وجه".

واختتمت استشاري علاقات أسرية تصريحاتها، بالإشارة إلى ضرورة الاهتمام بتوعية الأفراد، وتدشين العديد من الحملات التوعوية، التي تركز على توعية الفرد بالتحكم في ذاته، مثل مبادرة مودة، التي تركز على الحياة الأسرية، وكيفية التعامل معها، والطرق السليمة لمواجهة المشكلات، وكيفية تجنبها، منوهًة إلى ضرورة تركيز الأعمال الفنية على الجانب الإيجابي بالحياة الزوجية، وتوضيح كيفية حل المشكلات، وخلق زوجان حكيمان، وعدم تسليط الضوء فقط على الجانب السلبي، وإبراز المشكلات، وتجسيد الطرف المتسامح الحكيم، بأنه شخص ضعيف، وحقه مسلوب.

المسخ الثقافي

ومن جانبه، قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إن الثقافة المجتمعية وما تشمله من القيم الأخلاقية، والدينية،  تعرضت للتشويه، من خلال الاقتداء بالثقافات الآخرى، فلم نتمكن من المحافظة على الثقافة المصرية القديمة، ولا اكتساب الثقافة الجديدة بشكل مرغوب به.

وأوضح "فرويز"، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن الثقافة المجتمعية دخلت في حالة من المسخ الثقافي، وانهارت القيم الأسرية، والعلاقات الطيبة بين الزوجين، وبينهم وبين الأبناء، وانعزال كل منهم عن الآخر، وانهيار العلاقات القائمة بينهم، والتسبب في فجوة كبيرة، بالإضافة إلى انهيار جزء كبير من القيم الدينية، وافتقار التمتع بالسلوكيات المحمودة، والتي حثت عليها الأديان.

العلاقات الأسرية فقدت قيمتها

وأكد أن العلاقات الأسرية فقدت قيمتها، وانهارت مكانة الأب، والأم، والزوجة، مما يدفع الأبناء للحصول على معلوماتهم، من الميديا، والتي تزخر بمشاهد العنف، والقتل، والاعتداء على الأهل، وقتل الأزواج لبعضهم، وتجسيدها في صورة عادية، وأنه أمر هين، مما يدفع البعض للقيام بالسلوكيات التي يرونها، منوهًا إلى أن الميديا بشكل عام تلعب جزء كبير في تكوين قيم الفرد، وفي حالة افتقار الفرد للثقافة فإنه يميل لتقليد ما يشاهده.

وأشار إلى أن الولع بالتقليد أحد أهم الأسباب الأساسية لتفاقم جرائم القتل، خاصًة إذا تسببت جريمة القتل في إلحاق الشهرة بالجاني، مما يدفع المهوسين بالشهرة إلى القيام بنفس الجريمة، أو جريمة مشابهة لها، لجني الشهرة، بصرف النظر عن العواقب التي ستلحق بهم.

وأضاف "فرويز": "إن ما نشهده الآن من جرائم أسرية بمثابة جرس إنذار ينذر بأن الأسوء قادم، مما يحتم ضرورة توخي الحذر والاهتمام بنشر الوعي حول كيفية إحياء العلاقات الأسرية الطيبة، والتحكم في السلوكيات، والتعامل مع المشكلات بشكل واعي، من خلال جميع الجهات المعنية، ومن أهمها وزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم، ووسائل الإعلام، والكنائس، والأزهر الشريف، والقيام بالدور المطلوب منهم على أكمل وجه".

اقرأ أيضًا:
الدكتور فتحي قناوي: الجرائم الأسرية قديمة.. والسوشيال ميديا وراء الترويج لها

يوم «هابيل وقابيل».. 3 جرائم قتل أشقاء تهز مصر في 24 ساعة

بسبب 1000 جنيه.. أخ يُنهي حياة شقيقه بسلاح أبيض في الإسماعيلية

Dr.Randa
Dr.Radwa