لم تفلح كل محاولات استدراج أو جر مصر.. لكن ما نريد أن نؤكد عليه وأثبته التاريخ وقاله الرئيس السيسى، إنه كلما سعت مصر إلى التقدم حاولوا كسر قدميها؛ لذلك فإن مصر استوعبت الدرس وقرأت التاريخ وخرجت بدروس مستفادة وامتلكت القوة والقدرة والثقة على حماية مشروعها الوطنى فى التقدم وأيضاً الحفاظ على حقوقها.
وجاء الأداء المصرى فى ملف «سد النهضة» الإثيوبى نموذجاً للعبقرية المصرية، وتجسيداً لحكمة القيادة السياسية.. فلم يكن الملء الكاذب.. والسد «الفنكوش» إلا محاولة لاستدراج مصر لضرب مشروعها الوطنى.. فى كل الأحوال لن تسمح مصر بتهديد أمنها المائى بأى حال من الأحوال.. فذلك هو «الخط الأحمر».
«كلما سعت مصر إلى التقدم حاولوا كسر قدميها».. دروس وعبر من التاريخ
مصر عصية على الانكسار وأذكى من أن تستدرج إلى فخ أو مستنقع، لن تفلح كل محاولات ومؤامرات ضرب المشروع المصرى للبناء والتقدم والجلوس فى الصفوف الأولى من العالم المتقدم.. مصر على مشارف تنفيذ الحلم لأن لديها قيادة سياسية تؤدى بشكل مبهر على المسرح السياسى سواء على مستوى الإقليم أو على الصعيد الدولى؛ أداء يتسم بالحكمة والحنكة والقدرة على التعرف عن كثب على نوايا الخصوم والأعداء.. مصر تلعب «جيم» عبقرياً فى الشطرنج السياسى.
على مدار 7 سنوات، وصلت محاولات استنزاف مصر إلى طريق مسدود لم يفلح الإرهاب، وفشلت كل المؤامرات والمخططات والحصار والمساومات والابتزاز أن تكسر مصر.. زراعة واختلاق الأزمات لاستدراج المارد المصرى فى شباك المتآمرين لم يكتب لها النجاح بفضل مهارة واحترافية الدولة المصرية فى لعب الشطرنج السياسى فى المنطقة والإقليم والعالم.
البعض يفضل العضلات والخشونة والبعض الآخر يفضل العقل، لكن الأفضل أن تجمع بين العقل والعضلات، ولا أنسى أبداً مقولة الرئيس السيسى فى شرم الشيخ: «كلما سعت مصر إلى التقدم حاولوا كسر قدميها»؛ لذلك نحن أمام قيادة قارئة للتاريخ استخلصت الدروس والعبر والنتائج، وامتلكت دولة المؤسسات القادرة على اللعب والاشتباك دون قتال، وتجهز على أعدائها دون أدنى اضطرار إلى استخدام القوة المباشرة، ولكن العقل والمعلومات وعبقرية التحرك، والنجاح فى نقل قطع الشطرنج فى التوقيت والمكان المناسب لتجعل عدوك يدور حول نفسه دون جدوى، ويتهاوى ويتفكك دون أدنى مقاومة؛ هذه هى عظمة الدول العظيمة التى استفادت من دروس تاريخها وأدركت جيداً أن أى محاولة للتقدم سوف يحاك لها فى الظلام.
لكن ورغم كل الهجمات الشرسة ستظل الكرة فى ملعب مصر؛ فهى من تمتلك الكرة، وتحرك كل الخيوط، وتستطيع من خلال ما تقوم به على مسرح المنطقة والإقليم حول الهدف أن تحسم أى معركة من خلال تحرك «جيوسياسى» يسقط الأعداء والخصوم.. العقل المستند إلى القوة هو أفضل وسيلة لحماية الأوطان.
محاولات كثيرة جرت خلال السنوات الماضية لاستدراج مصر إلى المستنقع، وحتى يشرع أعداؤها في هدم أحلامها وآمال شعبها فى بناء الوطن القوى والمتقدم.
دعونا نتصفح دفتر أحوال السنوات السبع الماضية، وكيف تعامل الرئيس السيسى مع محاولات استدراج وجر مصر من خلال الآتى:
أولاً: الرئيس السيسى استشرف تحديات وتهديدات ومخاطر المستقبل التى ستواجه مصر فى نفس الوقت الذى كانت تواجه فيه مصر أيضاً تحديات خطيرة بدأت منذ يناير 2011 من خلال قوى الشر الدولية التى أوكلت مهمة اسقاط مصر لجماعة الإخوان الإرهابية وأعوانها والمرتزقة والعملاء والطابور الخامس والذين جندتهم الدول وأجهزة المخابرات الأجنبية؛ تخطيطاً لضرب مصر من الداخل ومع وصول الإخوان المجرمين لحكم مصر، اعتقد أعداء مصر أن الأمور دانت لهم لكن ثورة الشعب فى 30 يونيو 2013 قلبت الطاولة فى وجه أعداء مصر، وزادت قوة مع حماية جيش مصر العظيم لإرادة المصريين، ورغم أن قوى الشر أيقنت أن الإخوان المجرمين لن يعول عليهم فى إكمال مهمة إسقاط مصر ومع ذلك استمر الدعم لأكبر هجمة إرهابية استهدفت تركيع البلاد، ومع فشل جماعات الإرهاب فى تحقيق أهداف المخطط، سعت هذه القوى لنصب الفخاخ لمصر فى محاولة لاستدراجها وجرها إلى مواجهات، وازدادت وتيرة هذا الاستهداف والاستدراج مع تنامى صعود مصر، وتعاظم مشروعها الوطنى للبناء والتقدم واقامة الدولة الحديثة، وكلما مضت مصر تحقق الإنجازات وتنهى أزمات وتحقق طفرات وقفزات ازدادت هجمات الأعداء شراسة.
وظهرت فى الأفق محاولات كثيرة لجر مصر فى ليبيا؛ لكنها أظهرت «العين الحمراء» وحددت الخطوط الحمراء.
أيضا لأن الأمر يتعلق بأمنها القومى وتجاوزت مصر التهديد من الاتجاه الاستراتيجى الغربى وفتحت أبواب السلام والأمن والاستقرار فى ليبيا، ووضعت الكرة فى ملعب الأشقاء، وأيضاً تصر على خروج جميع القوات الأجنبية أياً كانت من ليبيا وطرد المرتزقة والمقاتلين الأجانب وتفكيك الميليشيات.
فى شرق المتوسط، امتلكت مصر زمام الحق والشرعية فى ثروات تواجه أطماعاً وأوهاماً، لكن مصر استعدت جيداً لهذا اليوم.. حيث بنت القوة والقدرة التى تحمى الحق، وتصدت دون أى تشكيك لكل محاولات الاقتراب والاستدراج؛ فوصلت رسالتها إلى الجميع من خلال قوة جهزتها وبنتها قيادة عبقرية على مدار سنوات فانتصرت دون قتال.
محاولات إسقاط مصر أو استهداف مشروعها الوطنى كثيرة ومتعددة لكن شهدت السنوات السابقة تهديداً ممتداً، أبدت الدولة المصرية صبراً استراتيجياً تحسد عليه فى محاولة لاستدراج الدولة المصرية إلى منزلق ومستنقع تم التخطيط له فى جنح الظلام.
السد الإثيوبى وما يمثله من تهديد مباشر للأمن المائى المصرى، وما يمثله نهر النيل من شريان الحياة والوجود بالنسبة للمصريين، وفى ظل التعنت والمراوغة والإصرار على الهروب من أى اتفاق يحقق مصالح الجميع بشكل عادل وملزم ومنصف وقانونى حول عملية الملء والتشغيل لسد النهضة لكن دون جدوى.
رغم عشر سـنوات من التفاوض والمـراوغة والتعنت وافتـقاد الإرادة الســياسية لدى الجانب الإثيوبى إلا أن الأمر بدا أن هناك أمراً ما يخطط له، وكانت مصر على اطلاع كامل بكل تفاصيل ما يجرى خلال مراحل بناء السد، وأيقنت بما لا يدع مجالاً للشك أن السد «ملعوب» سياسى، وإن كان يبدو أنه من أجل التنمية من خلال توليد الكهرباء إلا أنه أيضاً محاولة للاستدراج من خلال الأكاذيب المستفزة وحالة التحدى غير المبررة لمصر، ولم يكن آبى أحمد ومازال إلا مجرد أراجوز ودمية تديره قوى الشر المتآمرة على مصر، فما أشيع عن السد وما روج حوله من أكاذيب اتضح أنه «فشنك».. ويفتقد لأدنى عوامل الأمان والسلام، وأنه مجرد هيكل لإثيوبيا وفخ لاستدراج مصر على مسارين من خلال محاولة تعطيش مصر ومنع تدفق المياه وممارسة أعلى درجات الاستفزاز لاستدراج مصر مع جاهزية قوى الشر الدولية إذا أقدمت مصر على مواجهة ما تخطط له إثيوبيا، وإذا ما فعلت مصر ذلك تكون قد حققت هدفين؛ الأول «لآبى أحمد» وإنجاح خداعه لشعبه، والزعم بأن مصر استهدفت السد، ويستطيع من خلال ذلك تأكيد أكاذيبه ونجاح خداعه للإثيوبيين الذين أهدر أموالهم فى «فنكوش» لا يغنى ولا يسمن من جوع الشعب والجيش؛ فلم يتمكن فى الملء الأول إلا من تخزين ما يقرب من 5 مليارات متر مكعب، وجاء الملء الثانى أشبه بالحمل الكاذب فقد روج أن الملء الثانى سيتم خلال موسم الفيضان فى شهرى يوليو وأغسطس وأنه سيتم تخزين 13.5 مليار متر مكعب ليصبح الإجمالى 18.5 مليار متر مكعب وهنا المفترض أن يشكل السد خطراً كبيراً ويصبح التعامل معه أمراً عسيراً، لكنه فشل تماما وأعلن فى أكذوبة غريبة أن الملء الثانى اكتمل فى 20 يوليو الماضى ولم يستطع تخزين أكثر من 3 مليارات متر مكعب.
الهدف الشيطانى الثانى يتعلق بأهداف قوى الشر التى يعمل لديها آبى أحمد مجرد خادم مطيع باستدراج مصر للتعامل الخشن والاجراء العسكرى وضرب السد، وهذا فشل أيضاً لأن مصر كانت أذكى من الجميع وعلى اضطلاع كامل وتام بكل ما يحدث وتفاصيل «السد السياسى»، وباءت محاولات قوى الشر الدولية فى جر مصر بالفشل؛ لأنهم كانوا ينتظرون استجابة مصر للاستدراج والاستفزاز وبالتالى تتخذ الإجراءات والعقوبات لضرب المشروع المصرى للبناء والتقدم الذى يمضى بمعدلات فاقت كل التوقعات وأصبحت مصر قوة إقليمية ذات ثقل ومكانة دولية وجدارة فى قيادة المنطقة.
الملء «الكاذب» والسد «الفاشل» ما هو إلا طعم لاستدراج مصر، لكن يبقى أمر مهم مهم فى كل الأحوال؛ فإن مصر لم ولن تسمح بإلحاق أى ضرر بأمنها المائى، وكما أكد الرئيس السيسى، أن حصة مصر لن تنقص قطرة واحدة «واللى عاوز يجرب يجرب».
مصر دولة كبيرة وليست ساذجة؛ بل لديها مؤسسات وطنية نافذة ومعلومات فى جعبتها عن السد أكثر من إثيوبيا نفسها وأديس أبابا تعلم علم اليقين أن مصر لن تسمح بأى ضرر يلحق بها فيما يخص مياه النيل وتدرك أن يد مصر طويلة وموجعة.
مصر قرأت واستوعبت التاريخ جيداً، ولن يستطيع أحد أن يجرها إلى ما يريد أو ينصب لها الفخاخ فى ظل تواطؤ بعض الدول الكبرى التى لا يسرها أن تنجز مصر مشروع الوطن غير المسبوق فى البناء والتقدم؛ لأن مصر حجر الزاوية والشوكة التى تقف فى حلق الأطماع والأوهام، السد الإثيوبى هو سد سياسى من الطراز الأول كان الهدف منه تركيع مصر وابتزازها وتعطيشها، وأيضاً استدراجها لاستهداف دولة إثيوبية فى عداد الموتى؛ دولة مفككة لا حول لها ولا قوة إلا أنها استخدمت وجندت من قبل قوى الشر لاستدراج مصر واتخاذ إجراءات تدمير المشروع المصرى، لكن مصر لم تمنحهم الفرصة، وأجهضت كل المحاولات والمؤامرات وفق حسابات عبقرية وتحركات وهدوء وثقة ورسائل وصلت إلى الجميع الذى يدرك قوة وقدرة مصر.
«الملء الكاذب» والسد الفشنك، لن يكون أبداً تهديداً لمصر؛ لأن ذلك «خط أحمر»، ولعل قول الرئيس السيسى للمصريين «عيشوا حياتكم» هذا يؤكد أن مصر واقفة مطمئنة إلى قدراتها، ولن تفلح كل المحاولات القديمة فى استدراج مصر ــ السيسى لأنه أقوى وأذكى من الجميع لن تسمح مصر بأن يتهدد أمنها المائى أو تنقص قطرة واحدة من حصتها فى حياة النيل، هذا هو القول الفصل شاء من شاء وأبى من أبى.