الجمعة 10 مايو 2024

أسامة أنور عكاشة.. صاحب «الحلمية» وعميد الدراما العربية

أسامة أنور عكاشة

فن27-7-2021 | 10:29

محمد أبو زيد

تربع على عرش الدراما التليفزيونية، وصنع قلمه نجومية الكبار، وبات واحداً من أهم كتاب السيناريو في الوطن العربي، تشغله الهوية المصرية ويرصد تحولات المدينة بأطيافها وطبقاتها، ومنتصراً للطبقة المتوسطة ليعيدها للنور عبر الدراما بعد أن سقطت من سينما الثمانينات، يكتب عن أبطاله المنهزمين والتائهين بين الطبقات فتجد "بشر" حائراً بين زيزينيا وكرموز، وحيرة "حسن" بين صنعة الأرابيسك التي توارثها عن عائلته، ومحاولته في الحفاظ عليها وعلى الفن والتراث وما بين تغيرات المجتمع، هو عاشق الأحياء "زيزينيا" وصاحب ليالي"الحلمية" يكتب عنها بعين "ابن البلد"، يتجول بين الطبقات وما طرأ عليها من متغيرات بفضل الزمن، ويعبر عن المجتمع وحكاياته، ويغوص داخل نفوس البشاوات والنخبوية والشعبيين، لينسج تفاصيل شخصياته وينقلها بقلب المحب الأصيل، هو عميد الدراما العربية، الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة.

ولد أسامة أنور عكاشة في 27 يوليو 1941 بمدينة طنطا في الغربية، تخرج من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية في كلية الآداب بجامعة عين شمس، وحصل على درجة الليسانس، تنقل بين عدد من الوظائف في سلك التعليم، حتى أصبح أخصائي اجتماعي في رعاية الشباب بجامعة الأزهر، ليقرر تقديم استقالته ويتفرغ للكتابة.

كتب أسامة أنور عكاشة رواية "أحلام في برج بابل" والمجموعة القصصية "خارج الدنيا"، حتى وقعت في يد الروائي سليمان فياض، إحدى رواياته ونصحه بكتابة السيناريو، ليتحول إلي واحد من أهم كتاب السيناريو في الدراما، وصاحب أشهر المسلسلات الدرامية التي تفرد في الكتابة لها عن غيره وأرسى به قواعد جديدة، ينسج بقلمه حبكة ميزت شخصياته من واقع المجتمع ومختلف طبقاته، مع بداية الثمانينات كتب عدة أعمال للتلفزيون أبرزها "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين، أبواب المدينة، وقال البحر".

كان على موعد مع الشهرة عندما كتب رائعته "الشهد والدموع" 1983، وحققت نجاحاً كبيراً دفعه لكتابة الجزء الثاني في 1985، وفي العام التالي بلغت ذروة نجاحه عندما كتب "رحلة السيد أبو العلا البشري" و"الحب وأشياء آخرى"، وفي 1987 كتب "ليالي الحلمية" في حبكة جعلت الصراع يشتد بين أبطاله "سليم البدري" يحيى الفخراني، والعمدة "سليمان غانم" صلاح السعدني" ليستمر في كتابته حتى الجزء الخامس الذي عرض في 1995.

كانت الكتابة تسري في عروقه ولم يتوقف قلمه يوماً عن الكتابة لإيمانه بأن جمهوره يتشوق إلي كتابته وينتظرها على أحر من الجمر، كان أسم أسامة أنور عكاشة وحده كفيلاً بأنك ستشاهد عملاً مكتمل التفاصيل تعيش الحلم والانكسار مع شخصياته وكأنك تعرفهم عن قرب، يضع "عكاشة" خليطاً غريباً بين "فضة المعداوي" سناء جميل، والدكتور "مفيد أبو الغار" جميل راتب، وصراعهما حول الفيلا في "الراية البيضا" 1988.

 

يجعلك تحب شهامة "حسن النعماني" ابن البلد في "أرابيسك" 1994، ويخطف قلبك وعقلك بعراقة وأصالة حي الجمالية والمغربلين وتنبهر بصنعة "حسن" في فن الأرابيسك، وعلاقته بـ"توحيدة" هالة صدقي في واحداً من أجمل أدوارها وشهد تألق صلاح السعدني وصنع "أرابيسك" أسطورته.

 كان كبار النجوم يتهاتفون على كتابات أنور عكاشة لإيمانهم بأنها سوف تعيش طوال الأبد، فيكتب "ضمير أبلة حكمت" لـ فاتن حمامة، و"امرأة من زمن الحب" لـ سميرة أحمد في دور "وفية" الصعيدية المتمسكة بتلابيب تقاليدها وتصطدم بأبناء أخيها المراهقين بعد أن تركهم لها شقيقها وسافر، وتشاهد "الأستاذ إلهامي" يوسف شعبان الراقي والمحب لها، وكان المسلسل جواز المرور للشباب كريم عبد العزيز ومحمد رياض، وياسمين عبد العزيز نحو الشهرة والنجومية.

 

كانت المسلسلات قبل قدوم أنور عكاشة كسيناريست تباع باسم بطل العمل حتى كسر القاعدة وكان اسمه على التتر كفيلاً بأن تسوق وتباع به الأعمال، وبات الجمهور ينتظر المؤلف بدلاً من الممثل، تشغله دائماً الهوية المصرية في معظم أعماله فتجد الشخصية المصرية بمختلف تكوينها وطبقاتها وجاءت أغلبها مجسدة للشخصية المصرية، ورصد بقلمه التحولات الاجتماعية والسياسية في الشارع المصري التي يكتبها بعين "الأصيل".

كون مع رفيق دربه المخرج إسماعيل عبد الحافظ ثنائياً في عدة أعمال أبرزها "ليالي الحلمية، والشهد والدموع" والتي حققت نجاحاً كبيراً وقت عرضهما للدرجة التي جعلت الشوارع تخلو من المارة.

كتب "عكاشة" مسلسل "زيزينيا" للمخرج جمال عبد الحميد بحرفية شديدة، وغاص في أعماق شخصياته ليخرج ما بها من حب وخير وشر أحياناً، وتعشق شخصية "بشر عامر عبد الظاهر" يحيي الفخراني، التائه بين طبقة الشعبيين والباشاوات وحائراً بين زيزينيا وكرموز، ويجعلك تعشق بحر إسكندرية وحواريها وتتمنى أن يعود بك الزمن ولو لحظة لتعيش هذا العالم بكل تفاصيله.

لم تغيب السينما عن ذهنه وكتب لها "كتيبة الإعدام، دماء على الأسفلت، تحت الصفر، الهجامة"، وفي المسرح"البحر بيضحك ليه، القانون وسيادته، الناس اللي في التالت"، وبعض الأعمال الروائية منها "وهج الصيف"، و"منخفض الهند الموسمي" والتي تحولت إلى مسلسل "موجة حارة".

توفي عميد الدراما العربية أسامة أنور عكاشة في 28 مايو 2010، وبقي اسمه محفورا في ذاكرة كل الأجيال وأعماله الشاهدة على موهبته، وشخصياته التي نحبها ونحفظها عن ظهر قلب.

 

 

 

Dr.Radwa
Egypt Air