الثلاثاء 14 مايو 2024

يحيي شاهين.."سي السيد" اكتشفه بشارة واكيم وصنعت نجوميته "الست"

يحيي شاهين

فن28-7-2021 | 09:42

محمد أبو زيد

كاريزما وحضور كبير وأحد عمالقة السينما، موهبته غير عادية، تألق في عدة شخصيات ظلت محفورة في الأذهان، هو "الشيخ حسونة" في "الأرض"، و"الشيخ حسن" في "جعلوني مجرماً" يتنقل بين الأدوار الصعبة ليقدمها بكل حرفية، ويضيف عليها لمساته الخاصة حتى لا يقع في مصيدة التكرار، كان التنوع هو ثمة أفلامه يتحدى نفسه في تجسيد الشخصيات الصعبة المركبة التي تحمل طابع التناقض تجده "السيد أحمد عبد الجواد" التي قدمها في ثلاثية نجيب محفوظ، الرجل شديد الحدة وصعب الطباع مع أولاده، كانت نبرة صوته العالي تلقي في قلوبهم الرعب، وعندما ينادي علي زوجته "أمينة" ترتعش خوفا، بينما في المساء يقضي ساعات الليل بين السهر وجو "العوالم"، وهو في قمة استهتاره ليظهر الجانب الآخر الخفي في شخصيته، وعلى الرغم من كل التناقضات في شخصية "سي السيد" يجعلك في نهاية الفيلم تتأثر إلي حد البكاء مع مشهد موت ابنه في المظاهرات، هو حالة خاصة وموهبة استثنائية هو الفنان الكبير يحيي شاهين.

 

ولد يحيى شاهين، في 28 يوليو 1917، في جزيرة ميت عقبة بالجيزة، بدت موهبته تلوح في الأفق منذ الصغر، إذ شارك في فريق التمثيل وهو في مرحلة الإبتدائية بمدرسة عابدين، توفي والده وتركه في العاشرة من عمره، تعلق بوالدته إلي درجة كبيرة ما دفعه للعمل ليلاً في مطبعة من أجل مساعدتها في مصاريف المنزل بينما في الصباح يذهب إلي مدرسته، حصل على شهادة دبلوم الفنون التطبيقية قسم النسيج من مدرسة العباسية الصناعية، ثم بكالوريوس في هندسة النسيج.

بعد تخرجه في الفنون التطبيقية عين في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، نال المرض من والدته ليقرر المكوث بجانبها في فترة مرضها ويعتذر عن الوظيفة، في الوقت ذاته لم ينسى "شاهين" حبه وعشقه للتمثيل وانضم إلى جمعية "هواة التمثيل"، وهناك سنحت له الفرصة بلقاء الفنان بشارة واكيم مدير المسرح في دار الأوبرا الملكية، وأعجب "واكيم" بموهبته، ونصحه بالتقديم في الفرقة القومية للتمثيل التي تتبنى الوجوه الشابة.

 ومع تأسيس فاطمة رشدي لفرقة جديدة جعلته يذهب إليها لتختاره ليقدم دور الفتى الأول في فرقتها، وقدم أول أدواره في في مسرحيات "مجنون ليلى" و"روميو وجولييت"، وكانت مسرحية "مرتفعات ويزرينج"، هي أخر عهده بالمسرح.

 

بدأت رحلته في السينما مع مكشفه بشارة واكيم في فيلم "لو كنت غني" بعده توالت أعماله للسينما، إذ قدم دور "الفتى الأول" أمام معظم نجمات السينما المصرية في أفلامهم أبرزهم "ماجدة، زهرة العلا، فاتن حمامة، زبيدة ثروت، ليلى مراد، صباح".

 جاءت انطلاقته الحقيقية عندما وقف أمام أم كلثوم في فيلمي"دنانير" و "سلامة في خير" الذي شهد خلاف بين المخرج والفنان حسين صدقي ما دفع "الست" إلي ترشيح يحيى شاهين بديلا له وأصرت أن يتقاضى نفس الأجر الذي كان سوف يتقاضاه "صدقي" وكان مبلغا مرتفعا يحصل عليه ممثلا صاعدا في بداية مشواره.

كان "شاهين" يحرص على التنوع والاختلاف يعرف كيف ينتقي أدواره، ومع مطلع الخمسينيات قدم عدة أفلام مهمة منها "زينب" مع راقية إبراهيم، وبرع في دور مؤذن الرسول "بلال بن رباح" في فيلم "بلال مؤذن الرسول"، ودور "الشيخ حسن" في "جعلوني مجرما".

 توالت أفلامه أبرزها "لا أنام، أين عمري، نساء في حياتي، المعلمة" وبداية الستينيات قدم في ثلاثية نجيب محفوظ "بين القصرين، قصر الشوق، السكرية"، شخصية السيد "أحمد عبد الجواد" وهي الأشهر من بين كل الشخصيات التي لعبها في أفلامه، وتألق في دور "الشيخ إبراهيم" في "شئ من الخوف".

 فترة السبعينيات شهدت توهج "شاهين" إذ قدم دور "الشيخ حسونة" في فيلم "الأرض" وتوالت أعماله "أشياء لا تشترى، الأخوة الأعداء، إسكندرية ليه".

كان للتليفزيون نصيب من موهبة "شاهين" وقدم عدد من المسلسلات أبرزها "الأيام، الطاحونة، القضاء في الإسلام، شارع المواردي، وما زال النيل يجري، دموع صاحبة الجلالة".

نال يحيي شاهين العديد من الجوائز عن أدواره في عدة أفلام منها "جعلوني مجرماً، ارحم دموعي، نساء في حياتي" من مؤتمر فينيسيا الدولي، وحصل على جائزة من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية، وشهادة تقدير من مهرجان القاهرة الدولي 1987، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام الجمهورية.

 تزوج يحيي شاهين من سيدة مجرية مُطلقة كان لديها طفلان، وأنجب منها ابنتان، ولم تدم الزيجة طويلا إذ وانفصلا بعد 6 سنوات بسبب طباعهما المختلفة لتقرر طليقته السفر إلي المجر واصطحبت معها طفلتيه ليدخل بعدها في حالة إحباط شديد دفعته للعيش في عزلة عامين حتى تجاوز عزلته.

 

الزيجة الثانية كانت من السيدة مشيرة عبد المنعم، وأنجبا منها ابنته الوحيدة "داليا"، وعكس شخصية "سي السيد" التي جسدها في أفلامه كان في الواقع أبا حنونا وزوجا مخلصاً يتمتع بطيبة القلب وخفة الظل.

 

بعد مشوار فني حافل بالعديد من الأعمال رحل يحيى شاهين عن عالمنا في 18 مارس 1994 تاركاً خلفه شخصيات لا تنسى وأفلام خلدتها السينما المصرية.

 

 

 

Dr.Radwa
Egypt Air