الخميس 27 يونيو 2024

«رسائل الرعب»

18-5-2017 | 11:33

بقلم –  عبد اللطيف حامد

«خدوا بالكم، فيه طريقة جديدة لتجارة أعضاء أو خطف، والله ما أعرف نيتهم كانت إيه بالظبط، بس أقسم بالله الموضوع ده حصلى شخصيا، والمكان في زهراء المعادى الساعة ٩:٣٠ الصبح، وقدام البيت بالضبط لاقيت عربية جيب، واحدة ست حوالى ٤٠ سنة بتقولي هى مدرسة الليسيه فين؟ فوصفتلها..

عاملة نفسها بتتكلم في الموبايل، وفجأة قالتلي شوفت الناس؟ أهو قفل السكة والأوردر اتلغى .. قولتلها أوردر إيه؟ قالتلي أصل أنا شغالة مع شركة كريم للسيارات، قالتلى ما تعمل أوردر عشان يتحسبلي اليوم، عشان ده تاني مرة يتلغي، فقلتلها والله أنا متأخر.. قالتلى تعالى أوصلك مع العلم إنى قولتلها رايح قدام على الشارع ما يكملش ٢٠ متر، ورغم كده فضلت تزن عليا فى تصميم غير عادى، فقالتلى طيب اطلب أوردر، وأنا همشي مش هحاسبك عليه .. ففتحت كريم..أقرب حد كان على بعد ١١ دقيقة .. قولتلها أنتى مش ظاهرة أصلا في برنامج كريم، قالتلى استنى كده.. شكل البرنامج عندى مهنج تعالى بص عليه كده فقلتلها مبفهمش فيه الصراحة .. قالتلى تعالى لف خش العربية أنت شاب، وأكيد بتفهم في التكنولوجيا، فلمحت من بعيد أنها فاتحة ”Google maps“، ولاقيتها بتتلفت حوليها، بصيت بسرعة على نمر العربية مالقيتش نمر أصلا .. قولتلها وهما كريم من امتى بيشغلوا حد من غير نمر؟ اتلخمت في الكلام ..قلت امشي يا ...من هنا بدل ما أبلغ عنك أنتى واللى مسرحينك، في أقل من لحظة فلسعت بالعربية، بس وقفت في نص الطريق مع ميكروباص صغير محمل أشكال مش تمام كانت بتتكلم معاهم، وشاورتلهم أنهم يمشوا وراها.

أى حد يوقفك بعد كده ما تخدش وتدى معاه فى الكلام، أنا عارف إن ممكن يكون فعلا حد عايز مساعدة، وعايز يعرف مكان حاجة فين بس طالما الموضوع واصل بالشكل ده مفيش قدامنا غير كده، ما توقفش لحد نهائيا».

المذكور أعلاه مجرد رسالة واحدة - مع تعديل بسيط لإزالة الكلمات الخارجة، واختصار حجمها - من فيضان رسائل التحذير على جروبات مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها «فيس بوك» و«واتس آب»من التعامل مع أى حد فى شوارع مصر، لإثارة الفزع، وكأن الشارع تحول إلى غابة، لدىّ قناعة شخصية أن هذا الأمر بمثابة دس السم فى العسل، وله أغراض ومآرب خبيثة تستهدف القضاء على إحساس الناس بالأمان، وتدفعهم للخوف خاصة على أطفالهم، فلذات أكبادهم سواء فى الطرق أو المواصلات أو حتى داخل مراكز الشباب والأندية، فلا يشعرون بأهمية أى إنجاز شخصى أو مجتمعى لأن عامل الأمن يسبق كل المعايير ما عدا الجوانب الفسيولوجية وفقا لهرم حاجات «ماسلو» لو تذكرون.

ويزيدنى توجسا أن تلك الرسائل غير معلومة المصدر تبالغ فى صيغة القلق، بتغليظ اليمين بحدوث تفاصيلها، وسردها بأسلوب وحبكة درامية، وكأن «سيناريست» محترفا تصدى لها، مع الرجاء بدمع العين سرعة نشرها وإرسالها لكل الجروبات والأصدقاء بحجة حمايتهم من الوقوع في «الفخ المنتظر»، فتنتشر كالنار في الهشيم، من جروب للتالى، ومن مجموعة لأخرى.

المريب فى قضية هذه التحذيرات الإلكترونية أن كل من صادفوها لم يفكروا فى القبض على المتهمين الأشرار إلا بعد رحيلهم رغم أن الموقف يكشف دون عناء نوعا من التحايل والإجرام، وغالبا يتحجج الشخص بأنه كان مشغولا جدا، وغير مركز، فى حين أن الموقف يستغرق وقتا طويلا ثم عند الكتابة على الجروب لا ينسى أدق التفاصيل.

لكن فى الوقت نفسه تعرض بعض الصفحات والجروبات مآسى لحالات اختفاء فى ظروف غريبة، خاصة البنات والأطفال إلى جانب حالات اختطاف، وكله بالصور وأرقام التليفونات طلبا للعون والمساعدة فى العثور عليهم، بل وعلى شاشات برامج التلفزيون، الواضح أن الأمن الجنائى بعافية، مطلوب من أجهزة البحث الجنائى أن تقوم بالتنسيق مع مباحث الإنترنت بمتابعة كل ما ينشر على «السوشيال ميديا» بشأن تلك الجرائم لسببين الأول: القبض على مافيا الخطف بغض النظر عن الغرض منه سرقة أو تجارة أعضاء أو اغتصاب، وتأمين المواطنين من مخططاتهم اللعينة، قاتلهم الله، فالواقع أن هناك تركيزا من وزارة الداخلية خلال السنوات الأخيرة على الأمن السياسى، ومحاربة الإرهاب على حساب الأمن الاجتماعى مما زاد شعور الكثيرين بتراجع دورها، ويترحمون على أيام حبيب العادلى رغم ظلم النظام الحاكم وقتها، أما السبب الثانى:كشف من يقفون وراء رسائل الرعب، وتقديمهم لمحاكمات عاجلة ليكونوا عبرة لغيرهم من عصابات تخويف المصريين، والله أعلم.