"ليلة بكت فيها برية شيهت"، هكذا تصف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ليلة رحيل الأنبا ابيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار ببريت شهيت في وادي النطرون، الذي قتل غدرًا، على يدي وائل سعد، الراهب أشعيا المقاري، سابقًا، وزميله ريمون رسمي، الراهب فلتاؤس المقاري، في 29 يوليو عام 2018.
وتحتفل الكنيسة برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، غدًا الخميس، بتذكار الراهب الراحل.
دير أبو مقار يتشح بالسواد
كان مقتل الأنبا ابيفانيوس رئيس الدير تسبب في حزن كبير في الاوساط القبطية، حيث ادمعت حدران الدير على فراق رئيسها، وأحد رهبانها الذي تتلمذ على يد الأب متى المسكين، مؤسس الفكر المستنير في الدير، إذ كان حادث مصرع الأنبا ابيفانيوس غامضًا، حينما وجد بعض رهبان الدير رئيسهم ملقى على الأرض، وغارقًا في دمائه، خلال خروجه لحضور صلاة التسبحة، فأبلغوا الأجهزة الأمنية، التي كشفت غموض الحادث، بعد جهود بذلها جهاز الأمن الوطني، الذي أكد أن الحادث جنائي عادي وليس أرهابيا.
كشف غموض الحادث
وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية بدمنهور أن وراء حادث مقتل رئيس دير الأنبا مقار، في وادي النطرون، اثنان من تلاميذه، فتحرر ضدهما المحضر رقم 3067 لسنة 2018، جنايات وادي النطرون، وأعلنت الكنيسة القبطية في بيان أصدرته خلال اليوم التالي للحادث.
الكنيسة توافق على تشريح الجثمان
ووافق قداسة البابا تواضروس الثاني، على طلب النيابة العامة بتشريح جثمان الأنبا ابيفانيوس، حيث إن من عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تغسيل جثمان الرهبان باعتبار أن له حياة سرية خاصة، وكانت موافقة البابا تأتي لإظهار حقيقة الحادث حيث كشفت التحريات الأولية، استخدام مرتكب الجريمة أداة حادة لقتل المجني عليه، أثناء خروجه من القلاية، وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى وادي النطرون.
البابا يرأس صلاة الجنازة
وبعد الانتهاء من تشريح الجثة، التي تبين خلالها وجود جرح في الرأس، أودى بحياة المجني عليه، وصل الجثمان إلى دير الأنبا ابيفانيوس، حيث رأس قداسة البابا صلاة الجنازة عليه في الكنيسة الأثرية بالدير، بحضور أعضاء المجمع المقدس، ومجمع رهبان الدير، وتم دفنه في المقابر الخاصة بالدير، بعد قرار النيابة باستخراج تصريح الدفن.
الكنيسة تعقد اجتماعا طارئا
عقد المجمع المقدس اجتماعا طارئا، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بحضور 19 من مطارنة وأساقفة ورؤساء الأديرة، في جلسة خاصة لمناقشة انضباط الحياة الرهبانية والديرية، على ضوء الحادث، وبعد نقاشات موسعة تم إصدار 11 قرارًا، أبرزها وقف رهبنة أو قبول رهبان جدد، لمدة عام، وعدم ظهور الرهبان إعلاميًا، وعدم دخولهم في أي معاملات مالية، كما أعلنت الكنيسة تجريد الراهب أشعيا المقاري من الرهبنة، وقطع صلته بالدير.
محاولة انتحار
وفي اليوم التالي حاول الراهب فلتاؤس المقاري، الإقدام على الانتحار بقطع شريان يده، وإلقاء نفسه من أعلى مبنى مرتفع بالدير، وبعدها تداولت أنباء عن محاولة انتحار الراهب أشعياء المقاري أيضا بتناوله مادة سامة.
حبس المتهمين
وقرر المحامي العام لنيابات الإسكندرية، إحالة القضية لنيابة استئناف الإسكندرية، لاستكمال التحقيقات بعد أن استمعت نيابة البحيرة لإستماع إلى أقوال 145 راهبًا ، إذ قررت حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت إليهما تهمة القتل العمد بعد اعترافهما بالجريمة، وأرشدا عن أداة الجريمة، وهي عبارة عن قضيب من الحديدي، وأمكن العثور عليه بمخزن للخردة في الدير، وتم استخدامه في عملية قتل الأسقف بضربة واحدة فوق الرأس.
الإحالة إلى المحاكمة الجنائية
وفي 28 سبتمر قررت المحكمة تأجيل المحاكمة المتهمين لغياب المتهم الثاني، وذلك لحين إحضاره من مستشفى قصر العيني، ثم قررت محكمة إيتاي البارود في دمنهور.
وفي 24 نوفمبر قررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 22 ديسمبر لاستخراج شهادة تحركات المجني عليه وسماع شهود الإثبات والنفي في القضية.
وفي 31 يناير 2019 طلب إيهاب سدرة محامي المتهم الأول وائل سعد، برأة موكله من التهم المنسوبة إليه، كما دفع ببطلان التحريات الواردة بأوراق القضية، وإذن النيابة العامة، وقائمة الثبوت المقدمة من النيابة العامة، والمناعة في مكان وزمان الواقعة وشخوصها، والاعتراف المنسوب إلى المتهم، إضافة إلى بطلان تحقيقات النيابة العامة، وتناقض اعتراف المتهم مع أدلة الدعوى عامة، وتناقض تقرير الصفة التشريحية مع نفسه ومع الأداة المستخدمة في الواقعة.
الحُكم بالإعدام
وفي 23 فبراير قضت المحكمة بالإعدام شنقا على وائل سعد تواضروس، المعروف باسم أشعياء المقاري سابقا، والراهب فلتاؤوس المقاري، لاتهامهما بقتل الأنبا "إبيفانيوس"، أسقف ورئيس دير أبومقار بوادي النطرون، وذلك بعد أخذ الرأي الشرعي لفضيلة مفتي الديار المصرية، وحددت جلسة النطق بالحكم في شهر أبريل.
وفي أول يوليو 2020 أيدت محكمة النقض الحكم بإعدام على وائل سعد تاوضروس الراهب السابق المسمى، باسم أشعياء المقاري، وتخفيف الحكم إلى السجن المؤبد على الراهب فلتاؤس المقاري، واسمه بالميلاد ريمون رسمي.