بقلم – أحمد سعدة
فى «نص الليل».. تتهيأ القلوب للشكوى والبوح بما فيها، وترسل أوجاعها إلى السماء، بعد أن يئست من رحمة أهل الأرض.. «المصور» تحاول أن تشارك قراءها هذه الآلام وتلك الاعترافات وتقدم لها الحلول
أنا سيدة في السادسة والثلاثين من عمري .. مُتزوجة، ولدىّ بنتان وولد .. وزواجي كان تتويجًا لقصة حب طويلة ورائعة .. أنا على قدرٍ من الجمال، وحاصلة على درجة الماجستير، وأعمل مُوجِّهة بالتربية والتعليم، وفى طريقي الآن للدكتوراه.
مشكلتي الوحيدة في الحياة هي زوجي.
فشل في حياته العملية باقتدار .. وساعدته بكل ما أملك من مال، واقترضت من البنوك بضمان وظيفتي .. لكنه من فشل إلى فشل، وأنا من خيبة أمل إلى عذاب.
حياتي بائسة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ .. أصحو من نومي بعد الفجر من أجل مدارس الأولاد، ثم أنخرط في العمل طوال النهار، وأعود من أعمال الوظيفة إلى أعباء المنزل والمذاكرة والواجبات مع الأولاد، إضافة لخدمة أمه القعيدة التي تسكن في الشقة المجاورة .. أفعل كل هذا، بينما هو يقضى يومه بأكمله نائمًا في البيت طول النهار.
مرتبي أنفقه كله على المنزل، وبعت سيارتي وكل ما أملك من ذهب لسداد جبال الديون التي تركها خلفه بسبب اقتراضه الدائم من القريب والبعيد.
يتعمد دومًا إهانتي أمام الآخرين، ويتطور الأمر عادة للتطاول بالضرب .. ودخلت غرفة العمليات بسببه مرتين، كانت إحداهما بعد أن كسر فكي.
فقدت قدرتي على تحمل سماع صوته أو إهاناته، وآخر مرة ضربني فيها ضربته أنا الأخرى بشوكة كانت في يدي .. أشعر أني سأقتله .. نعم سأقتله.
أنا امرأة مُلتزمة جدًا، ولا أخرج سوى للعمل .. ولك أن تتخيل كم الإغراءات حولي، لكني أخاف الله في نفسى وفى بناتي.
ورغم كل هذا العذاب الذى أحياه، يريدني آخر الليل أنثى .. وبعيدًا عن أنى أصبحت مستهلكة ليلًا نهارًا، إلا أنني كرهت اللحظات التي تجمعني جسديًا معه .. تلك اللحظات التي تمُر كعمر النبي نوح، ولا أجني منها سوى مزيد من النفور والغيظ والملل.
مؤخرًا اكتشفت أنه على علاقة بامرأة متزوجة .. وواجهته، لكن ثار ضدي وشتمني .. طلبت الطلاق، لكن من حولي يقولون تحمَّلي من أجل بناتك وابنك، خصوصًا أنه طلقني مرتين من قبل .. وأنا الآن مترددة بين البقاء والانفصال.
الرد:
إن زوجك بالإضافة لكونه مُحطَّما وفاشِلا، لا يستطيع التكيُّف مع فكرة أن زوجته متفوقة، وأنها التي تَعُول البيت .. وبسبب هذا فقد ثقته بنفسه، وتَحوَّلت مشاعر الحب في قلبه إلى جمود وقسوة، وانفجر الفشل بداخله إلى سخط عليكِ أنتِ بالذات.
فأنتِ ببساطة التي تُذكَّرينه دومًا بفشله.
إن قلَّة الحيلة أصابته بالاستهتار .. وكُل العُنف الذى يمارسه ضدك له سبب واحد؛ هو ضيق ذات اليد.
واعتداءاته عليكِ هي انتقام من نفسه التي تاهت في دوامة اليأس والفشل .. وحتى عينه الزائغة وعلاقاته بأخريات، ليست سوى انعكاس لفشله في معارك الحياة.
إن زوجك صار يَتَرَبَّص بكِ، وأنتِ لم تعُد لديكِ طاقة لتحمله .. وعلاقتكما الآن صارت مُجرد زواج اسمي سخيف وعدوانى.
وكل نصائح أقاربك بالاستمرار في هذا الزواج مجرد محاولات للحفاظ على مظهر اجتماعي زائف، بغض النظر عن معاناتك .. إنهم ينصحُونك وهم يضعون أياديهم في مياهٍ باردة، وأنتِ الوحيدة التي تدفع الثمن.
إن استمرارك في هذا الزواج ليس عملًا بطوليًا كما تتصورين .. وأين أصلًا البطولة في قصة محكوم عليها بالفشل ؟!
إن البُطولة يا سيدتي لن تكون أبدًا في خضوعك أسيرة للمظهر المحترم وكلام الناس .. وهذا النوع من بطولات الاستسلام ورفع الرايات البيضاء لا يليق سوى بالجبناء والضعفاء.
إن علاقة بائسة بهذا الشكل قد تنتهى بفضيحة، أو خيانة من زوجكِ لكِ .. وربما تتورطين أنتِ الأخرى في خيانته، وتستسلمين لأحضان أي شاب يمد يديه إليك، ويُبادلكِ الحنان المفقود.
إن مستقبلك الآن مرهون على لحظة حسم واختيار .. والتردد سيُكَلِّفك الباقي من سنين عمرك سَجِينة في قفص البُؤس والشقاء، وربما أسوأ.
وجمالك سيزول بعد سنوات، ومعه سيزول حماسك، وتنكسر رغبتك في الحياة .. ولكن بعد أن تكون فرصة الخلاص قد ضاعت ومضى عليها زمن.
إن الأفضل له ولكِ هو أن تتركيه؛ على الأقل ليتحمل مسئولية نفسه .. اتركيه بالطلاق أو بالخلع، وتمسَّكي بفرصة جديدة في الحياة.