كتبت: ميادة محمد
أفادت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، أن انتصار إسرائيل على الجيوش العربية عام 1967، كان سريعا ومطلقا، ووقتها اعتقد الكثيرون من اليهود أن اليد الإلهية رتبت هذا الانتصار، لأنهم كانوا يعتقدون أنهم سيتعرضون لمحرقة أخرى، وبعد ذلك حاول اليهود أخذ الأماكن المقدسة التي ذكرت في قصصهم الكتابية، لكن كان وجود الفلسطينيين عائقا أمامهم حيث لم تتمكن من طردهم أو استيعابهم.
وعلى مدار الخمسين سنة الماضية حاولت إسرائيل أن تحصل على هدفها، فحاولت نزع الأرض عن طريق بناء المستوطنات، وإبقاء الفلسطينيين، ومع ذلك لم يحصلوا على المساواة السياسية داخل إسرائيل.
وترى "إيكونوميست" أن الفلسطينيين أضروا بقضيتهم على مدى عقود بسبب العنف العشوائي، ومع ذلك فإن تجريدهم من أراضيهم عار على إسرائيل التي تعد الطرف الأقوى وتزعم أنها تمثل نموذج ديمقراطي.. ومع استمرار الاحتلال كانت عملية الاحتلال التي أوجدت الحكم الذاتي الفلسطيني المؤقت، الذي كان من المقرر استمراره خمس سنوات فقط حتى التوصل لاتفاق نهائي.
وبدلا من أن تكون إسرائيل هي البادئة في تحديد مستقبل فلسطين التي ستصبح جارتها، قاومت الأمر وكان لزاما عليها أن تفعل ذلك ليس فقط لإنهاء الصراع المستعصي الأسوأ في الشرق الأوسط، ولأنه كما يعتقد البعض أن هذا الصراع هو السبب الرئيسي في عدم الاستقرار الإقليمي والمذابح في سوريا والعراق وأماكن أخرى، لكن السبب الرئيسي الذي كان يجب العمل لأجله هو الحفاظ على ديمقراطية إسرائيل الخاصة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على نحو غير متوقع قد تكون هناك فرصة جديدة لتحقيق السلام، لأن دونالد ترامب يريد تأمين الصفقة النهائية، ومن المقرر أن يزور الأراضي المقدسة يوم 22 مايو الجاري، خلال أول جولة خارجية له، ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يشعر بالتوتر لأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يبدو متفائلا، لاسيما وأن الرئيس الأمريكي طالب إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات، وفي الوقت نفسه تريد الدولة العبرية أن يفي بوعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهذا الأمر قد يستدعي الاعتراف بدولة فلسطين.
وأوضحت المجلة أن الخطوط العريضة لعملية السلام معروفة جيدا، حيث يتعين على الفلسطينيين قبول الدولة اليهودية التي تأسست بعد حرب عامى1948.. والمكونة من ثلاثة أرباع فلسطين التي كانت تحتلها بريطانيا، وفي المقابل ستسمح إسرائيل بإنشاء الدولة الفلسطينية في الأراضي المتبقية التي احتلتها في عام 1967، ويمكن تبادل الأراضي فيما بعد، كما يجب تقسيم القدس، كما سيعود اللاجئون الفلسطينيون في الغالب إلى دولتهم الجديدة وليس إسرائيل.
وذكرت "إيكونوميست" أن معظم الإسرائيليين لا يسارعون إلى محاولة تقديم الأرض مقابل السلام مرة أخرى، فقد تحسن أمنهم، وازدهر الاقتصاد، بينما الفلسطينيون ضعفاء ومقسومون، وقد لا يتمكنون من التوصل إلى اتفاق، وعباس وان كان معتدلا لا يحظى بشعبية كبيرة وخسر غزة أمام منافسيه الإسلاميين من حماس.
وكل هذا يجعل هناك حالة من القبول بأنه على الرغم من طول الصراع فلا يمكن حله، ولذلك قد يستمر لأجل غير مسمى، ومع ذلك فإن محاولات إخضاع الفلسطينيين التي لا تنتهي ستؤدي إلى تقويض مكانة إسرائيل في الخارج، كما ستضر بديمقراطيتها في الداخل، وستتحول سياستها إلى الشيفونية العرقية، التي تسعى إلى تهميش الغرب واليسارين اليهود، بما في ذلك جماعات حقوق الإنسان، كما ستزداد أزمات الدولة اليهودية فالفلسطينيون المتواجدون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط يماثل عدد اليهود، ولذلك يجب أن تتخلى عن الأراضي المحتلة.
كما ترى "إيكونوميست" أن إقامة دولة فلسطينية قوية، سيسهم في التعاون الأمني مع إسرائيل، كما أن تحرك الفلسطينيين والسلع بحرية سيجعل هناك حالة من الاسترخاء الاقتصادي والأمني، ومن هنا فإن دولة فلسطينية قوية ستكون حيوية جدا لإسرائيل، وبها سيكتمل انتصار 1967.