كتبت: أمينة الصاوي
أقيمت بقاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة أدبية، لمناقشة رواية "رمضان المسيحي" للروائي والكاتب الصحفي عادل سعد، اليوم الأربعاء.
وشارك في الندوة الدكتور أسامة أبو طالب، والروائية سلوى بكر، والدكتور سمير مندي، والدكتور حسين الشافعي، ومترجم الرواية إلى الروسية نيكولاي، وحضرها الكاتب الصحفي غالي محمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال، والروائية هالة البدري، والروائي أشرف الصباغ.
وقالت الروائية سلوى بكر، إن "رمضان المسيحي" رواية تنتمي إلى ما عرف حديثًا بأدب السفر، والذي ظهر بعد أن تحولت مصر لبيئة طاردة للسكان، مشيرة إلى أن الرواية قدمت صورة مبسطة عن أهل قرية "درونكة" ومدى تهميشهم وفقرهم وعزلتهم عن العالم، وتتناول سفر الطلاب المصريين، إلى أقرب بلد بالنسبة لهم، وهي اليونان، بمنطق غزو اللحم الأبيض، وكيف أنهم كسروا كل التابوهات المتعلقة بالجنس في بلادهم، وضربوا بها عرض الحائط، حيث إن الجنس هو الخيط الرابط بين خيوط العمل، في ضوء تقديم نماذج إنسانية شديدة الخصوصية، خاصة بطل الرواية "رمضان"، الذي قبل أن يغير ديانته ويتنصر مقابل الحصول على المال.
وأوضحت بكر، أن الرواية تحمل قدرًا كبيرًا جدًا من السخرية المعتمدة على المفارقة، تعبر عن الدين الشعبي في مصر، الذي هو جملة من الطقوس البعيدة عن فلسفة الدين، مشيرة إلى إمكانية تصنيف الرواية بانتمائها إلى الواقعية القذرة، من حيث تناول القاع الاجتماعي المصري، بعوالمه المتباينة، وتناقضاته، وإنسانيته، حيث حرص المؤلف على تصوير الشخصيات داخليًا كتعبير قوي عن ذلك العالم السفلي.
وأضافت أن هذا العمل وثيقة تتعلق بجانب مجهول من تجربة إنسانية عاشها شباب مصريين، وهي ظاهرة تكررت عبر عقود ممتدة من القرن الماضي وحتى الآن، وتضم عوالم شديدة الخصوصية، تعبر عن المسكوت عنه والمهمش في الحياة، مؤكدة أن اللغة شديدة التعبير عن الشخصيات المحركة للأحداث، وتعبر عن مرجعياتهم الثقافية.
من جانبه، أكد دكتور سمير مندي، أن الرواية تعد نوعًا من التجربة الموجودة في الأدب العربي القديم، وهو أدب الرحلة إلى الغرب، لكنها تقع خارج الإطار العقلي، ومن هنا يمكننا ملاحظة عدد من المفارقات، منها مفارقة العنوان الذي يشير لصدمة شخص تنصر في أول لقاء له بالغرب، ليس عن فكرة أو إيمان، بل لمصلحته الشخصية، ومقابل حفنة من الدولارات، كذلك السرد، الذي خرج عن الإطار التقليدي بصنع نوع من الأصوات المتداخلة، التي بدورها صنعت تنوعًا في السرد، كما جاءت اللغة بسيطة وليست متعالية.
الدكتور حسين الشافعي، تحدث عن تجربة ترجمة الرواية، قائلاً إن الروائي عادل سعد قد أهداها له، وما إن قرأها حتى قرر أن يترجمها إلى الروسية، وبالفعل قمنا بالتنسيق مع أحد المعاهد الروسية كي ترسل مبعوثًا ليقوم بترجمة الرواية، لأنها لون جديد من الأدب، ومقتضب في مسائل قصيرة بلغة العصر، واضحة في سردها وما تطرحه من قضايا.
بدوره، أكد نيكولاي، مترجم الرواية، إعجابه بها، وإصراره على ترجمتها كونها تقدم الصورة الحقيقية للمجتمع المصري، الذي قد يكون له صورة خاطئة في روسيا.
وأشاد الكاتب الصحفي غالي محمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال، بالكاتب الصحفي عادل سعد الصحفي رئيس مركز التراث بالمؤسسة ومؤلف "رمضان المسيحي"، كما أثنى على عمله في مركز الهلال للتراث.
وطرح الدكتور أسامة أبو طالب أستاذ المسرح بأكاديمية الفنون، عدة أسئلة من خلال مشاركته في مناقشة "رمضان المسيحي"، الصادرة عن مؤسسة دار الهلال، موضحًا من خلالها كيف تعايش الكاتب والروائي عادل سعد مع القصة ليوصل إلينا هل ما يسرد من واقع حقيقي أم خيال، أم يمكن اعتباره كابوسًا بشكل واقعي نعيشه، على حد تعبيره.
وقال إن هذه الرواية "بها ما يمكن أن نسميه واقعية الفانتازيا التي استعان بها الكاتب لخلق عالم يمكن أن يرى بالشكل المطلوب.. وكيف كانت حالة عادل سعد وقت الكتابة؟ وكيف يمكن أن يكون التأثير الأدبي أكثر جذبًا للقارئ عندما يمكن أن يضع الكاتب المتلقي في حالة ذهنية غريبة ومشوقة".
وتابع: "تطرق الكاتب لإخراج هذه الحالة بسرد أسماء رائعة في عالمنا داخل روايته، تسمى "البروتسكا"، وهي نسبه إلى المسمى المصري القديم، التي تعطينا الحبكة المطلوبة".
وأضاف أبو طالب، أن الكاتب تناول الشخصيات بطريقة رائعة من وصف شخصيات الرواية، بالتدليس، والكذب، والفجر، ولكن بشكل فنتازي ساخر، وكيف يكون لفن الحكي شكل رائع للسرد، لأن الدراما هي الحكي، وهو ما أوضحه الكاتب في روايته، وأنه تفاعل كما يمكن لأعمال صلاح عبد الصبور في فن الحكي والسرد، على حد وصفه.
من جهة أخرى، أوضح أن الكاتب تمكن من مسخ الكائن الحي، وهي حاله البروتسكا، فكانت صادقة زائدة التأثير، وليست زاعقة للنفور، وأنه حكي عن عالم متصارع ما أضاف إلى القارئ مزيد من الأسئلة، حتى تصل الصور المعبرة الصادقة المنتمية إلى الأدب، مؤكدًا أنه ليس مع قاعدة مصادرة أي كتاب أو إصدار مهما كان من الكاتب، لكفالة حرية الرأي والتعبير، حسب قوله.