الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

موسم السرقات

  • 2-8-2021 | 12:27
طباعة

مهنيا لا أميل إلى تكرار الكتابة عن موضوع أو ظاهرة معينة سبق لي التعرض لها، إلا أن حجم الاستفزاز الحاصل من كثرة السرقات اللحنية هذا الموسم من ناحية، وبعض الضغط من القراء الذين ينتظرون مني كواحد من أهل التخصص أن أكتب عنها من ناحية أخرى، جعلني أعاود الكتابة عن الظاهرة التي شكلت الفيروس الحقيقي لتدمير الجهاز المناعي لذائقة الجمهور المصري والعربي وتسليمه إلى فيروسات متحورة أخرى أخطر من "كوفيد" المستجد وكل متحوراته.

كانت السرقات في الماضي معظمها من ألحان (الراحلين) وخاصة بليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل، وأحيانا محمد فوزي وسيد درويش، لكنها الآن زحفت إلي ألحان ملحنين (حاليين) دون أدني تردد، ودخل هذا المتحور أول ما دخل من خلال أغاني ما يسمى (المهرجانات) وأصبح الكل يقتات على ألحان سابقة نجحت وحققت شهرة واسعه، ثم ركب أصحاب المهرجانات علي هذا النجاح وتلك الشهرة ليحصدوا هم ثمارها بعد إضافة إيقاعات (الشعوذة) وبهارات (البهججة) ثم سرعان ما دخل على الخط بعض نجوم التلحين الذين يشار إليهم بالبنان- للأسف - استسهلوا استنساخ أغاني سابقة لحنها زملاء لهم ظنا منهم أن ذاكرة الجمهور قد أصابها الوهن .

ودائما يفعلها الملحنون ويقع فيها المطربون ويدفع فاتورتها الشعراء، الذين اجتهدوا ليلتقطوا فكرة جديدة أو موضوعا جديد أو معنا لم يسبقه إليه أحد، ثم يفاجأ بأزمات وخناقات وانتقادات لا دخل له بها، ويكفي ما تفعله السوشيال ميديا من تشويش وتشتيت للأذهان، بمجرد اكتشاف التشابه بين الألحان، ومن بعدها يأتي رصد الصحافة والصحفيين الذين اكتسبوا ذاكرة يقظة نتاج متابعاتهم الممتدة، فبدأ الموسم برصد صحف مصرية منها صحيفة (الوطن) لاستنساخ أول أغنيتين في ألبوم نانسي عجرم وانتهي برصد الصحف اللبنانية لاستنساخ أغنية وائل كفوري الجديدة من أغنية للمطرب والملحن اللبناني زياد برجي، ثم استنساخ دويتو أنغام ووائل كفوري أيضا من أغنية شهيرة لنوال الزغبي كانت ضمن البوم(مالوم) غنتها لابنتها بعنوان(يا تيا) من كلمات وألحان مروان خوري

 وأصبحت المقارنات بين مقاطع الألحان على (السوشيال ميديا) لإثبات الاستنساخ والتطابق بين اللحن القديم واللحن الجديد مادة أكثر رواجا من الأغاني نفسها، وبين من يراها سرقة واضحة، ومن يراها توارد أفكار، هناك من رآها نتيجة طبيعية للتركيز علي ملحن أو اثنين فقط، رغم كثرة الموهوبين من الملحنين في أكثر من جيل، وكثرة نجاحاتهم التي استنسخوا بعضها، وبصماتهم التي قفزت بمن غناها ومن أنتجها وحققت المفاجآت بحسابات الفن وبحسابات السوق، قبل أن تصاب هذه السوق بقصر النظر وقبل أن يتبنى أصحابها نظريتي (الاستسهال والاختزال) ويدمنون الدوران داخل نفس الدائرة فنصاب نحن بالدوار ثم الملل ثم يقذف بنا في أحضان المهرجانات.

الاكثر قراءة