- الإسكان الاجتماعي أكذوبة كبرى.. والشباب آخر المستفيدين
- التمليك حلم مستحيل.. والإيجار القديم وهم كبير
- العقود المؤقتة تجارة رائجة.. والإيجار يصل لـ2000 جنيه
يعتبر الحصول على سكن مناسب، أحد المشكلات العويصة التي لا تجد حلا منذ أكثر من 30 عاما، ومع تصاعد مؤشر الكثافة السكانية، ووصول أعداد المصريين إلى أكثر من 93 مليون نسمة، تتخطى هذه الأزمة حاجز الخيال، لا سيما إذا ضاق نطاق البحث عن السكن، إلى داخل نطاق القاهرة، التي تحمل وحدها ثلث سكان مصر.
وإذا أضفنا الارتفاعات المتتالية في الأسعار، ومعدلات التضخم، التي أحدثت انهيارا غير المسبوق في قيمة العملة المحلية؛ صار الحصول على سكن، كمرور فيل ضخم من ثقب إبرة صغيرة!!
«الهلال اليوم»، خاضت تجربة البحث عن شقة؛ لتكشف عن المعاناة الأسطورية التي يعيشها الشباب الراغب في مستقبل طيب، يكون في كل منهم أسرة كالتي تربى في كنفها.
شقق الإسكان.. شروط صعبة
بدأنا الرحلة بالبحث عن شقق الإسكان الاجتماعي؛ لأن الاعتقاد السائد بين الناس، أنها مدعومة حكوميا، وأقل كلفة، من غيرها.
وكشفت إعلانات وزارة الإسكان عن الشروط التعجيزية للقديم لهذه الشقق ومنها: شراء كراسة الشروط بمبلغ 150 جنيه، وإحضار بيان بمفردات مرتب تزيد عن 4 آلاف جنيه للأعزب، و5 آلاف لرب الأسرة، وإحضار صور البطاقات الشخصية، والتأمينات، وشهادات الميلاد، وإيصالات المرافق، وقسائم الزواج، كما يتم سداد مقدم قدره 15 ألف جنيه، يستكمل ليصبح 25 % من قيمة الشقة كحد أدنى، يسدد على 3 شهور، بحيث تبلغ قيمة كل قسط 10 آلاف جنيه بواقع 3.333 جنيه كل شهر.
ويُشترط أن يكون المتقدم لديه إثبات محل إقامة بالمحافظة، والأولوية للمتزوج ويعول، والمرأة الأرملة وتعول، والمطلقة وتعول، وأخيرا العزاب.
ويعلق أحد الشباب المتقدمين للشقق الإسكان، ويدعى سامح أحمد، 28 عاما، على هذه الشروط، بالقول: «الشاب الأعزب الذي يبحث عن شقة، لتكون سكنا لزواجه يأتي في المرتبة الأخيرة على سلم أولويات الحكومة، كما أنه مضطر لأن يدفع كل شهر 3.333 جنيه، ومقدم 15 ألف جنيه، وهذه شروط مستحيلة».
ويقول شهاب عبدالرحمن، 26 عاما: «الحكومة حددت الحد الأدنى للأجور بـ1200 جنيه، وهو المبلغ الفعلي الذي يحصل عليه 90 % من الشباب، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص، وبالتالي فإن الشاب لا يمكنه التقدم لشقق الإسكان؛ لتجاوزها حدود إمكاناته الشهرية».
مصائب بعد التسليم
المثير في هذه القضية، أن الأزمات لا تتوقف على عدم قدرة الشباب على الوفاء بشروط الإسكان، وإنما تمتد إلى ما بعد الاستلام، وهو ما تكشفه الشكاوى المتعددة ممن تسلموا شقق الإسكان الاجتماعي، وبخاصة في مدينة بدر، ومن يسكنون في مشروع «ابنى بيتك».
ويقول محمود رجب، 44 عاما، يسكن بمدينة بدر: «لا جودة في تشطيبات الوحدات السكنية، والتي تشهد تدنيا كبيرا في كل جوانبها؛ نتيجة استخدام شركات المقاولات المنفذة للمشروعات لخامات رديئة، وقليلة الجودة».
ولفت سعيد سليمان، 52 عاما، ويسكن بمشروع «ابني بيتك»، إلى أن الخدمات الصحية، والتعليمية، والنقل، والمواصلات، والمرافق من المياه والكهرباء، والبوتجاز، وغياب الأمن وانتشار بلطجية البدو، وقلة الأسواق، والسلع، خاصة أنها مناطق صحراوية تم استصلاحها وليست صالحة للسكن.
«التمليك».. الحلم المستحيل
بعد متابعة شروط وأسعار وحدات الإسكان الاجتماعي، ومعاناة مَن تسلموا هذه الوحدات، فصاروا كمن رضوا بالهم، بينما رفض الهم أن يرضى بهم، ننتقل للتعرف على الأصعب، وهو حلم الحصول على شقة تمليك، وهو ما يحلو للبعض وصفه بـ«الحلم المستحيل»؛ بسبب بورصة الأسعار لهذا النوع من الشقق.
ويقول ماهر عبدالباسط، صاحب مكتب عقارات بالجيزة، إن متوسط سعر المتر، في الشقق التمليك، مع مراعاة الاختلاف في كون الشقة بشارع رئيس، أم جانبي، وموقعها بالأدوار العليا أم لا، مع وجود مصعد من عدمه، يبلغ في مدينة مثل 6 أكتوبر 4 آلاف جنيه، بينما في حي فيصل يصل إلى ألفي جنيه، وفي المهندسين يتجاوز 6 آلاف جنيه، أما في الدقي فيصل إلى 7500 جنيه، وفي حي الجيزة 2400 جنيه، والسعر ذاته لمناطق الهرم.
وأشار طارق عبد الحفيظ، صاحب مكتب عقارات بوسط البلد، إلى سعر المتر في هذه المنطقة، يصل لـ4 آلاف جنيه، ويرتفع إلى 20 ألف جنيه ببعض الأماكن.
وأضاف: «سعر المتر في القاهرة الجديدة، والتجمع الخامس يبلغ 7 آلاف جنيه، وفي مدينة الشيخ زايد 6 آلاف جنيه، وفى مصر الجديدة بلغ متوسط سعر المتر 6 آلاف جنيه أيضا، وفي مدينة نصر يبلغ متوسط سعر المتر 5 آلاف جنيه».
وتشير إعلانات إحدى الشركات العقارية، عبر الإنترنت، إلى أن متوسط سعر المتر بمدينة الشروق، 4500 جنيه، وفي مدينة العبور 3500، في حين يصل بمدينة الرحاب، ومدينتي، 9 آلاف جنيه.
أما في حي الزمالك فيبلغ سعر المتر 14 ألف جنيه، وفي المقطم 4500، وفي حلوان 2300، ويبلغ متوسط سعر المتر بمدينة بدر 2200 جنيه، وفي مدينة العاشر من رمضان يصل المتر بها إلى 2500 جنيه، وفي جاردن سيتى فيصل المتر بها إلى 9300 جنيه.
المفاجأة التي كشفها لنا بعض السماسرة، هي أن العثور على شقة بأسعار أقل من ما سبق ذكره، يعني بالضرورة، أنها مخالفة، وبالتالي يجب الخوف من اقتنائها، ودفع أي مبالغ لشرائها.
لا يوجد إيجار قديم
عندما اتجهنا بتفكيرنا إلى الإيجار القديم، فشلنا أيضا في الحصول على شقة، إيجار قديم، وجدنا أنفسنا أمام مشكلات أخرى ذكرها ربيع متولي، ويعمل سمسارا بمنطقة عزبة النخل، أهمها أن الإيجار القديم غير منتشر في كل المناطق بالقاهرة، ويعتمد على فكرة دفع مقدم يبدأ من 30 ألف ويصل إلى 50 ألف جنيه، بحسب جودة التشطيب، مع إيجار شهري لا يقل عن 600 جنيه.
الإيجار الجديد مافيش استقرار
ويتحدث منصور حسن، سمسار بالجيزة، عن الإيجار الجديد، فيقول إنه لا يحقق الاستقرار المنشود للأسر، ويبدأ متوسط الإيجار فيها من 500 جنيه، ويرتفع إلى 2000 جنيه، بحسب المساحة، ودرجة التشطيب، والمدة المسموح بها والتي تبدأ من 3 شهور، وتصل إلى عامين.