الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

أخبار

مركز «رع» للدراسات الاستراتيجية يُنظّم ندوة حول مستقبل إخوان تونس

  • 9-8-2021 | 22:47

جانب من الندوة

طباعة
  • دار الهلال

عقد مركز رع للدراسات الاستراتيجية أولى حلقاته النقاشية، ضمن مشروع بحثي كبير حول (دليل مفاهيم الدم لدى الجماعات المتطرفة)، وهو أحد المشروعات البحثية الرائدة التي يتبناها المركز، ويعمل على تنفيذها ضمن خططه المستقبلية، بالتعاون مع بعض الشركاء، بهدف صياغة آليات جديدة في مواجهة التطرف والعنف، تكون بمثابة مسار موازي للمسارات التي تقوم بها الدولة في هذا المجال، على اعتبار أن مواجهة التطرف تحتاج لمواجهة شاملة من الدولة والمجتمع، ومن بينها النخب الفكرية ومراكز البحوث، التي تقع على إعتاقها مسئولية كبيرة في التصدي بالتحليل والتفنيد لبعض المفاهيم المغلوطة التي تستغلها هذه الجماعات في تجنيد الشباب والتأثير على عقولهم وتصوراتهم.

وعن المخرجات المتوقعة، فيقول المركز، إنها تتمثل في إصدار دليل إلكتروني شامل لمفاهيم الدم، يتم تحديثه باستمرار، وفق المستجدات، عمل مطويات مطبوعة من هذا الدليل، يسهل قراءاتها وتوزيعها على الشباب، تقديم محتوى بحثي على شبكة الإنترنت، في صورة مقاطع فيديو/ رسائل مسجلة/ كتيبات صغيرة.

وعقد مركز رع حلقة النقاش الأولى ضمن هذا المشروع الضخم، شارك فيها عدد من الخبراء والباحثين، كما شارك فيها باحثي وخبراء مركز رع، حيث أكد الدكتور أبو الفضل الإسناوي المشرف العام على المركز والمستشار الأكاديمي على أهمية هذا المشروع، وما يحظى به من دعم من المركز، وأشار إلى أن المركز اختار توقيت مهم، لتدشين هذا المشروع في ظل ما تشهده تونس من أحداث كثيرة، سلطت الضوء مرة أخرى على ضرورة تقييم تجربة الإخوان المسلمين في دولة عربية أخرى، بعد أن ثبت فشلهم في كل الدول التي وصلوا فيها للسلطة وآخرها مصر.

وأدار حلقة النقاش الدكتور أكرم حسام، نائب مدير مركز رع، الذي أكد على أهمية مشروع دليل مفاهيم الدم، واعتبره بمثابة المشروع الرائد للمركز على مستوى الفكر السياسي، مشددًا على أن التطورات الأخيرة فيما يتعلق باحتمالات عودة تنظيم القاعدة في أفغانستان، وما يحدث من تحركات على مستوى تنظيم داعش في إفريقيا وغيرها، يشير إلى أن هذه الجماعات بفكرها المتطرف لم تنتهي، وأنها ما تزال قادرة على الانتقال من ساحة إلى ساحة، حاملة معها أفكارها ومفاهيمها المتطرفة، كما أكد على أن سقوط تنظيم الإخوان الذي مثل الرحم الذي ولد كل هذه الأفكار ومنها خرجت جماعات التكفير والضلال في السودان وفي مصر وربما قريبًا في تونس، قد يمثل فرصة لتصحيح المسار الفكري لهذه الجماعات وقطع خطوط الاتصال الفكرية لها.   

وانقسمت حلقة النقاش إلى قسمين: الأول، جاء في مجال الفكر السياسي حيث قدم الدكتور أبو الفضل الإسناوي، قراءة في كتبات الكاتب العربي علي محمد الشرفاء من سلسلة كتاب ومضات على الطريق، وكتاب المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي، بالإضافة إلى عرض بعض مقالات المفكر في الصحف والمجالات العربية والدولية. بينما عرض طارق أبو السعد، وهو خبير في شئون الجماعات المتطرفة رؤية في كتابات مختار نوح مستخلصة من كتاب موسوعة العنف في الحركات الإسلامية المسلحة – 50 عاما من الدم.

وجاء الجزء الثاني من الندوة: في مجال العلاقات الدولية من خلال التطبيق على الوضع الراهن في تونس، حيث قدمت ثلاث أوراق بحثية، الأولى قدمها الدكتور محمد أبو سريع الخبير الاقتصادي ومستشار المركز للشئون الاقتصادية، حول الأداء الاقتصادي لحركة النهضة والجرائم الاقتصادية لها منذ 2011، والثانية قدمها الدكتور عدنان موسى المدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمشرف على برنامج الدراسات الأفريقية بالمركز حول واقع ومستقبل الأزمة بين الرئيس قيس سعيد وإخوان تونس، والثالثة قدمتها سلمى العليمي رئيس برنامج الدراسات الأمريكية بمركز رع حول المواقف الدولية من الأزمة الراهنة في تونس. 

وتطرق كلا من طارق أبو السعد، والدكتور أبو الفضل الإسناوي في مداخلتهما إلى كثير من النقاط المهمة، والتي وردت على الترتيب في فكر مختار نوح، وعلى محمد الشرفاء بخصوص مفاهيم التطرف وسبل المواجهة، وأهمها التأكيد على صعوبة رصد مفاهيم التطرف لدى الإخوان المسلمين، بسبب الطبيعة السرية لهذه التنظيمات، وأنظمة القيادة المعقدة، والاعتماد على الأوامر الشفاهية، والإشارة لدور فتاوى المسئولين في الإخوان في تجاوز العذر الشرعي لدى الفرد الإخواني، ما يتيح استهداف المدنيين والأبرياء، والتأكيد على الدور الوظيفي لتنظيم الإخوان منذ نشأته وحتى الآن، والذي ولا يزال يلعب أدوار لصالح قوى خارجية، بالإشارة إلى أن الفكر الإخواني مر بمراحل كثيرة، التقى خلالها مع أفكار أصولية أخرى، منها الفكر الوهابي في سبعينات القرن الماضي، والفكر القاعدي في تسعينات القرن الماضي، ثم الفكر الداعشي خلال العقد الأخير من القرن الحالي.
وقدم الدكتور أبو الفضل الإسناوي وطارق أبو السعد توصيات تتعلق بجدوى المراجعات الفكرية من طرف واحد من الإخوان والجماعات المتطرفة، باعتبارها غير كافية، فلا بد من جهود مقابلة لتفكيك مفاهيم العنف، حيث أثبت الواقع سهولة التراجع عن هذه المراجعات، واعتبارها نوع من التكتيك والمناورة، كما أوصى كلا منهما بعدم جدوى نهج الحوار مع هذه الجماعات، حيث تستغله للعودة مرة أخرى للسلطة بطريق مختلف، وبالتالي لا مفر من استئصال هذه الجماعات من المجتمع، من خلال تجريدها من الأفكار التي تعتمد عليها. واعتبر الدكتور الإسناوي أن مصر لفظت الإخوان وفكرهم المتطرف للأبد، وتوقع أن تونس تسير في نفس هذا المسار، ودعا لضرورة لمراجعة النصوص والرويات التي تتعارض مع النص القراني، ويتم استغلالها لتبرير العنف والقتل والإرهاب، كما شدد على ضرورة مساندة الدعوة التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، باعتبارها المقاربة الشاملة لؤاد التطرف.
وقد أشار الإسناوي في كلمته إلى أن كتابات المفكر العربي على محمد الشرفاء في مشروعه الفكري عن مكافحة الجماعات الضالة وتصحيح المفاهيم- أكدت على أن الجماعات المتطرفة استغلت الحماسة الدينية للشعوب العربية، لتمرير أفكارها المتطرفة تحت غطاء شرعي، وأن هذه الجماعات المتطرفة اتخذت من كتب التراث إله، فقدست ما جاء في هذه الكتب من آراء، وأسسوا تنظيمات مسلحة تطبيقا لذلك، مبتعدين عن ما جاء في كلام الله في قرأننا، متخذين الدين غطاء لتفريق المسلمين إلى مذاهب وفرق وتنظيمات، على غير مراد المولى عز وجل، قال تعالى ”إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء، إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون”.
وأضاف الدكتور الإسناوي أن المفكر على الشرفاء، أكد على أن الجماعات المتطرفة اتخذت من اختلاف العقائد سبب لسفك الدماء، فيما هو معروف بمصطلح “قتل على الهوية”، مخالفين بذلك لإرادة الله وسنته في كونه، قال تعالى” ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، محذرا من خطر جماعة الإخوان هذه على الأوطان، مطالبًا فعلى الشعوب والحكومات التنبه لهم، وعدم ترك لهم الفرصة لممارسة أفكارهم الشيطانية، كما يحدث الآن في تونس من محاولات الجماعة الإرهابية، داعيًا “على الشرفاء” إلى إتباع منهج الشعب المصري، الذي لفظ الجماعة الإرهابية للأبد، ورفض التصالح معها بعد صراع معها على مدى عقود، معتبراُ من يدعوا إلى المصالحة مع تلك الجماعة، أما جاهل أو عميل يسعى لهدم الأوطان.

الاكثر قراءة