الأحد 19 مايو 2024

الفنانة التشكيلية جيهان فوزي: الفن التشكيلي يستهدف طبقة ثقافية معينة والفنان ليس معقدا نفسيا (حوار)

الفنانة التشكيلية جيهان فوزي

ثقافة10-8-2021 | 21:42

بيمن خليل

الفنان التشكيلي ليس معقد نفسيًّا

لم أترك مصر، بل أقمت فيها معارضًا كثيرة

الفن التشكيلي لطبقة ثقافية معينة

 

جيهان فوزي فنانة تشكيلية مصرية معاصرة، شاركت في العديد من المعارض الفنية في كل من مصر ودبي، لوحاتها تزين جدران وزارة الخارجية القطرية، شاركت في العديد من المعارض الدولية الكبيرة للفن التشكيلي في إيطاليا وبلجيكا، فنانة رفضت التقيد داخل إطار فني معين، ورفضت الانتماء لأي مدرسة فنية معروفة لتؤسس مدرستها الخاصة ذات الأصالة والعراقة المصرية، لتكون من أهم وأكبر الفنانين التشكليين في مصر والوطن العربي والعالم، ولذلك أجرت معها "بوابة دار الهلال" حوارًا حول بعض المفاهيم الغير واضحة للناس عن الفن التشكيلي وبعض الأمور الأخرى.

 

إلى نص الحوار:

يقال أنكِ تركتِ مصر ولن تقيمي فيها أي فعاليات مرة أخرى للفن التشكيلي؟

بالفعل أنا تركت مصر منذ 19 عامًا، ولكني أقمت فيها معارض عديدة للفن التشكيلي، منها معرض شخصي لي تحت عنوان "تعويذة الألوان"، وأقمت آخر مع فريدة درويش وسمر كامل ولكني لست متذكرة اسمه الآن، وأقمت أيضًا معارض فنية لدعم الشباب، مثل معرض جيهان فوزي للمتميزين، وكنت كل عام أعود فيه إلى مصر أقيم معرض، ولكن عن ما يتداول بأني تركت مصر؛ فهذا ليس صحيحًا، أنا بالفعل أعيش في دبي منذ 19 عامًا ولكني أعود إلى مصر من وقت لأخر وأقيم معرض فني، وآخر معرض لي كان في العام 2018.. ومنذ ذلك الوقت لم أقم بمعارض أخرى.

ما صحة أن شخصية الفنان التشكيلي تكون معقدة من الحياة؟

لا طبعًا.. هذا ليس صحيحًا، لكن عادةً الفنان يكون لديه مشاكل كثيرة وأمور صعبة في حياته، تسبب له الألم وتصحبها تجارب قاسية، ولكن يظل هذا الألم هو مَن يصنع الإبداع، ولكن شخصية الفنان التشكيلي لا تكون معقدة من الحياة إطلاقًا.

فالفنان بطبيعته لو موهوب يكون مختلف عن بقية الناس، الذين لا يمتلكون الموهبة، ولكن هذا الفنان يمتلك حساسية شديدة مفرطة في الكثير من الأحيان، يكون رقيقًا جدًّا، أمام نفسه ومشاعره وأمام الناس، ينظر للدنيا بصورة مختلفة، ويتطلع إلى الناس بطرق مختلفة، لأن الإنسان العادي لا يركز في التفاصيل على عكس الفنان، لأني أنا شخصيًا عندما أجلس مع أحد أنظر إلى ملامح وجهه، وأحملق فيها، وأتطلع إليها وأدقق في تفاصيلها، حتى أرصد النسب، وكيف العين تُرسم، ونوعية الشعر وماهية التشريح وأمور أخرى لا أحد يقدر أن يرصدها أو يفهمها أو يتفهمها سوى الفنان، أما الإنسان العادي فلا يهمه سوى الفضفضة والحكي وكلام كثير ليس له أهمية، لكن عند جلوسك مع فنان تشعر وكأنه هائم في ملكوت آخر، يتأمل في كل ما هو حوله.

كيف يستغل الفنان ألماته في التعبير عنها؟

الفنان دائمًا متأمل بطبعه، ويرصد أمور مختلفة، وتفاصيل صغيرة ودقيقة جدًّا، يستحيل على الإنسان العادي فهمها، أو رصدها مثل الفنان، وعندما يرسم الفنان لوحاته ومن فرط إحساسه أقل كلمة قادرة أن تجرحه في أضعف المواقف، ولا ينسى، ويكتم في نفسه ويخزن داخلها شعوره المحمل بالطاقة السلبية، ويخرجها في لوحاته، فتكون أكثر إبداعًا، مثل الفنان العالمي بيكاسو، في _المرحلة الزرقاء_ على حد تسميته لها، كل لوحاته وقتها كانت كئيبة جدًّا، نتيجة لظروف صعبة حدثت في حياته، مثل وفاة صديقه وأمور أخرى، فظهرت على لوحاته، حتى نرى جميع النقاد في ذلك الوقت انتقدوا لوحاته بشدة كونها تحتوي على حزن وكآبة شديدة وفظيعة إلى حد كبير، لأنه أخرج كل إحساسه في لوحة، وأنا على سبيل المثال عندما أمر بظروف قاسية في حياتي، أخرج كل مشاعري القاتمة في لوحة، سواء ظهرت مفرحة أو حزينة، ولكن النتيجة أن اللوحة تنعكس عليها مشاعري التي كانت عليها عند رسمها، فتخرج اللوحة بإحساس الفنان ولأن الفنان يرسم بإحساسه، ولهذا أقدر أن أقول لكَ تكملة للسؤال السابق أن الفنان ليس معقّدًا نفسيًّا؛ ولكنه مختلف، ينظر للحياة بمنظور آخر، ويرى الناس بطريقة مختلفة، لكونه شديد الحساسية.

ما صحة أن الفن التشكيلي دائمًا ما يرتبط بالطبقات الأرستقراطية، ولا يروق لعامة الناس كما هو الحال في الأدب المقروء؟

بالفعل أويد هذا، ولأنه صحيح، الفن التشكيلي لطبقة معينة، فهو أعد للناس الذي تمتلك ثقافة فنية عالية، ومتذوقة للفن، فلماذا يوجد فنانين تُباع لوحاتهم بالمليارات؟ لأنه يوجد مَن قدّر ريشة الفنان، واسم الفنان، وأن هذه اللوحة لم يأتي بمثلها من قبل ولن يأتي بعدها.. لأنها قطعة فنية ثرية وثمينة ونادرة، لن تحدث مرة أخرى.

ولهذا بالفعل، ليست كل طبقة تستطيع أن تقدر وتتذوق هذا الفن، وليس أي أحد يستطيع أن يقتني لوحة فنية ويدفع فيها أموال طائلة، إلا إذا كان يمتلك لهذه الثقافة الفنية المرتفعة جدًّا، وهاوي لهذا الفن، ومتذوق له، ويدرك جيدًّا ما هو الفن التشكيلي.

لكن بالطبع عامة الشعب يكون صعب عليهم أن يدركوا هذا الفن بكل صفاته وجماله، وامكانية تقدير لوحة فنية، فعلى سبيل المثال عندما تقع أيقونة فنية في أيدي إنسان ليس مثقف ولا يدرك قيمة هذا الفن يكون قد ورثها من أحد أجداده، فنراه يستخدمها كنوع من الديكور أو يركنها في بيته لأنه ليس على إدراك وثقافة بقيمة اللوحة التي معه، ومَن رسمها، وما الريشة التي تم استخدامها، وما طبيعة ألوانها المستخدمة؟ نراه لا يدرك كل هذا، ولذلك فعلاً أؤيد ما قيل بأن  بعض الفن لناس معينة، فمثلًا الفن التجريدي من أصعب أنواع الفنون، فهو فن يتسم بالصعوبة الشديدة جدًّا، يظل هذا الفن صعب على عامة الشعب أن تفهمه أو تدركه، لكن إذا رأينا فنان يرسم شجرة أو وردة أو أمور مثل هذه فنرى أنها لوحات سهل على جميع الناس أن يفهموها.. ولكن على جانب آخر يوجد لوحات بالفعل معقدة وليس بالسهل على أي إنسان أن يفهمها سوى لو كان مثقفًا، ويمتلك درجة ثقافية كبيرة جدًّا، ومتذوق للفن.

ما هي المواصفات العالمية لتصنيف اللوحات، وكيف يُقدر ثمنها؟

من وجهة نظري في هذا الموضوع أن الناس تقتني اسم الفنان ولا يقتنوا لوحة فنية، لأني بعد دراسات وأبحاث كثيرة اكتشفت أن الناس تفضل أن تشتري اسم، مثلاً مثل بيكاسو، لأنهم يعلمون عندما يقدمون أموالهم يقدمونها لأنهم يعلمون مَن هو بيكاسو، وأنه رائد من رواد الفن في التاريخ، فالناس تدفع الأموال من أجل اسم الفنان، ولدينا أيضًا ليوناردو دافنشي في لوحة العشاء الأخير، اكتشفت هنا أن الناس تدفع في المقدمة الأولى أموالها لاسم الفنان ومن ثم اللوحة، لأن اللوحة تكون تحفة فنية نادرة ليس موجود غيرها.

ما الدوافع التي دفعتك للصمود واستكمال مشوارك في الفن التشكيلي؟

الفن بالنسبة لي مثل الأكل والشراب بدونهما لا نقدر أن نعيش، ولكي أستطيع أن أكمل في هذه الحياة، لأني إنسان بدون الفن والألوان والفرشاة لا أستطيع العيش، لأني إذا جلست فترة متوقفة عن الرسم أشعر كأني ميتة، فالفن هو الهواء، والألوان بالنسبة لي هي الحياة، وأنا أرسم حتى أعيش.

أهدافك التي لم تحققيها حتى الآن؟

أهدف إلى وجود لوحاتي في متحف اللوفر، وأسعى إلى هذا الهدف، وأن تكون لوحاتي متواجدة في متاحف كثيرة حول العالم، وهذه خطوتي القادمة التي أعمل عليها إن شاء الله.

 

الاكثر قراءة