الخميس 27 يونيو 2024

دعوات لإصلاح القضاء التونسي

دعوات

عرب وعالم14-8-2021 | 21:50

دار الهلال

صاعدت الدعوات في تونس خلال الآونة الأخيرة، لإصلاح المنظومة القضائية وتحصينها من التدخلات السياسية بعد تواتر الإخلالات والتجاوزات في هذا السلك وضلوع قضاة في ملفات تهريب أموال وخدمة أجندات حزبية والتستر على إرهابيين.


وطفت هذه الدعوات إلى السطح بعد حادثة تورط قاضية تونسية في شبكة لتهريب العملة الأجنبية إلى ليبيا، بعد أن ألقي عليها القبض وهي تحمل في سيارتها الخاصة حقيبة بها نصف مليون يورو، قبل أن تتم إحالتها إلى التحقيق ورفع الحصانة عنها وإيقافها عن العمل.


وأطلق تونسيون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج (على وجه الفضل) تندرا بتبرير القاضية المتهمة فعلتها بأنها قامت بنقل الأموال على وجه الفضل، منددين بقرار النيابة العمومية الذي قضى بتركها في حالة سراح.


بينما علّق الرئيس التونسي قيس سعيد على هذه الحادثة بالقول إنه "لا فضل على أحد بوظيفته أو مركزه المالي"، مؤكدا حرصه على ضمان تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة.


وسبق أن أصدر المجلس الأعلى للقضاء في يوليو الماضي قرارا بإيقاف وكيل الجمهورية السابق البشير العكرمي الذي تنسبه أطراف لحركة النهضة بناء على تقرير للتفقدية العامة بوزارة العدل يتضمن اتهامات له بالتستر على قضايا إرهابية وإخفاء أدلة بشأن ملف اغتيال المعارضيْن اليسارييْن شكري بالعيد ومحمد البراهمي.


وفي هذا الصدد، قال رئيس لجنة مكافحة الفساد بالبرلمان بدر الدين القمودي إن الفضائح المتتالية التي يتم الكشف عنها من حين إلى آخر بشأن تورط العديد من القضاة في جرائم متعددة يتم التغاضي عن معظمها خير دليل على أن الجهاز القضائي بات معتلا ويحتاج إلى عملية تطهير واسعة.
وتابع " ان هذا التوصيف لا ينسحب على جميع القضاة لأن الشرفاء في هذا القطاع كثيرون، ولكن هذه التجاوزات تذكر بأهمية إصلاح المنظومة القضائية وإبعادها عن جميع الضغوط التي تمارس عليها سواء من قبل لوبيات سياسية أو اقتصادية".
وأكد القمودي أن الجهاز القضائي شهد خلال العشرية الأخيرة انتداب قرابة 1000 قاضٍ دون الخضوع إلى الاجراءات المتشددة التي كانت تعتمد سابقا، وهو ما سمح بدخول قضاة قد تنقصهم المعايير اللازمة لضمان الشفافية المعهودة، وفقا لقوله.


وأشار إلى أن القضاء التونسي تأثر كثيرا بالضغوطات السياسية خاصة بعد فترة تولي القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري وزارة العدل بين عامي 2011 و2013.


وأضاف أن "التدخل في الشأن القضائي كانت له تجليات عديدة، أبرزها الدعم غير المسبوق لوكيل الجمهورية السابق وصهر البحيري "البشير العكرمي" الذي اتصلت به ملفات وتجاوزات خطيرة خلال فترة توليه النيابة العمومية لمدة 5 سنوات وتغاضيه عن آلاف الملفات المتصلة بالإرهاب والتهريب والفساد".


ورأى القمودي أن الحديث عن مكافحة الفساد بعد الثورة وتخصيص قطب قضائي اقتصادي ومالي يتولى هذه المهمة بقي مجرد شعار رفع لطمأنة الرأي العام، بعد أن بقي هذا القطب خاضعا لإشراف ومراقبة وكيل الجمهورية السابق، الأمر الذي جعل هذا الجهاز مكبلا ولم يتقدم قيد أنملة في محاربة ملفات الفساد، وفقا لتعبيره.داعيا إلى التعجيل بإصلاح المنظومة القضائية، عبر مراجعة دور المجلس الأعلى للقضاء وتركيبته، ودعم استقلالية القضاة وتحريرهم من التدخلات السياسية، وإعادة النظر في دور القطب القضائي المالي وتمكينه من الآليات البشرية والفنية التي تجعله يشتغل باستقلالية، مع مراجعة آليات البت في ملفات الفساد.


كما اقترح أيضا مراجعة المعايير التي يتم اعتمادها في نقل القضاة أو ترقيتهم، حتى تكون الترقية للأكثر كفاءة وحتى تكون النقل منصفة ولا تستخدم كوسيلة من أجل إبعاد قضاة عن تناول ملفات معينة.