الإثنين 20 مايو 2024

نتيجة الثانوية العامة

مقالات16-8-2021 | 11:59

ساعات قليلة ويعلن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، نتيجة الثانوية العامة لهذا العام، ومعه يعلن الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المؤشرات الأولية لتنسيق القبول بالجامعات، المقدمات تقول بأن نسبة النجاح تدور حول متوسط الأعوام السابقة، 80% تقريبًا، بينما تؤكد أن نسب الطلاب وأعدادهم اختلفت جذريًا هذا العام في شرائح المجاميع، حيث انخفضت بصورة ملحوظة أعداد الحاصلين على الشريحة الأعلى للمجموع الكلي، 95% فيما فوق، وهو ما يشير بدوره إلى انخفاض الحدود الدنيا للقبول في كليات القمة بالجامعات الحكومية، مؤكد أنك لاحظت أن العقلية النمطية لا تزال حاكمة، نسبة نجاح، مجموع، تنسيق، وكليات قمة.

فإذا كنت تنتظر الآن النتيجة، طالب أو ولي أمر، وسط دائرة قلق لم نتعاف منها بعد، فأرجوك انصت لما أقول، لعل وعسى تهدأ قليلًا، وتتفاعل مع النتيجة المنتظرة - أيًا كانت - بما تستحقه وفقط، لم يكن جيل الثانوية العامة لهذا العام، إلا ضحية جديدة لنظام تعليم نمطي عفى عليه الزمن، حتى وإن اعترفنا بأنه يعيش سنواته الأخيرة، مشكلاته التاريخية شملت محاوره الأربعة، الطالب، المُعَلِم، المدرسة، والمنهج، أما الطالب، وخلفه الأسرة، فيخصهما من هذه المشكلات العبء المالي للدروس الخصوصية، تدني سقف التوقعات من المنظومة التعليمية، ثقافة تعليمية ضحلة تقوم على النجاح ودرجاته وليس العلم ومعارفه، وأخيرًا ضعف التمكين الإلكتروني في الريف والصعيد.

بينما تتلخص مشكلات المُعَلِم في ضعف مستوى شريحة كبيرة من المُعَلِمين علميًا ومهنيًا، أجور متدنية جعلت من الدروس الخصوصية الوسيلة الوحيدة لتحسين الدخل، وأخيرًا عدم وجود منظومة أداء تسمح بتقييم المعلم تعليميًا وتربويًا، وفي مقدمة مشكلات المدرسة ضعف البنية التحتية في أغلب المدارس الحكومية وارتفاع تكاليف التطوير، كثافة الفصول العالية كعائق في مواجهة تفاعل الطلاب مع المعلم، وأخيرًا ظاهرة التسرب من التعليم والتي تعكس بدورها افتقاد العملية التعليمية القدرة على جذب الطلاب، فإذا أتينا إلى مشكلات المنهج تجد مقررات وامتحانات قائمة على الحفظ والتلقين وليس الاستيعاب والتطبيق، ضعف وسائل التعليم التفاعلي، وأخيرًا تجاهل الجانب التربوي كجزء أساسي من العملية التعليمية.

لم تكن هذه المشكلات في مجملها، إلا بعضًا مما جاءت به ورقة عمل مبدئية، تخص إنشاء منصة رقمية للتعليم، في إطار جهود الدولة نحو تطوير المنظومة، فلا داعي إذًا لجلد ذوات أنفسكم أو أبنائكم، خاصة وأن جميعكم يعلم تمام العلم، من واقع خبرات التجارب الذاتية، أن نظام التعليم في مصر لا يزال برمته في واد، بينما سوق العمل باحتياجات حاضره ومتطلبات مستقبله في وادٍ آخر تمامًا، نظام التعليم لا يزال يتحدث لغة مفرداتها نسبة النجاح والمجموع والتنسيق وكليات القمة، بينما لغة سوق العمل مفرداتها المعارف والقدرات والمهارات والفرص المتاحة، نظام التعليم يرى الطالب مفعولًا به، بينما سوق العمل يريده فاعلًا.

فأرجوكم من جديد ألا تمنحوا الأمور أكثر مما تستحق، ولا تنسوا لحظة أن أبناء الثانوية العامة دفعات السنوات الأخيرة، دفعات المرحلة الانتقالية في مسار تطوير نظام التعليم المصري، جميعهم ضحايا لا ذنب لهم فيما قد تحصد أياديهم من نتائج أيًا كانت، حتى الفشل أو الرسوب - متى قدر الله – لا ذنب لهم فيه، والتعامل مع أي فشل من أي نوع، وأن تجعل منه فرصة لتحقيق نجاح أكبر، هو في حد ذاته إنجاز لا يقدر بثمن، ومسئولية أولياء الأمور تظل هي الأكبر والأكثر تأثيرًا، عليهم احتواء أبنائهم ودعمهم في مواجهة نتيجة الثانوية العامة، كلنا يعلم الظروف المحيطة في عامي "كورونا" تحديدًا.