الأحد 2 يونيو 2024

المرأة مسيرة حياة

22-5-2017 | 14:39

رسالة دبى بقلم: ماجدة محمود

من جديد أسافر إلى الإمارات وهذه المرة مدينة دبى مدينة التسامح والحياة ، كل شئ هنا ينبض فعلا بالحياة، الشوارع، الأبنية والبشر.

وأكثر ما لفت نظرى فى طريقى من المطار إلى الفندق هى أسماء الأبنية السكنية «الأبراج » فهنا برج الوصال وبرج العائلة وبرج السحاب وهذا فى حد ذاته له دلالات قوية فهو تعبير عن الحالة التى يعيشها المجتمع .

هذه واحدة أما الثانية وهى الأهم فاستمرارا للمبادرات الإيجابية والخلاقة التى يطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى تم إطلاق مبادرة  «تحدي القراءة العربي »، التي أطلقها سموه، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة خمسن مليون كتاب خلال عام دراسي، والتى تهدف إلى تنمية حب القراءة  لدى جيل الأطفال والشباب في العالم العربي، وغرسها كعادة متأصلة في حياتهم، كما يفتح الباب للآباء والأمهات وكذلك للميدان التعليمي لتأدية دور محوري في تغيير واقع القراءة لدى الأجيال الجديدة.. وهي محاولة إماراتية جادة لسد ثغرة كبيرة وخطيرة في جدار المعرفة والثقافة العربية الآيل للانهيار، ولاستنهاض الدول العربية عبر نشر ثقافة القراءة والاطلاع كخطوة ضرورية للخروج من حالة التراجع  الحضاري التي تعيشها.

المبادرة عظيمة فى معناها ومضمونها فهى تعيد الشباب من سن 12 عاما إلى الكتاب وتزيد من مداركه وتأخذ به بعيدا عن إهدار الوقت فى ما لا يفيد وفىً كل الحالات لن يكون خاسرا لأنه كسب المعلومة وازداد خبرة من خلال ما قرأه ، حقا الأفكار العظيمة تبنى  المجتمعات ، أيضا تم تشكيل «مجلس القوة الناعمة » الذى يتبع بشكل مباشر مجلس الوزراء والمعنى بصياغة منظومة وطنية متكاملة تشمل الجهات الحكومية والخاصة والأهلية لنقل قصة الإمارات للعالم بطريقة جديدة كما يهدف إلى تطوير استراتيجية القوة الناعمة للدولة التى تشمل مختلف المجالات العلمية، والثقافية، والفنية، والإنسانية، والاقتصادية من خلال مراجعة كل التشريعات والسياسات المؤثرة على  سمعة الإمارات بهدف ترسيخ التواصل على المستوى الشعبي مع المحيط الإقليمي والعالمى ويظهر دور المرأة فى مجلس القوة الناعمة بشكل واضح كسفيرة للتغيير والتأثير ليس فقط داخل الإمارات بل فى العالم أجمع.

أعود إلى ما جئت من أجله وهو المشاركة فى أعمال المؤتمر السابع للمرأة «قوة التأثير نحو قيادة التغيير » والذى تتبناه مؤسسة صناع التغيير فى الوطن العربي بقيادة د. محمد خليفة رئيس مجلس الإدارة، حيث ترأست الجلسة الأولى والتى ناقشت «دور المرأة العربية فى قيادة وصنع التغيير » حيث تحدثت د. صباح التميمى عضو مجلس النواب العراقى عن التغيير الذى حدث فى قانون الأحوال الشخصية وكيف أن المرأة تدفع الرجال إلى مساندتها متمنية أن يحظى المجال الاقتصادى بنهضة تشمل تغيير فى قانون الاستثمار على أن يبدأ بكوتة 25 % فى المناصب الاستثمارية مطالبة بحزمة من القوانن تعمم على المستوى النسائى العربى ، ولخص د.عبدالله الشتيوى الأكاديمي والباحث السعودى رؤية المملكة 2030 وتوجهاتها نحو المرأة من خلال تركيزها على مضاعفة العمالة النسائية فى السنوات الماضية والتى وصلت إلى 600 %، أى ما يقرب من مليون امرأة فى القطاعن العام والخاص، أما فى 2030 فتهدف الرؤية الوصول إلى ١١ ألف متطوع وهذا يعنى احتياج المملكة للعديد من النساء للمشاركة فى هذا العمل، وعن التغيير الذى شهدته الإمارات وهو لا يخفى على أحد تؤكد الأرقام على تمكن الإماراتية بشكل قوى حيث تمثل %59.4 فى سن العمل والعطاء، 66 وظائف القطاع العام ، %30 كل من الوظائف القيادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ، %27 السلك الدبلوماسى ، 22 % المجلس الوطنى إضافة إلى أن رئيسة هذا المجلس ولأول مرة على مستوى الوطن العربى امرأة، وهو ما ذكرته الباحثة جواهر المنصورى والتى أكدت على أن حواء النهضة والتغيير بدأت على يد المغفور له الشيخ زايد لتستمر ملحمة العطاء من خال أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة.

وعلى هامش المؤتمر وفى جلسة ودية جمعتنى ود.مها فؤاد، والشقيقات من الدول العربية سنا محمد وناريمان القرينى وآلاء الدوس ود. إلهام الصراوى ومارينا الجوهى وسميرة عبيد وريم حسن وهدى محمد مهدى ومنال البتاوى وخديجة المحروقى ومنال النجار، وكان محور الحديث وبالصدفة البحتة عن «الصمت الزوجى » وأقول بالصدفة لأن مجلة «حواء » كانت قد ناقشت هذه القضية على صفحاتها الأسبوع السابق للمؤتمر وكان للحديث شجن كبير حيث الهم واحد فى معاناة الزوجات فى مختلف البلدان العربية من الشرخ الذى يصيب العلاقة الزوجية  فى مقتل وهو كما كتبت فى مقالى «الصمت.. الفيرس القاتل للعلاقة الزوجية » وتشاء الأقدار أن استمع لما كتبت تقريبا من خال قصة واقعية بطلتها وداد حريرى والتى كانت جالسة معنا على نفس الطاولة والتى صمدت لأكثر من 25 عاما أمام فيروس الصمت الزوجى هذا إلى أن تزوج الأبناء ثم انهارت قواها وانفصلت لتنجو بنفسها من هذا الفيرس المدمر للحياة الزوجية والذى لم يصلح معه فى وجهة نظرها أى دواء فكان البتر أى الانفصال هو الحل الوحيد.

مشكلة أخرى تواجة المرأة الأردنية تتمثل فى عدم وجود فترة خطبة بن العرسان لأن السائد والشائع وفقا للأعراف والتقاليد هو عقد القرآن ولهذا عندما يحدث عدم وفاق ويتم الانفصال يكتب فى وثيقة الزواج توصيفا للحالة جملة «مطلقة بدون دخول » هذه الجملة تسبب مشاكل وآلاما نفسية لدى الفتاة ولدى الشخص الذى يرغب فى الارتباط بها في ما بعد ولهذا يسعى المجتمع المدنى ونائبات البرلمان إلى تقديم عدد من الاقتراحات لتغيير القانون ووضع توصيف آخر لهذا الانفصال. وانطلاقا من مبدأ المشاركة ودمج جميع الفئات فى المجتمع تم إطلاق عدد من المبادرات خلال أعمال المؤتمر  أبرزها المبادرة التونسية «الرياضة النسائية بالأرياف » وتهدف إلى إخراج المرأة من البيت وإدماجها فى الحياة وبالأخص دفعها إلى ممارسة الرياضة من أجل النهوض بها وتم وضع تحديات لها ورسالة متمثلة فى أنها مثلها مثل فتاة المدينة من حقها الاستمتاع بالحياة وتكافؤ الفرص، هذه المبادرة قدمتها فايزة سنوسى مدرسة رياضة ولاعبة كرة قدم نسائية، أما المبادرة الثانية فتقدمت بها عضوة فريق الفرسان وتتعلق بحب العطاء الذي حن يتمكن من صاحبه تنهار جميع الصعوبات والعوائق..لتكون الإرادة سيدة الموقف .. يحيطها الخير والسعادة .. هذه هي حكاية فرسان السعادة ..وهم مجموعة من الخبراء والاختصاصين والمدربن حول العالم اجتمعوا على المحبة والعطاء والسلام والتسامح عبر عالمنا الافتراضي ونثر  بذور الخبرة عبر قنوات التواصل الاجتماعي على نُسق حوار الحضارات والتبادل الثقافي .

ريم حسن مؤسسة المبادرة، خبير تربوي في الإدارة والقيادة .. عملت في بداية مشوارها المهني رئيسة لقسم الرياضيات فى المرحلة الثانوية ثم تدرجت في المناصب الإدارية كمنسق يونسكو ومديرة قسم في المدارس الأمريكية في دبي لمدة 14 عاما ، وتقول: مررت بمحطات فاصلة في حياتي ساهمت في تطوير ذاتي ، وريادتي لمبادرة فرسان السعادة والتي تهدف إلى تمكن فئات المجتمع معرفياً وثقافيا واجتماعيا ونفسياً ولاسيما المرأة التي تُعد عمود المجتمع سواءً أكانت أما أو زوجة أو ابنة أو أختا في مختلف المجالات، واستقطاب شخصيات عالمية ناجحة ومؤثرة إيجابيا في مجتمعاتهم للتحدث عن تجاربهم على الهواء مباشرة عبر الموقع الإلكتروني للمبادرة لتعزيز الدور القيادي لدى الشباب وتحفيز إبداعاتهم وإلهامهم في عالم الابتكار والتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى وعبق الحضارات.

تنوعت مجالات المبادرة بن أنشطة لدعم الطاقة الخضراء والبيئة المستدامة ونصائح تربوية في تنشئة الأبناء وتنظيم شؤون الأسرة وحلقات أسبوعية لمساندتها في تصميم ديكور المنزل أو المكتب وتعليم الرسم للأطفال مع المهندسة سناء الجفوت من دبي كما حدثتنا دالية حسن نائب مدير في مدارس الأونروا من الأردن عن دورها في تعزيز وإرساء قواعد اللغة العربية عبر الفيسبوك خال إجازة نهاية كل أسبوع وعن سعادة الأمهات خصوصا المغتربات في دول أجنبية في مناقشتها لإرشادهن إلى طرق مبتكرة لتعليم اللغة العربية لأبنائهن .

أيضا أخبرتنا دينا الزبدة من الرياض وهي كاتبة قصص أطفال عن «نادي القراءة الدولي » الذي تجتمع من خلاله سيدات من عدة دول منها سويسرا والسويد  ومصر والأردن والإمارات والسعودية عبر «الميت أب » المكتبة الإلكترونية للمبادرة ليتحاورن ويتبادلن الآراء بشكل دوري حول كتاب أو بحث علمي.

وقالت: رسالتي إلى كل نساء العالم .. المرأة العظيمة وراء الرجل العظيم ووراء الجيل المعطاء .. ارسمي بسمة على شفاه الأطفال .. اصنعي التغيير بترك بصمة إيجابية في مجتمعك بكل ماتملكن من مواهب ومعرفة. أيضا هناك عدد من أوراق العمل من بينها ورقة تناولت فى مضمونها كيفية مساعدة الإنسان على تجاوز المحن والأزمات قدمتها د.مها فؤاد من مصر بعنوان «الصحة النفسية للمرأة من القيادة للريادة » وتنبع أهميتها من كونها تتحدث عن منهجية أو تقنية جديدة في مجال الصحة النفسية للإنسان وهي تقنية ) T-H ( التي تركز علي مساعدة الفرد لتجاوز كل المعاناة والآلام والأحداث التي تنال من إرادته ليعبر إلي مرحلة الإيجابية والتركيز، وهي تقنية ذو تطبيقات واسعة تعتمد على التخلص من المعتقدات والمشاعر السلبية و تساعد على تحقيق أهداف مستقبلية مبهرة من خال التعامل مع العقل ال اواعى مباشرة، كما ل أنها منهجية معرفية سلوكية يستخدمها المستفيد للوصول إلى تناغم بن عالمه الداخلي والخارجي ل انتقال من حالة ل المعاناة والانتكاس إلى حالة الارتياح لتحقيق إنجاز غير مسبوق علي المستوى الشخصى.

ورقة العمل الثانية للدكتورة منال النجار كانت بعنوان «سباق أم لحاق » وتقول من خلالها: كرم الله الإنسان فخلقه  بيده بينما خلق باقي المخلوقات بكلمته «كن فيكون » .. خلقه في الجنة، و رغم نعيم الجنة فقد آنسه بحواء.. «لفتة : كل نعيم الجنة لم يغنه عن حواء »، و حين أكلا من الشجرة  ووقع القدر، كان عليهما أن يعودا بالركب إلى الجنة، بأن يكملا بعضهما البعض ويساعد بعضهما البعض ليقوم كل بمهمته، فللمرأة مهامها التي لايقدر عليها الرجل و للرجل مهامه الخشنة التي لا تتناسب مع رقة المرأة وأنوثتها. عليهما أن يكما بعضهما فا يتنافسان ولا يتسابقان بل يلحقان بركب الفائزين. فالموضوع لحاق لا سباق.

فى الختام وكما ذكرت فى الجلسة التى ترأستها والتي ناقشت دور المرأة فى قيادة وصنع التغيير، إن الهم النسائى واحد والحلم مشترك، أما الهم فهو أن المرأة العربية لا تزال تعانى تمييزا واضطهادا وتواجه مجتمعا ذكوريا يقف حائا أمام تحقيق طموحاتها وأح امها المتمثلة فى المطالبة بحزمة ل من القوانن ترسخ لمبدأ المساواة الحقيقية على الأرض والمرأة بالتأكيد قادرة على ذلك.