السبت 18 مايو 2024

درس «أفغانستان»

مقالات18-8-2021 | 15:28

على الشعوب أن تتوقف أمام ما حدث.. وان تراجع الأمر جيداً.. وتقرأ المشهد بعقل تستطيع أن تخرج منه بدروس ورسائل حول كيفية الحفاظ على الأوطان بالعمل والبناء والقوة والقدرة والوحدة والالتفاف والاصطفاف وترسيخ مبادىء وقيم الولاء والانتماء.. وأهمية الجيوش الوطنية.. التى تمتلك العقيدة الشريفة والإيمان بالوطن.. فـ«القابض على وطنه فى هذا العصر.. كالقابض على الجمر».. نحتاج اليقظة والوعى كشعوب حرصاً على أوطاننا حتى لا نلقى مصير الآخرين وحتى لا يكفر الإنسان بوطنه أو يتمنى مغادرته.. ويصبح وجوده على أرضه كابوساً ورعباً وفزعاً.. مشاهد مأساوية وكارثية أشبه بيوم القيامة فى أفغانستان لعلها تنفع الشعوب»؛ لنتخذ منها العبرة والعظة. . دروس وعبر.. ومشاهد يشيب لها الولدان.. فهل تتعظ الشعوب المغيبة؟

المشاهد فى أفغانستان ربما لا تحتاج تعليقاً أو تحليلاً.. الصورة كاملة أمام كل ذى عقل وعين.. العبر والدروس حدث ولا حرج.. الفرق بين الدولة الحقيقية «وشبه واللا دولة» واضح مثل الشمس.. اختر الطريق ان تكون إنسانا أو لا إنسان أن تكون فى عداد الأحياء أو الموتى فى شكل أحياء يعيشون فى أشلاء وطن.

هل تقرأ الشعوب رسائل ما يحدث فى أفغانستان جيداً وبوعى حقيقى وتخرج بنتائج وعبر ودروس. وهل أدركت الشعوب الفارق بين الوطن واللا وطن.. فما حدث ليس مجرد فوضى فحسب ولكن فى النهاية هو الموت يوم القيامة والسبب عدم وعى الشعوب.

لن أتوقف كثيرا عند أسباب الانسحاب الأمريكى من أفغانستان.. وماذا تريد من ورائه.. أو الأهداف الشيطانية التى وضعت أو استهداف الصين وروسيا أو غيرهما أو تكوين بؤر جديدة أو ملاذات أو تجميع لقوى الشر وما يحمله ذلك من مآرب ومخططات دولية.. لكننى سأتوقف عند رسائل المشهد الكارثى واللا إنسانى وحالة الفوضى والهلع والفزع والذعر التى انتابت الناس بعد دخول طالبان إلى العاصمة كابول وما أدى إليه غياب الوعى والصراعات والتشاحنات وغياب الأمن والأمان والاستقرار.. وفقدان الرؤية والهدف لبناء الدولة.. وكارثية التعاون مع الأعداء على حساب الوطن.. وأهمية وحتمية بناء الجيوش الوطنية التى تمتلك العقيدة الشريفة.. دروس ودروس ورسائل وعبر ونتائج تضعنا أمام مسئوليات كبيرة وخطيرة حتى نحافظ على أنفسنا وأوطاننا.

ما حدث فى أفغانستان رسالة مدوية تجعل الشعوب تعيد النظر فى قراءة ما حدث فى يناير 2011 أو ما أطلقوا عليه زوراً وبهتاناً الربيع العربى وما كان إلا مؤامرة صنعتها ودبرتها وصاغتها قوى الشر التى هى سبب رئيسى فى الكارثة الإنسانية وحالة الموت البطيء فى أفغانستان.. والسؤال ما هو حال الإنسان فى أفغانستان.. وكيف يحيا المواطن فيها.. وماذا عن مدى شعوره بالأمن فيها.. وهل يستطعم الحياة أم أصبح مجرد أشلاء لا قيمة لها.

ما أقصده وأعنيه هنا.. والسؤال الذى سأطرحه على المتشنجين والمتعصبين والذين جعلوا من يناير 2011 «إله عجوة» يعبدونه ألم يكن مصيرنا فى حال استمرار فوضى يناير ومؤامرتها ووجود الإخوان المجرمين فى الحكم هو نفس مصير الأفغان والذين سقطت دولتهم فى مناطق أخرى وما هى النتيجة التي كانت منتظرة من يناير.. التعمير والبناء والرخاء أم التدمير والتخريب والأسقاط والتشريد؟ أعتقد أن ما حدث كفيل بأن يجيب على عبدة يناير 2011

أن الأمن والسلامة والحفاظ على الأوطان هو شراكة متكاملة بين القيادة والشعب.. وأن المسئولية الذاتية للمواطن فى الحفاظ على الدولة، والوعى الحقيقى بمتطلبات الحفاظ على الوطن هى أساس وجود وخلود هذا الوطن.

هل من الأفضل أن نعمل ونصبر ونضحى بجزء بسيط.. وندرك أهمية الإصلاح للمنظومات الفاسدة والمختلة التى خلفتها العقود الماضية أم ان نترك الوطن يضيع.. هل نسلم عقولنا لدعاة وأرباب الفتن والأفكار الضالة والمعادية للوطن والوطنية والموالين للأعداء والمأجورين لتدمير الوطن.. أم نتحلى باليقظة ولا نسلم عقولنا لدعاة أسقاط الوطن والمزايدة والمتاجرة بعقولنا وعواطف الناس وتغييب وتزييف وعيهم.

فى اعتقادى أن ما حدث فى أفغانستان يدفع المواطن فى أى دولة أن يكون الأحرص على سلامة الوطن ومصلحة الدولة، لأنها ملك للشعب والمأوى والراعى والمحتضن والتى يطمئن الإنسان للبقاء فيها فى أمن وأمان واستقرار.

درس أفغانستان.. يجعلنا ندرك قيمة الأمن والأمان والاستقرار والبناء المستمر والعمل والتضحية والصبر وأن نرفض أى مظاهر للفوضى والعبث بمصلحة الدولة.. ونجعل من أنفسنا صمام أمان لها وحصناً لحمايتها بالوعى الحقيقى ولفظ دعوات الحقد والغل من جماعات الظلام والتطرف والإرهاب.

درس أفغانستان.. يجعلنا نسابق الزمن.. ونعمل على مدار الساعة لبناء وطن قوى وقادر يستطيع أن يحمينا من آتون المؤامرات والمخططات الشيطانية وقوى الشر التى تريد ان يسير العالم وفق أهدافها الشيطانية.

درس أفغانستان يعكس ويجسد أهمية الوعى الحقيقى.. وضرورة بناء الدولة على أسس جيدة بحيث تكون قادرة على الصمود ضد محاولات الإسقاط.. والتدمير.. أن يكون هناك خطاب حقيقى وصادق يعمل على تعميق الفهم والوعى لترسيخ قيم الولاء والانتماء للوطن والأرض وقدسية التضحية من أجله والعمل على مصالحه وهى قضية مبدأ منذ نعومة الأظافر.. ومسئولية الجميع من مؤسسات الدولة إلى المؤسسات الأهلية والخاصة.. بحيث يكون تعميق الانتماء والولاء للوطن هو أسلوب حياة من المهم التمسك والإصرار على الحفاظ على هوية الدولة وعدم التفريط فى مقاومة ثقافات التغريب والتغييب والثقافات الغريبة والشاذة وحماية شبابنا من الأفكار المسمومة والضالة وربطهم بالهوية الوطنية.. بعيداً عن السلوكيات والثقافات المستوردة والمهجنة والمصدرة إلينا والتى تحول الشعوب إلى مسخ وتفقده قيم الولاء والانتماء.. وأن نرسخ أهمية الالتفاف والاصطفاف خلف القيادة الوطنية ومشروعها القومى لبناء الدولة الحديثة ذات الشأن الكبير وصاحبة القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة.

درس أفغانستان أيضا يمنحنا أهمية العمل على عدم ترك مساحات أو فراغات للآخرين المعادين لفكرة الوطن وألا نسمح لهم باستباحة الهوية الوطنية.. أو ملء عقول الشباب والأجيال القادمة بأفكار شاذة أو إقناعهم بخلق حالة عداء مع الوطن.. وعلى الإعلام أن ينتبه فى معالجته للقضايا بحيث لايصدر الروح السلبية والقاتمة التى تؤثر على الروح المعنوية بل يدرس القضايا بشكل جيد ويشارك فى طرح الرؤى والحلول بدلاً من أفكار التنظير والهدم وبث اليأس والإحباط وعلى الإعلام أيضا، أن يكون أكثر يقظة ويتصدى لمحاولات بث الإحباط واليأس وخفض الروح المعنوية والمبالغة دون وجه حق فى نشر السلبيات أو الاستثناءات التى لا تشكل ظواهر ولا تنطبق على الأغلبية وعموم الناس.. بل من المهم ان تكون على تواصل إيجابى بالصدق والمصداقية والوعى مع الناس.

درس أفغانستان يجعلنا أيضا ندرك حتمية امتلاك الجيش الوطنى الشريف صاحب العقيدة الوطنية الشريفة والاستعداد للتضحية ومبادئ وقيم الولاء والانتماء والجيش الذى يمثل ويتشكل من كل أبناء الوطن والحقيقة ان درس أفغانستان أيضا يدفعنا أن نسجد لله شكراً وحمداً على نعمة الجيش المصرى العظيم الوطنى الشريف.. الجيش الأسطورة الحصن والسند والدرع.. فهو عمود الخيمة.

درس أفغانستان أيضا يجعلنا ندرك ونعى قيمة ونعمة الجيش الوطنى صاحب العقيدة الوطنية الشريفة.. وان نرفع القبعة بالتحية والتقدير والفخر والاعتزاز لقيادتنا السياسية الوطنية صاحبة القرار التاريخى بتطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح فى العالم حتى أصبح أقوى جيوش المنطقة وإفريقيا وأحد أقوى جيوش العالم لكنه جيش رشيد يحمى ولا يعتدى وانه الحصن والدرع والردع لكل من يحاول المساس بأمن مصر وحقوقها وثرواتها يتصدى لمحاولات النيل والمؤامرات والمخططات ليطمئن وينعم المصريون بالأمن والأمان والاستقرار فى وطن قوى وقادر.

ما أروع قيم الولاء والانتماء للوطن والأرض.. ما الذى يجعل الإنسان يخون بلده ويتعاون مع أعدائه.. إلا انه لم يتربى على الولاء والانتماء للوطن.. وترك لفساد الثقافة والفكر فأصبح كافراً بأى قيمة أو مبدأ أو وطنية.. إن الولاء والانتماء للأوطان والروح المعنوية العالية والشعوب الآمنة والمستقرة والواعية هو الذى يدفع أبناء الشعوب للتضحية من أجل الدفاع عن الوطن والأرض والسؤال المهم.. ما الذى يدفع جيشا قوامه 300 ألف مقاتل مدججاً بأحدث الأسلحة ومدرباً بأعلى التدريب على يد الولايات المتحدة أن يفر ويهرب ويفزع أمام جيش بدائى.. الإجابة هو غياب الإيمان بفكرة الوطن والأرض.. وفساد العقيدة وعدم وجود قيم الولاء والانتماء وانخفاض الروح المعنوية.. واستشراء الفساد فلم يجد قضية نبيلة يدافع عنها.

ما حدث فى يناير 2011 درس يساوى نفس درس أفغانستان لكن الدرس الأخير كان كاشفا للحقائق ومتدفقاً بالوعى.. والربط بين يناير 2011 وما حدث فى أفغانستان.. مسألة مهمة للغاية تجعلنا نخرج بدروس وعبر أهمها كيف نحافظ على الوطن.. إنها منظومة متكاملة ورؤية شاملة.. وعمل مستمر ومتواصل.. وثقافات وعقيدة متأصلة وحضارة عريقة.. وجينات تجرى فى العروق فلا يجب أن نغفل جانب الفكر والثقافة والعقيدة وترسيخ قيم الولاء والانتماء والتربية الوطنية الصحيحة.

أيضا ما حدث فى مصر خلال الـ7 سنوات درس للجميع يجسد ويؤكد أهمية البناء والتنمية وامتلاك القوة والقدرة.. يكشف أيضا لماذا كانت ومازلت مصر تسابق الزمن ولا تنام وتواصل العمل ليل نهار من أجل تنفيذ أكبر عملية بناء وملحمة فريدة فى التنمية والتقدم حتى تصبح دولة ذات شأن وقوة وقدرة ونقول: «يا مصر ما يهزك ريح الفتن والمؤامرات والمخططات والإرهاب».. هل أدركنا الآن لماذا كان الرئيس السيسى ومازال يؤكد حتمية التفافنا واصطفافنا ووحدتنا.. هل وعينا بقيمة ما كان يقوله ويطلبه منا الرئيس السيسى وهو يشير بقبضة يده لازم تكونوا يا مصريين على قلب رجل واحد.. هل أدركنا خطورة بقاء الإخوان بيننا أو فى الحكم.. وهل أدركنا عظمة وقيمة ثورة 30 يونيو 2013 العظيمة.. وكيف وحدت المصريين وعزلت نظام الإخوان الإرهابى والفاشى والعميل.

السؤال لكل مصرى.. هل كان الأفضل لك ان تعيش كوارث ومآسى ومصير  الدول التى سقطت واسأل المواطن المصرى والعربى.. هل شاهدت الصور والفيديوهات فى أفغانستان هل رأيت المواطن الأفغانى وهو يسقط من الطائرة على ارتفاع شاهق فوق اسطح المنازل.. هل شاهدت مناظر الرعب والفزع.. هل شاهدت لحظة ان تتمنى ان تغادر وطنك وتذهب لمكان آخر بعد أن تحول وطنك إلى كابوس لا تشعر فيه بأى ذرة من الأمن والأمان.. هل شاهدت لحظة أن يتمنى الإنسان الموت أهون من أن يعيش فى وطنه.

السؤال أيضا لكل مواطن بماذا خرجت من درس أفغانستان؟.. هل ستسمح لتجار الدين والأفكار المضللة والمستوردة ودعاوى الهدم والتدمير والفتن أن ينالوا من عقلك ووعيك؟.. هل أدركت قيمة قرارات الإصلاح وأهمية الوعى بضرورتها وحتميتها لتصنع وطنا قويا وقادرا بلا معاناة أو أزمات يحقق طموحات وآمال شعبه ويحقق حالة الرضا للجميع.

لن أنظر إلى الجانب السياسى أو التآمرى أو الأهداف الشيطانية فى انسحاب الأمريكان من أفغانستان.. ولكننى أريد أن تتوقف الشعوب كثيرا أمام ما حدث من فوضى وموت وفراغ وحياة تشبه الغابات وكيف يكفر الإنسان بقيمة الوطن.. وعليه أن يقرأ مشاهد أشبه بيوم القيامة.. الناس فى حالة فرار.. الجميع يفر من الجميع.. يتخلى عن كل شىء من أجل أن يغادر وطنا أصبح مثل كهوف الرعب.

على جميع الشعوب أن تتوقف كثيرا أمام دروس الدول التى تعرضت للسقوط وان تقرأ جيدا درس أفغانستان لتدرك أن الحياة فى وطن بلا هوية وبلا قيم وبلا مبادئ للولاء والانتماء.. وبلا قوة وقدرة.. وبلا شعب على قلب رجل واحد هو الموت والفناء بعينه ويصبح الإنسان مجرد جسد ينتظر أن تفارقه الروح.. لا معنى له ولا هدف.. ولا مستقبل. القابض على وطنه فى هذا العصر مثل «القابض على الجمر».. فإياكم أن تفرطوا فى قوته وقدرته ووحدته وآمنه واستقراره.. المعادلة الحقيقية أن نكون معاً قيادة وشعباً.. ومواطناً يعى ويدرك أهمية أن يكون خلف قيادته.. ولا يترك عقله للمتآمرين والخونة والعملاء والمأجورين الذين ألقت بهم أمريكا فى صناديق القمامة وتركتهم يواجهون مصيرهم هكذا فعلت فى أفغانستان وقبلها فيتنام والعراق فهذا جزاء الخيانة «عار فى الدنيا.. وجهنم فى الآخرة.. إن الله لا يحب الخائنين".

تحيا مصر

الاكثر قراءة