الخميس 18 ابريل 2024

كل يوم مسرح| مدرج بصرى الرومانى.. معلم تاريخي وسياحي نجا من ويلات الحرب فى سوريا

مدرج بصرى الرومانى

ثقافة18-8-2021 | 23:37

همت مصطفى

يظل المسرح بكل مراحل التاريخ البشري أبو الفنون فهو بلا شك أقدمها، وسيظل أيقونة المقاومة المستمرة ووسيلة مهمة حرة لطرح الرؤى والأفكار لكل مشارك في رحلته وستبقى مكانته عالية شامخة في قلوب وعقول الملايين من البشر، وتبقى خشبات المسرح وكل فضاء مسرحي  محرابًا للمسرحيين في مصر وعالمنا العربي والعالم كله.

ومع بوابة "دار الهلال" نلتقي كل يوم مع إحدى خشبات أبو الفنون والفضاءات المسرحية من مصر والوطن العربي والعالم لنحاول أن نتعرف على بعض من ملامح تاريخها المهم.

مسرح بصرى معلم تاريخي وسياحي  

مسرح بصرى أو مدرج بصرى يقع في قلعة بصرى الأثرية في مدينة بُصْرَى بالشام وهي مدينة تاريخية تتبع محافظة درعا في سوريا والتى تبعد 40 كم عن مركز مدينة درعا وحوالي 140 كم عن دمشق، وتقام عليه فعاليات مهرجان بصرى الدولي، الذي تشارك في فعالياته عدد من الفرق الفنية والتراثية السورية والعربية والعالمية، وهو من المعالم السورية المميزة.


وتشير بعض الوثائق التاريخية الموجودة إلى أن أول من أدخل العروض التي كانت تتم داخل "مسرح ومدرج بصرى" هم الرومان حيث بدأوا بعروضهم الأدبية، وكانت تتم باللغة اليونانية واللاتينية بنوعيها الكوميدي والتراجيدي.


ويعد مسرح بصرى الروماني في الشام جنوب سوريا من أكبر وأكثر المسارح والمدرجات الرومانية اكتمالً وجاهزية في العالم  وهو وما زال إلى اليوم محافظا على أهم شواهده التاريخية وخصوصًا الأبراج التي بناها صلاح الدين الأيوبي حوله، وهو أيضًا من المسارح الرومانية والعالمية التي بقيت سليمة ومتكاملة حتى الآن حيث نجا هذا المعلم التاريخي من الحرب السورية بعدما كان أدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي المهدد بالخطر بسبب المعارك التي دارت في محيطه حينذاك .


ويعود تاريخ بناء المسرح إلى ألفي عام تقريبًا حيث يقدر أنه  تم تشيده في عام 106 ميلادي، ويُعد المدرج الروماني الخاص بالمسرح  الذي يعود إلى القرن الثاني أبرز المعالم الأثرية في بلدة بصرى الشام (جنوب) وهو مدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).


ويتسع المسرح  لأكثر من (15,000) متفرج، ويتسم بكثرة المداخل حيث يمكن للمتفرجين كلهم الخروج من المدرج خلال 10 دقائق لخارج المسرح، و قبل أن يبني الرومان هذا المسرح كان هناك قلعة عربية بناها العرب الأنباط وهدمها الرومان، وهناك من علماء الآثار من يقول إن الأنباط بنوا قلعتهم على أنقاض قلعة أقدم بكثير، وكان معنى كلمة بصرى (المدينة المحصنة)، وهذا ما تكشف عنه نصوص مصرية تعود إلى الألف الثاني  قبل الميلاد فقد وجد الآثاريون قاعدة تمثال للفرعون أمينوفس، ويذكر المؤرخون أن بصرى باتت تابعة بعد هذا التاريخ لمملكة دمشق الآرامية، وبعدها باتت عاصمة لمملكة العرب الأنباط حتى سقطت دولتهم إثر الاحتلال الروماني بيد الإمبراطور تراجان (الذي بنى هذا المسرح).


ويذكر أنه بدأت الأعمال الأثرية بالمدرج والمسرح عام 1930م خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمنطقة ورافقتها أعمال ترميم في الجامع العمري، وفي نهاية عام 1940 م بدأت أعمال الكشف عن مدرجات المسرح الذي كانت تغطيه منشآت إسلامية وخزان مياه، ومنذ الاستقلال بدأت المديرية العامة للآثار والمتاحف متابعة الأعمال بمشاركة البعثات الغربية ومنها الاستمرار بالكشف عن كامل المسرح حتى عام 1970م، وفي عام 1975م تم افتتاح متحف داخل قلعة بصرى أو المسرح.


وصل الرحالة الغربيون إلى مسرح بصري متأخرين مقارنة مع تدمر وحلب ودمشق حيث كانت المشاهدات الأولى للرحالة في الجنوب، وابتدأت بداية القرن التاسع عشر من قبل الألماني( سيتزن )عام 1805م، ومن ثم الإنجليزي( بانكز ) بين عامي 1816-1818 م، وقد أنتج خلال هذه الزيارة العديد من الرسومات للمباني التي تم التعرف عليها لاحقاً، فكانت بذلك واحدة من الوثائق الهامة لمدينة بصرى، وكان من بين الرحالة الذين زاروا بصرى خلال القرن التاسع عشر الرحالة( دو لابورد ) الذي نشر العديد من الرسومات للمنشآت الهامة في المدينة.


وتوالت بعد ذلك العديد من زيارات الرحالة، واعتبارا من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين أخذت هذه الزيارات تأخذ الطابع العلمي وتم نشر مجموعة من الأبحاث والدراسات مترافقة مع الرسوم التوضيحية والصور الفوتوغرافية الأعمال الأثرية والتنقيبات.


ويتكون مسرح بصري من ثلاثة أقسام رئيسية يفصل بينها ممر عريض، إلى يمينه ظهر المقاعد التي تشكل حاجزا بين كل قسم وإلى اليسار توجد الأبواب التي يدخل منها المتفرجون وهناك صالة علوية تستند إلى أعمدة من الطراز الدوري بقي عدد منها قائمًا وعند النزول من المدرج إلى المسرح يوجد ثلاثة أبواب، وحسب التقسيم قديمًا لهذه الأبواب الباب الأول للزائرين أو للمسافرين،والباب الثاني لسكان المدينة، والباب الثالث للطبقة العليا.


ويدل البناءالكبير العظيم  لمسرح بصرى  على المكانة الكبيرة التي تتمتع بها مدينة بصرى الشام .