الثلاثاء 21 مايو 2024

هل تحتفظ الأم بحضانة طفلها إذا تزوجت من غير أبيه؟.. الإفتاء تجيب

حضانة الطفل

دين ودنيا24-8-2021 | 11:52

أماني محمد

حضانة الطفل بعد الطلاق من القضايا التي تثير حالة من الاحتقان والمشكلات بعد طلاق الزوجين وتزداد الأمور تعقيدا في حالة زواج الأم مرة أخرى، حول مصير حضانة الطفل هل تظل هي الحاضنة أم تنتقل الحضانة لطرف آخر.

وورد إلى دار الإفتاء سؤالا يقول: "هل تحتفظ الأم بحضانة طفلها إذا تزوجت من غير أبيه، وإذا انتقلت الحضانة إلى غيرها هل يجوز لهذا الغير منعها من رؤية طفلها؟".

وأكدت الإفتاء أن الحضانة حقٌّ للمحضون في المقام الأول؛ فمدارها على مصلحته، والأصل أنها للنساء، وأولاهن بها الأم؛ لأنها الأشفق على ولدها والأبصر برعاية شئونه، فإن تزوجَت بغير ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون فهذا الزواج لا يسقط بمجرده حضانَتها ما لم يكن في بقائها ضررٌ بمصلحة المحضون، وَمَرَدُّ الأمر في ذلك إلى القاضي.

وأوضحت الإفتاء أن القاضي هو المُخَوَّل بالنظر فيما يتعلق بشأن الحضانة وما يترتب عليها؛ ليحكم بما يراه محققًا تلكَ المصلحة، وفي كل حالٍ لا يجوز شرعًا منعُ أيٍّ من الوالدين أو مَن يقوم مقامها من رؤية المحضون، ولا إيغارُ صدر الطفل على أيٍّ منهم بأيّ طريقةٍ كانت.

حضانة الطفل

وأوضحت الإفتاء أن الحقُّ في الحضانة مِن آكد حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية، وأصل مادة (الحاء - والضاد - والنون): حفظ الشيء وصيانته، فالحِضْن ما دون الإِبِط إلى الكَشْح؛ يقال: احتضنت الشيء جعلته في حِضْني، ومنه: حَضَنَتِ المرأةُ ولدَها، وحَضَن الطائرُ بيضَه حَضنًا من باب قتل، وحِضانًا بالكسر أيضًا: ضمه تحت جناحه. ينظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس (2/ 73، ط. دار الفكر)، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي (1/ 140، ط. المكتبة العلمية).

وأضافت أن الحضانة شرعًا هي: حفظُ من لا يستقل بأمور نفسه عمَّا يؤذيه، وتربيتُه بما يصلحه؛ كما هو مؤدَّى تعريف العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته" (3/ 555، ط. دار الفكر)، والإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 526، ط. دار الفكر)، والشيخ الشربيني الشافعي في "الإقناع" (2/ 489، ط. دار الفكر)، والإمام البهوتي الحنبلي في "الروض المُرْبِع" (ص: 627، ط. دار المؤيد ومؤسسة الرسالة).

 

مدة حضانة الطفل

وعن المدة التي لا يستغني فيها الطفل عن رعاية أمه، فأشارت الإفتاء أنه يكون الحقُّ في حضانته ثابتًا لها؛ يدلُّ على ذلك ما جاء عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن امرأةً قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حِواءً، وإن أباه طَلَّقني، وأراد أن ينتزعه منِّي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تنكَحِي، وَلَهُ الحقُّ في النفقةِ عَلَيهِ حَتَّى يَبْلُغَ» رواه أبو داود، فجعل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حضانة الطفل لأمه، وألزم والدَه بالإنفاق عليه.

وأوضحت: الإناث أَلْيَقُ بالحضانة؛ فهنَّ أقدر مِن الرجال على رعاية المحضون في سن الطفولة والعناية به والصبر عليه وعلى احتياجاته والبقاء معه بما يكفي لحسن نشأته وصلاح نباتِه.

الحضانة بعد انفصال الزوجين

وأكدت الإفتاء أن إسناد أمر الحضانة عند انفصال الزوجين إلى الأم ابتداءً إنما هو في حال عدم بلوغ الطفل سن التمييز، وهي السن الذي لا تتضح فيه معالم التربية والتعليم بِقَدْرِ مَا يكون التركيز فيها على التغذية والرعاية والحنان؛ قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (9/ 103): [إنما يُحكَم بأن الأم أحقُّ بالحضانة من الأب في حقِّ من لا تمييز له أصلًا، وهو الصغير في أول أمره، والمجنون] اهـ.

على أن تنمية الجانب العاطفي والتربوي في الطفل نحو الأب هو أمرٌ مهمٌّ قبل سن التمييز أيضًا، فلا ينبغي إغفاله.

وتابعت: فإذا بلغ الطفل سن التمييز وجب على الأم أن تتيح للأب تربية الصغير وتهذيبه وتعليمه وتنمية فكره بقَدْر ما يحتاج إليه في ذلك؛ فالحضانة عند الفقهاء لا يُقصَد بها الاستحواذُ على الصغير وحبسُه عن رعاية الطرف الآخر وقصرُ هذه الرعاية على الحاضن وحده، وإنما هي تعبيرٌ عن المكان الذي يقيم فيه الطفل ويبيتُ عادةً، ويأتيه الطَّرَفُ الآخَر من الوالدين زيارةً فيه على العادة الجارية بين الناس في أيام الزيارة؛ يقول الإمام أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "التنبيه" (ص: 211، ط. عالم الكتب): [وإن اختار أحدَهما سُلِّم إليه، وإن كان ابنًا فاختار الأم كان عندها بالليل وعند أبيه بالنهار، وإن اختار الأب كان عنده بالليل والنهار، ولا يُمنَع مِن زيارة أمه، ولا تُمنَع الأمُّ مِن تمريضه إذا احتاج، وإن كانت بنتًا فاختارت الأب أو الأم كانت عنده بالليل والنهار، ولا يُمنَع الآخرُ مِن زيارتها وعيادتها] اهـ.