أقامت بالأمس الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن "المشروع الوطني للترجمة"، وبالتعاون مع إتحاد الكتّاب العرب – جمعية الترجمة في مقر اتحاد الكتّاب في محافظة حمص ندوة حملت عنوان (عبد المعين الملوحي... مترجماً، وأديباً) شارك فيها على جلستين الأدباء: ثائر زين الدين، وممدوح أبو الوي، وباسل مسالمة، ونزار عيون السود، وشاهر نصر، ومحمد الدنيا، ومظهر الحجي، وحسام الدين خضور، وحضرها محافظ حمص، وقائد الشرطة فيها، وابن الأديب المنقذ عبد المعين الملوحي، وحشد كبير من المهتمين بالشأن الثقافي؛ وأدارت الندوة أميمة إبراهيم رئيس فرع اتحاد الكتّاب في حمص.
وأكد ثائر زين الدين في مطلع مداخلته التي حملت عنوان (عبد المعين الملوحي شاعراً ومترجماً) أن من "يقفُ أمام عبد المعين الملوحي بإرثهِ الهائلِ شاعراً ومُترجماً وناقداً ومُحققاً ومُعلّماً، ورجلَ تنويرٍ ونهضةٍ قبل كل ذلك؛ قدَّم إلى المكتبةِ العربية ما يزيد عن مئةِ كتابٍ مطبوعٍ ونحو ثلاثة آلاف مقالة، وعشرات المخطوطاتِ، التي لم ترَ النور بعد يُرتج عليه ويحار من أينَ سيبدأ"، ثم عرج على ذكر حادثة شخصية جمعته بالأديب الملوحي عام 1989عندما أصدر مجموعته الشعرية الأولى (ورد)، وما كان من تشجيع الملوحي له، والمقالة المطولة التي كتبها عن هذا الديوان وافتتحها بالقول: "ما يزال الشعر في خير...وما يزالُ في العربِ شعراء، تلك هي الفكرة التي انتهيتُ إليها بعد قراءتي ديوان الأخ الشاعر ثائر زين الدين... وأسماه "ورد" وشرَّفني بإهدائه إلي..
وأردف زين الدين في عرض رؤية الملوحي في الأدب بأنه رأى " أن مهمةَ الأدبِ إنما تتجلّى في أنّه يصوّر ما في نفس الإنسان من فكرةٍ وعاطفة وحادثة ثم ينقل ذلك إلى نفوس القراء فيعينهم على فهم الحياة ويوقظ مشاعرهم السامية القويّة ويوجّه نفوسهم بذلك إلى الغايات الإنسانيّة النبيلة، وعليهِ يكون أدب الملوحي وفق هذه الرؤية بمعناه العام وسيلة الحياة الإنسانيّة المهذّبة والحياة الاجتماعيّة الراقية يصل بين الأفراد والجماعات من ناحية، ويصل بين العصور السابقة والأجيال اللاحقة من ناحيةٍ ثانية، ويصل بين الجماعات والجماعات من ناحية ثالثة، ويسمو بالجنس البشري كلّه إلى مستوى فكري وشعوري وخُلقي جليل" . وقدم د. ثائر زين الدين في ختام حديثه دعوة لأسرة الأديب الراحل تقديم مخطوطات والدهم التي لم تُطبع لطباعتها في الهيئة العامة السورية للكتاب.
وتناول باسل المسالمة في مداخلته أسلوب عبد المعين الملوحي في الترجمة، فقد تبيّنَ له من خلال دراسة بعض أعماله المترجمة أنّ له أسلوباً يميّزه من غيره من المترجمين، فتبعاً للملوحي تمرّ ترجمة النص بمرحلتين المرحلةُ الأولى: الترجمة الحرفية والتقيّد الكامل بالنص، والمرحلة الثانية: صياغةُ الترجمة صياغةً عربية سليمة (أو صياغة أسلوبية)؛ ويوضح د. المسالمة بأن: "هذه الصياغةُ الأسلوبية مهمّة لتحقيق ترجمة دقيقة تُـحدِثُ في القارئ تأثيراً، وهي تتطلّبُ فهماً لأسلوب النص المصدر ونوع التجربة التي يحاول المؤلِّفُ إيصالها. ومن هنا نجدُ المترجمَ، من وجهة نظر الملّوحي، يقدّم نصاً دقيقاً يلتزمُ حرفيّةَ النصِّ ومعانيَهُ من جهة، ويقدّمه بأسلوب اللغة الأخرى التي ينقله إليها من جهة أخرى. وبهذا يتكاملُ النصُّ المترجَمُ صياغةً وأسلوباً، فيحققُ بذلك تأثيرَهُ المنشود".
وتحدث ممدوح أبو الوي عن نظرية الأدب عند عبد المعين الملوحي، مسلطاً الضوء على كتابه الهام (الأدب في خدمة المجتمع) الذي تناول فيه موضوعاً واسع النطاق عريض الآفاق، يشمل النظريات الأدبية والاجتماعية التي قاربت هذا الموضوع من الناحية الفكرية المجردة، ويشمل العرض التاريخي في آداب العالم لمسرى التيارات الأدبية القديمة والحديثة من حيث خدمة الأدب للمجتمع، أو تخلي الأدب عن الميدان الاجتماعي، أو قصره على الميدان الفني.
وعرض حسام الدين خضور في مداخلته لعلاقة الترجمة والأيديولوجيا، مشيراً إلى بعض الباحثين في دراسات الترجمة الذين ميّزوا الدور المهم للأيديولوجيا في الترجمة، ومنهم: لفيفر، وهرمان، حيث كشف هؤلاء أن الترجمة لا يمكنها إلا أن تكون أيديولوجية. وأردف خضور بأن الإجابة التي تقدمها تعريفات الأيديولوجية، التي هي كما هو معروف، إشكالية منذ أن ظهرت في اللغات الأوروبية، قد استخدمت وقتئذ لتعني توجيه أفكار الناس لتترك العالم الواقعي، ومن هذا المعنى يمكن الاستنتاج أن الأيديولوجيا ذات بعدين الأول معرفي، والثاني ضد ما وراء الطبيعة، موضحاً أن إخفاق الأيديولوجيا إلى حد ما في تحديد علاقات الإنتاج في المجتمع هو ما جرّ إليها النقد بأنها تصورٌ زائف، وجعل النقاش حولها يستمر طوال القرنين الماضيين.
وعرض نزار عيون السود في ذكريات مع الأديب عبد المعين الملوحي، في حين أشار شاهر نصر لكسر عبد المعين الملوحي احتكار الترجمة عن اللغات الغربية، وسرد محمد الدنيا لنظرات في أدب الملوحي، كما ألقى أ. مظهر الحجي قصيدة في الأديب الراحل.