الأربعاء 15 مايو 2024

متحف الإسكندرية القومي ينشر صورة عملة أثرية ضمن مقتنياته الثمينة

متحف اسكندرية القومى

محافظات27-8-2021 | 20:20

كتبت: جميلة حسن

نشر متحف الإسكندرية القومي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورة وشرح لعملة أثرية من مقتنياته الثمينة، وهي عملة فولس “follis” المصنوعة من معدن البرونز، وتم سكها في الإسكندرية خلال الفترة من 610 إلى 641م.
يبلغ وزنها 2.71 جرام، وقطرها 14.8 ملليمتر، ويظهر الصليب في منتصفها، وعلى هامش الوجه يظهر النقش DN HERACLS ويعني سيدنا وحاكمنا هرقل، وفي ظهر العملة نقش حرف (s) ويمثل فئة العملة بما يساوي ستة نوميا.
يأتي ذلك استكمالًا لدور المتحف في المشاركة المجتمعية، حيث يشارك متابعي الصفحة صور وشرح لبعض القطع الأثرية الموجودة بالمتحف.
وعن التحليل التاريخي لها، أوضحت الدكتورة شيماء النوساني، أمين المتحف، عبر الصفحة الرسمية للمتحف على موقع "الفيس بوك"، أن ظهور الصليب على وجه العملة يشير إلى اهتمام الإمبراطور هرقل بالنواحي الدينية داخل الإمبراطورية، حيث كان لاتباع الطبيعة الواحدة قوة لا يستهان بها، لذلك حاول هرقل أن يميل إليهم بشيء من الود، وفي الوقت نفسه أخذ الحذر منهم، وكان هدفه في ذلك هو إرساء دعائم الحكم البيزنطي في الجهات الشرقية من الإمبراطورية.


وقد بلغت المجادلات الدينية ذروتها في عصره، فوجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، رغم عقد عدة مجامع للحد من هذه الهرطقات، إلا أنها لم تفلح، بل تطورت إلى المناداة بالطبيعة الواحدة والطبيعتين، لذلك عمل على إيجاد حل يرضي جميع الأطراف؛ وذلك للمحافظة على الوحدة الدينية للإمبراطورية.
وكان حله يتمثل في إيجاد مذهب يقضي بتوحيد جميع المذاهب التي فرقت الناس شِيَعًا وأحزابًا، ورأىٰ أن ذلك ليس بمستحيل بعد أن أصبح بطل المسيحية وناصرها، فأخذ بذلك يبحث عن أسقف ينصره في سياسة الكنيسة، ووجد ضالته في بطريرك القسطنطينية سرجيوس الذي ابتكر فكرة مذهب الإرادة الواحدة التي تقوم على القول بطبيعتين في المسيح مع الإرادة الواحدة وأطلق عليه اسم المونوثلستية monothlete وبذلك أخذ يتفاوض مع رؤساء الكنائس الشرقية، وتفاوض أيضًا مع البابوية في روما.
وبذل هرقل جهودًا في توحيد هذه الكنائس حيث استجابت له الكنيسة الأرمينية وكنيسة أنطاكية، كما التقى كيروس المعروف في المصادر العربية باسم "المقوقس" الذى أصبح أسقف فاسيس في بلاد الأكراد (شمال شرق آسيا الصغرىٰ)، وعرض عليه هرقل المذهب الجديد، فرفض كيروس في بادئ الأمر، إلا أنه سرعان ما اقتنع به بعد ذلك وأصبح من أشد المدافعين عنه.
وبعد ذلك وجه جهوده بعد ذلك نحو مصر، وكان البطريرك المونوفيزيتى المصري بنيامين على رأس كنيسة الإسكندرية، وعندما علم بقدوم كيروس إلى الإسكندرية عام 631 م انتابه القلق، فبادر بعقد مجمع ديني، خطب في القساوسة وأشار عليهم أن يختفوا في الجبال والصحاري وحثهم على أن يثبتوا على عقيدتهم حتى الموت، ثم هرب بنيامين بعد ذلك.
وعندما وصل كيروس إلى الإسكندرية عقد فيها مَجمَعًا عام 633 م، حضره عدد من الأساقفة المونوفيزتيين وممثلي المذاهب والأحزاب المختلفة، انتهى هذا المَجمَع بإقرار مذهب الإرادة الواحدة، واحتفل في الثالث من يونيه من عام 633 م في كنيسة الإسكندرية بقبول الاتحاد رسميًّا، وبهذا أذيعت فكرة الإرادة الواحدة في شخص المسيح في مرسوم شهير أعلنه الإمبراطور هرقل عام 638 م، وعُرِفَ هذا المرسوم باسم Ecthesis أي (شرح العقيدة وتقرير الإيمان) وأعلن Ecthesis الجديد للعقيدة الأرثوذكسية على جدران كنيسة القدسية صوفيا، وكان الغرض من ذلك هو تقليل الفوارق بين المذهبين، وبذلك اعترف في هذا المرسوم بطبيعتي الإلهية والبشرية ذات الإرادة الواحدة.
ومع ذلك لم يلق مذهب هرقل قبولًا، بالرغم من محاولة أتباعه فرضه بالقوة، فإن ذلك أدىٰ إلى غضب الأهالي في الأقاليم الشرقية وزاد من كراهيتهم للإمبراطورية، وهذا سبب كافٍ ساعد المسلمين على التقدم، فاندلعت بذلك أعمال الشغب في تلك الأقاليم لدرجة أنهم طالبوا الانفصال عن الإمبراطورية