الجمعة 3 مايو 2024

مؤتمر بغداد.. ونداء مصر

مقالات29-8-2021 | 20:17

منذ أكثر من 31 عاما وبالتحديد منذ عام 1990 لم يشهد العراق قدرة على الإبصار أو تكون الإرادة اللازمة للابتعاد عن أجندات خارجية حولت العراق من دولة إلى ساحة لتصفية الحسابات التي يدفع الشعب العراقي ثمنها الباهظ من دماء أبنائه وبالتالي مستقبله كما هو اليوم لذا يعد مؤتمر بغداد الذي انطلق أمس بمشاركة رفيعة المستوى لدول الجوار والعالم وبمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حمل رؤية مصرية خالصة لتحقيق التكامل البناء الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة بعد سنوات من النزاع المدمر الذي شهدته المنطقة العربية.

ويكتسب مؤتمر بغداد أهمية بالغة مدته إياه خمسة محاور هي الأجندة الأولى على طاولة القادة المجتمعين تتلخص هذه المحاور الأربعة في ضرورة توسيع الشراكات بين العراق وجيرانه وثانيها تركيز الجهود لمحاربة الجماعات الإرهابية كداعش واخواتها وثالثها بحث تطورات أفغانستان وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم فيها ورابعها بحث استهداف السفن في الخليج العربي وخامسها انتهاء المهام القتالية لأمريكا في العراق.. ملفات شديدة التوتر والإزعاج ستكون محور لقاءات مؤتمر بغداد الذي يتطلع الجميع إلى نجاحه في تحويل توترات المنطقة إلى حالة من الحوار لتجاوز التحديات التي تعد هدفا مباشرا ومصلحة مقصودة لحضور المؤتمر.

إن مصيرا مشابها لأفغانستان لابد أن يكون مزعجا للعراق وأهله بل وجيرانه فليس الوقت هو وقت منح هذه التيارات قبلة الحياة مجددا بعد أن عانت شعوب المنطقة العربية من ويلات تلك التيارات العشوائية التي زرعت في جسد الأمة  فأثخنته بالجراح والآلام.

كما لم يعد الحديث عن ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية من باب العورات التي يجب إخفاؤها ولعل الانتخابات العراقية المقبلة التي يتطلع الجميع إلى قدرتها على نزع العراق من طائفية نهشت حاضره ومستقبله تكون ملهمة في سوريا بعد أن تتكاتف الإرادات على نزعه أيضا من أجندات التدخل الخارجي التي تفسد بل وتؤخر رسوه على بر الأمان ولعل المشاركة التركية الإيرانية ستكون مسئولة مسئولية مباشرة عن تنظيف المنطقة العربية من دنس التدخل الخارجي ونقل المرتزقة وتوفير الملاذات الآمنة لها.

إن الموقف المصري من الأزمة العراقية كان ثابتا جليا لا يحتمل لبسا او تأويلا فمصر دائما وأبدا تعلي وحدة الأرض وتخلية الطريق أمام العراقيين لتحديد مصيرهم دون أي تدخل خارجي من هنا كانت كلمة الرئيس السيسي للمؤتمر كاشفة عن وجود إرادة مصرية قوية وداعمة لتخليص العراق من براثن التدخل الخارجي فقد أكد الرئيس وجود مصلحة مصرية في أن يقوم العراق بدوره المنوط به عربيا وإقليميا فحسن الجوار لابد أن يقوم على عدم الاعتداء واحترام السيادة والامتناع غير المشروط عن التدخل في الشأن الداخلي بالقوة.

وكانت هذه هي الرسالة التي وجهتها مصر إلى القادة المجتمعين في مؤتمر بغداد لكن كانت كلمات الرئيس السيسي على العراقيين شديدة الدلالة تهبهم القوة اللازمة لتجاوز تحدياتهم حيث أعلن الرئيس وبقوة أن للعراقيين أخوة لهم حريصون على نهضتهم ويثقون في قدرة شعب بهذه العراقة على تحقيق ذلك وأن مصر تضع خبراتها بين أيديهم ليتجاوزوا الخطر إيمانا من مصر بوحدة المصير والهدف.

لقد دعا الرئيس العراقيين إلى تحويل التنوع الذي يتمتع به النسيج العراقي إلي قوة للبناء فهو ثراء بشري لا يجب أن يكون منطلقا لفرقة أو نزاع .. نداء مصري لكل عراقي وعراقي بضرورة الحفاظ على الدولة بالبناء والتعمير والتعاون من أجل المستقبل عبر الانتخابات المقبلة فليس للعراق من سبيل لاستعادة دوره الريادي في المنطقة إلا بمشاركة مخلصة من أبنائه وحسن اختيار من يمثل العراقيين وإن نجح العراقيون في ذلك فقد قطعوا وللأبد الطريق امام سماسرة التجارة السياسية التي دأبت على استعمال العراق كممر لأجندات لا تبقى ولا تذر.. إن رسالة الرئيس السيسي إلى العراقيين ليست أجندة عمل مخلصة فحسب بل هي سفينة نوح ينجو مستقلوها ويخيب من يديرون لهم ظهرها فليلبِ العراقيون النداء قبل ضياع الفرصة.

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa