الثلاثاء 4 يونيو 2024

15 عاما على رحيل أديب نوبل.. نجيب محفوظ

نجيب محفوظ

ثقافة30-8-2021 | 13:06

عبدالله مسعد
تمر علينا اليوم الـ 30 من شهر أغسطس الذكرى الخامسة عشر على وفاة الأديب العالمي والحاصل على جائزة نوبل في الآداب نجيب محفوظ.

وُلِد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر عام 1911 لعائلةٍ من الطبقة الوسطى في القاهرة، وكان والده عبد العزيز إبراهيم موظفًا حكوميًّا وكان اسم أمه فاطمة وكان نجيب محفوظ  أصغر الأبناء، لكنه عاش مع أبيه وأمه كأنه طفل وحيد؛ لأن الفارق الزمني بينه وبين أصغر إخوته كان لا يقل عن عشر سنوات، وكانوا كلهم رجالا ونساء قد تزوجوا وغادروا بيت العائلة، إلا أصغرهم الذي التحق بالكلية الحربية، ثم عمل بالسودان بعد تخرجه مباشرة، لذلك كانت علاقته بأمه علاقة وطيدة.

وكان لوالدته تأثيرا عميقا فيه، بعكس والده الذي كان طوال الوقت في عمله خارج البيت، وكان صموتا لا يتحدث كثيرا داخل البيت، ويصف نجيب والدته بأنها: “سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزنا للثقافة الشعبية.. وكانت تعشق سيدنا الحسين وتزوره باستمرار.. والغريب أن والدتي أيضا كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتحب قضاء أغلب الوقت في حجرة المومياوات.. ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير “مار جرجس”.. وكنت عندما أسألها عن حبها للحسين و”مار جرجس” في نفس الوقت تقول “كلهم بركة” وتعتبرهم “سلسلة واحدة”.. والحقيقة أنني تأثرت بهذا التسامح الجميل لأن الشعب المصري لم يعرف التعصب، وهذه هي روح الإسلام الحقيقية”.

أما والده فكان موظفا “ولم يكن من هواة القراءة، والكتاب الوحيد الذي قرأه بعد القرآن الكريم هو “حديث عيسى بن هشام”؛ لأن مؤلفه المويلحي كان صديقا له، وعندما أحيل إلى المعاش عمل في مصنع للنحاس يملكه أحد أصدقائه.

وبعد تخرج نجيب سنة 1934م التحق بالسلك الحكومي، فعمل سكرتيرًا برلمانيا بوزارة الأوقاف من 1938 إلى 1945، ثم عمل بمكتبة الغوري بالأزهر، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف حتى عام 1954، فمديرا لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديرا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي عام 1960 عمل مديرًا عامًّا لمؤسسة دعم السينما، فمستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون، ومنذ عام 1966 حتى 1971 وهو عام إحالته إلى التقاعد عمل رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، وبعدها انضم للعمل كاتبًا بمؤسسة الأهرام.

نمت علاقة نجيب محفوظ بالأدب من خلال قراءته للعقاد وطه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم والشيخ مصطفى عبد الرازق، وسير “ريدر هجارد” و”تشارلس جارفس” و”جيمس بيكي” و”توماس مان” و”سارتر” و”كامى” و”بيكيت” و”بروست” و”أناتول فرانس” و”هربرت ريد” الذي كان يكتب في مجال الفن التشكيلي، و”جولزورثي” و”تولستوي”، بالإضافة إلى قراءاته في الأدب الإغريقي.

بدأ نجيب محفوظ يكتب المقالات وهو في التاسعة عشرة من عمره، ونشر أول قصصه القصيرة "ثمن الضعف" بالمجلة الجديدة الأسبوعية يوم 3 أغسطس 1934م لكنه انطلاقا من روح ثورة 1919 خطط لمشروعه الأدبي الكبير، وهو إعادة كتابة التاريخ الفرعوني بشكل روائي، وكتب بالفعل ثلاث روايات في هذا الاتجاه وهي: "عبث الأقدار ورادوبيس وكفاح طيبة"، لكنه توقف بعد ذلك وأعاد دراسة مشروعه.

وحصد الأديب العالمي نجيب محفوظ العديد من الجوائز والأوسمة والتي منها: جائزة قوت القلوب عن رواية "رادوبيس"، عام 1943، وجائزة وزارة المعارف عن رواية "كفاح طيبة"، عام 1944، وجائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "خان الخليلى"، عام 1946 ، وجائزة الدولة التشجيعية فى الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1957، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، عام 1962، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1968،ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى، عام 1969، وجائزة نوبل فى الآداب، عام 1988، وجائزة مبارك فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1999.

ومن أبرز الروايات التي كتبها الاديب الراحل:

رواية عبث الأقدار

وهي تعتبر من أولى روايات نجيب محفوظ، وتدور حول العلاقات الأسرية الفرعونية في فترة حكم خوفو، وتم تحويلها إلى مسلسل.

رواية زقاق المدق

تدور أحداث الرواية في الأربعينيات، وذلك في الحرب العالمية الثانية في أحد الأزقة في حارة الصنادقية، حيث تجد البطلة التي تدعى حميدة، نفسها وسط رجال الزقاق، ولم تقبل على نفسها ذلك لتنتهي بين الضباط الإنجليز ليقتل خطيبها على أيدي الجنود الإنجليز، وقد صدرت الرواية التي تحولت إلى فيلم سينمائي في عام 1947 م.

رواية الحرافيش

 تبدأ القصة الملحمية بحكاية عاشور الناجي، الرجل الذي نشأ من جذور متواضعة ليصبح قائداً عظيماً وأسطورة بين أهل منطقته. يلخص اسم عاشور زمن المجد للحرافيش، أو عامة الناس.

ولكن جيلًا بعد جيل، يبتعد أحفاد عاشور عن مثاله الأسطوري، يفقدون الاتصال بأصولهم حتى يظهر الناجي الذي يعيد اسم العائلة إلى ما كان عليه سابقًا.

وتم تحويلها إلى فيلم بطولة محمود ياسين وصفية العمري وممدوح عبد العليم وليلى علوي وصلاح قابيل وسوسن بدر.

رواية حديث الصباح والمساء

تعتبر من أشهر أعماله التي تم تحويلها إلى مسلسل، فتتحدث الرواية حول خمسة أجيال من ثلاث عائلات وينتشر أحفادهم في القاهرة.

وقام ببطولة المسلسل العديد من النجوم، منهم عبلة كامل وليلى علوي وخالد النبوي ونيللي كريم ومنة شلبي ودلال عبد العزيز.

رواية أولاد حارتنا

تعتبر من أهم روايات نجيب محفوظ، وتحتل مراتب عالية في قائمة رواياته، وساهمت في حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1988م، وهي من الروايات المثيرة للجدل، فناقشت الذات الإلهية وتم تحويلها إلى مسلسل إذاعي أنتجته إذاعة صوت العرب.

رواية ثرثرة فوق النيل

تعد من أهم أعماله الأدبية التي أشاد بها الجماهير، وتم نشر الرواية عام 1966م، وتناول فيها حياة العديد من المواطنين المصريين، فتحكي عن عدد من الشخصيات المصرية وهم يحاولون الهروب من الواقع اليومي البائس الذي يحيط بهم، وتم تحويلها إلى فيلم بنفس العنوان.

كما كتب محفوظ العديد من الأعمال القصصية التي خلدها التاريخ والتي منها:

همس الجنون

 تعد أول مجموعة قصصية من تأليف نجيب محفوظ، وهى عبارة عن مجموعة من القصص وقعت في القاهرة، القصص تدور معظمها حول الفضائح سواء فى المجتمع الراقى أو فى عالم القاهرة السفلى ولا تخلو القصص من نزعة وطنية. وقصص المجموعة كانت قد نشرت متفرقة فترة الثلاثينات فى جرائد ومجلات مختلفة.

دنيا الله

هى عبارة عن لوحات بالغة الجمال من حياة الناس مليئة بالكثير من اللمحات الإنسانية الرائعة، رصد فيها نجيب محفوظ الكثير من التفاصيل الهامة فى حياة أشخاص من طبقات وظروف مختلفة فى صور جمالية ومختصرة.

الحب فوق هضبة الهرم

تضم المجموعة، ثمانية قصص كل قصة حياة متكاملة، لا يوجد بها شبهة اختصار، اختلطت فيهما الرمزية بالواقعية بصورة متناسقة، وهم: "نور القمر، أهل القمة، السماء السابعة، سمارة الأمير، الراجل والآخر، صاحب الصورة، الحب فوق هضبة الهرم، الحوادث المثيرة، صدرت طبعتها الأولى عام 1979 مع تصاعد تأثيرات الحروب التى خاضتها مصر، وكذلك السياسات الاقتصادية الجديدة فى عهد الرئيس السادات.

 

8 قصص اختلطت فيها الرمزية بالواقعية بصورة متناسقة بصورة مذهلة، كل قصة حياة متكاملة لا يوجد بها شبهة اختصار، فالجرعة الأدبية متكاملة الأركان وثيقة الوضوح بديعة التكوين، كل قصة تقدم لك درسًا حياتيا كاملا، مع تركيز على المساوئ البشعة لما فعلته الرأسمالية  بالبشر.

أحلام فترة النقاهة

هى آخر أعمال نجيب محفوظ، ونشرت على حلقات فيى مجلة نصف الدنيا ثم جمعت في كتاب، وهى أول عمل لنجيب محفوظ تنشره دار الشروق، تضمن الكتاب 150 حلما، عبارة عن نصوص أحلام وشذرات من أحلام أضيف إليها أحلام متخيلة.

أصداء السيرة الذاتية

كتاب مكون من نصوص قصيرة تجمع بين السيرة الذاتية والتأمل الفلسفي والحدث القصصي المركز، نشر أولا على حلقات فى أخبار الأدب، ثم أصدره لأول مرة ناشره الأول سعيد جودة السحار مالك دار مكتبة مصر للنشر سنة 1995. آخر طبعاتها كانت من دار الشروق فى 2006.

 

احتوى الكتاب على أكثر من 200 فقرة لكل منها عنوان وبداية ونهاية، واختار نجيب محفوظ لهذه المجموعة اسم "أصداء" لينفى عنها صفة السيرة الذاتية، إلا أننا نجد حياته ملخصة فى جميع قصص المجموعة، وهى عبارة عن مقاطع قصيرة للغاية ومكثفة ورمزية.

خمارة القط الأسود

تتمحور أحداث "خمارة القط الأسود" حول خمارة يتعايش زبائنها مع قط أسود، ولا يبخلون عليه ببقايا طعامهم، وحين تمكنت الخمر من عقولهم وشرعوا فى الغناء، إذا برجل غريب عن الحى وعن الخمارة يحذرهم: أنتم سعداء إذا طلع الصباح عليكم.

 

كتب نجيب تلك القصص بعد نكسة 67 فمن يقرأ تلك القصص سيشعر بالحزن أو الاحباط من تلك الحرب، ويقول نجيب فى محفوظ ضمن أحداث القصة: "إما أن الذاكرة خدَّاعة كاذبة تختلق ما لا أصل له، وإما أن الدنيا تتغيَّر بقوة لا ترحم الذكريات

 

ورحل عنا نجيب محفوظ في 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة. وكان قبلها قد دخل المستشفى في شهر يوليو من نفس العام لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع، تاركًا أثره الكبير وأعماله الأدبية علامات في تاريخنا الثقافي، وكذلك في الحركة الفنية  لمصرية ،وأيقونة كبير للإبداع  لكل الأجيال بالحاضر، والمستقبل.