حالة من الانفلات يتعامل بها الناس تجاه الإجراءات الاحترازية المتبعة للوقاية من «كوفيد ــ 19» ومع دخول الموجة الرابعة.. واقتراب بدء العام الدراسى الجديد.. تنذر بخطر كبير.. «جائحة» أخرى فى الساحل الشمالى، أصابت الأخلاق والقيم والرُقى، وأفرزت تداعيات سلبية مثل القبح والتدنى والابتذال.. علينا أن نتصدى بحسم وحزم.. لنعيد الانضباط السلوكى والأخلاقى.. قبل أن يتحول هؤلاء المهملون والمنفلتون إلى بؤر للخطر المجتمعى.. فليكن القول الفصل فى تطبيق القانون دون تردد وبقسوة.
يقال إننا دخلنا فى الموجة الرابعة من «كورونا».. والحديث عن تعدد أنواع الفيروس وتحوراته.. وخطورة الأنواع الجديدة.. فى نفس الوقت نحن على بُعد أيام من العام الدراسى الجديد.. والدكتور طارق شوقي، وزيرالتربية والتعليم أعلنها بشكل واضح: الحضور الكامل، وتفعيل الحضور والغياب بالمدارس.. كل ذلك جميل وعادي، لكن الغريب والعجيب جداً أننا لا نرى شخصاً فى الشارع أو المواصلات العامة أو الشواطئ والمصايف والساحل الشمالي، وما أدراك ما الساحل الشمالي، الناس مش لابسة حاجة «هتلبس كمامة»؟!.. وهذا التكدس والازدحام فى المولات والسلاسل التجارية.. وعودة المقاهى «والشيشة» جهاراً نهاراً، مع ارتفاع أسعارها، وكل الأمور لدى المواطن سداح مداح، رغم نداءات الحكومة المتكررة بتوخى الحذر والالتزام بالإجراءات الاحترازية، لكن لا أحد يسمع، ولا أحد يتعظ من أعداد الموتى فى العالم، أو العذاب الذى يلقاه المصابون.
بطبيعة الحال، ومع دخول الموجة الرابعة واقتراب انتهاء الصيف، ودخول «البرد» .. وحالة الفوضى والإهمال، وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وبدء العام الدراسى، ستكون الأمور ليست على ما يرام.. وما نراه فى الشارع المصرى ينذر بخطر داهم فى ظل تجاهل المواطن لأى نوع من الإجراءات، إلا مَنْ رحم ربى.
الغريب أن المواطن ملتزم بدخول محطات مترو الأنفاق «بالكمامة».. إلا أن الموقف داخل عربات المترو مختلف تماماً، فلا تجد إلا القليل ممن يرتدى «الكمامة».. حتى أن البعض قال ساخراً إن «كورونا» من فرط الزحام لا تجد لنفسها مكاناً.. فلا أدرى لماذا يفعل الناس مثل هذه الأمور، ويفرطون فى سلامتهم أولاً، وسلامة المحيطين بهم ثانياً.. ويعلمون جيداً أنهم يذهبون إلى منازلهم، حيث أسرهم أو الأب والأم من كبار السن.. وفى النهاية لم يتخذ الكثير من الناس العظة والعبرة مما حدث خلال الفترة الماضية من وفيات وإصابات وآثار سلبية.
الدولة بح صوتها بالتحذير ومطالبة المواطنين بالالتزام بالإجراءات الاحترازية والتوعية بخطورة هذا الفيروس اللعين.
لذلك ومن خلال المؤشرات والتوقعات طبقاً للمشاهد الحالية، وما نراه فى المدن الساحلية والشوارع والمواصلات العامة ووسائل النقل والمقاهى والمولات.. هل يمكن أن يكون العام الدراسى الجديد مستقراً، رغم جهود الدولة فى السعى لتطعيم المدرسين وأعضاء العملية التعليمية فى المدارس والجامعات؟!!
الأمر يحتاج الآن تدخلاً حاسماً وحازماً.. وإعادة الانضباط وتعظيم العقوبات.. وإنهاء حالة الفوضي.. فالدولة تريد استمرار الحياة والعمل مع الأخذ بأعلى درجات الحيطة والإجراءات الاحترازية لتجنب الإصابة والوقاية من تداعيات وكوارث هذا الفيروس اللعين فى ظل ما يتردد عن أشكال مختلفة من «تحور الفيروس».
على سبيل المثال تُفاجأ فى «الأسانسيرات» أنك وسط مجموعة من الناس ليس من بينهم مَن يرتدى «الكمامة» وكأن الأمور عادية وطبيعية، وليس هناك وجود لفيروس خطير، حيَّر العالم والمراكز البحثية، وأودى بحياة الملايين، وتسبب فى كوارث اقتصادية جسيمة، وأربك الدول الكبري، وعطَّل الحياة فى كثير من بقاع المعمورة، وعزل البلدان عن بعضها البعض.
مَن أمِنَ العقاب أساء التعامل مع فيروس «كورونا» وضرب بالإجراءات الاحترازية عرض الحائط وتسبب فى إلحاق الضرر بالناس من حوله وهدد بكارثة مع المهملين أمثاله.
ما يحدث فى الساحل الشمالى لا يعبر عن المصريين أو أخلاقهم ومبادئهم وقيمهم على الإطلاق، بل مهازل ترتكب باسم الحرية.. والساحل أيضاً جزء من مصر، تنطبق عليه قوانين وقيم وأخلاقيات المصريين.. ولا يمكن لكل هذا «الفجور» فى السلوك أن يستشرى، وغير مسموح بأن يكون نمطاً للحياة أو نسقاً مجتمعياً.. لأنه ضد قيم وأصول وعادات المصريين.. فالمشاهد و«الفيديوهات» تكشف عن عُرى وتدنٍ وسكر وعربدة وخلاعة ومجون وابتذال وسوقية وبلطجة، وبنات وسيدات يتمايلن.. ومطربين ومطربات درجة عاشرة أقرب إلى الساقطات.
الساحل الشمالى فيه فئة من البشر فى منتهى التسيب والانحلال والعربدة، ولا أقول الإباحية.. فقد كنا نستكثر على الأجانب سلوكياتهم فى شواطئنا ومنتجعاتنا.. والآن نرى من بعض المصريين ما يفوق بعشرات المرات سلوك الأجانب، الذين يعبرون عن ثقافاتهم وطبيعة مجتمعاتهم.. لكنه ليس سلوك أو ثقافة المصريين على الإطلاق.
الثراء لا يعنى الفُحش والقُبح، بل المفترض أن يكون المال فرصة ثمينة للإبداع والجمال والرُقىّ والتحضُر.. وهنا.. أين الأسر المصرية.. وأين نخوة الشباب.. وغيرته على زوجته أو أخته.. هل وصل الأمر إلى البعض أن يتحول إلى «ديوث»، وهو الشخص الذى لا يغار على أهله، عندما يرى منهم منكراً أو فحْشاء؟!!.. لا أدرى كيف تقبل النساء الرجال.. وسلامات بالأحضان.. والزوج والشقيق يشاهد أمامه.. الأمر تجاوز ذلك بكثير، رقص بلا ملابس على شاطئ البحر ونساء فى حالة سكر وترنح.. وحفلات يسكنها ويديرها الشيطان نفسه، لا تجد فيها أى نوع من الاحترام أو الأخلاق.. بل الكل فى واحد.
المولى سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات احترم العلاقة الخاصة بين الزوجين.. وساقها بأدب فريد «نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم».. و«هُن لباس لكم وأنتم لباس لهن».. و«قدموا لأنفسكم» .. فهل هناك رُقى وأدب أكثر من ذلك.. إذا كان المولى سبحانه وتعالى استحي، وهو الأعظم والقادر.. فكيف لهذه الفئات أن تتجرأ على هذه الممارسات.. ربما يخرج علينا البعض من دُعاة الإباحية والانفلات الأخلاقي.. يتهموننا بمصادرة الحريات.. وأقول: هذه ليست حريات، بل دعارة واضحة.. ومكتملة، وللأسف ليست مصايف، ولكنها «مواخير» .. وأماكن للعاهرات.. وغير مقبول على الإطلاق أن يتقبل المصريون هذا الانحلال والانحراف، والابتعاد عن منظومة القيم والأخلاق المصرية، لابد من حساب وقانون وإعادة صياغة لسلوكيات هؤلاء، ووضع ضوابط للمصايف.. فغير معقول أن تكون هناك حفلات ماجنة وخليعة على الشواطئ، الفتيات عاريات، وفى أحضان الشباب.. وربما نشهد قريباً شواطئ للعُراة، وغيرها.. ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك، لأننى أخجل من ذكر ظواهر أخرى.
أكرر السؤال: أين الأسر المصرية.. وهل هذه عاداتنا وتقاليدنا، وأخلاقنا، وتعاليم أدياننا؟!.. وهل المال والثراء يعنى الفُحْش والإباحية والتدني؟!.. وأين النخوة والغيرة على الزوجة والابنة والأخت.. هل أصبحنا بلا أى نوع من الخجل والحياء؟!.. لا أقول إن هذه ظاهرة عامة، فالمصريون شعب محترم، يتمتع بالنخوة والرجولة والتدين الصحيح.. وأعرف أثرياء على درجة كبيرة من الأخلاق والقيم.. لكن علينا أن نبحث ونسأل: من أين هؤلاء.. ومن أين جاءوا.. وكيف تربوا؟!.. وهل سنظل صامتين مكتوفى الأيدى حيال هذه الممارسات والسلوكيات الدخيلة؟!!
لماذا لا تقام الحفلات ليلاً وليس على البحر، وبشروط وضوابط.. وهناك مَن يراجعها، ويحاسب على التجاوز فى الشكل التقليدى للحفلات.. وأين الرقابة والقانون والحساب والعقاب.. فالساحل أرض مصرية تنطبق عليها قوانين الفعل الفاضح فى الطريق العام، فالخصوصية أنك تفعل ما تشاء فى بيتك وبضوابط أيضاً، فلا تحوله إلى بيت دعارة، ولكن افعل مع أهلك ما تشاء، وفى نطاق الأسرة. هذا الانفلات والإباحية لا يبشران بالخير.. فالمولى عز وجل يقول: : «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً» .. صدق اللَّه العظيم.. وأنا لست من المتشددين أو المتطرفين.. ولكن هذا ديننا، وهذه أخلاقياتنا.. فالرسول العظيم (صلى اللَّه عليه وسلم) عندما جاءه شاب يريد السماح له بالزنى، قال له: «أترضاه لأمك أو أختك».. تلك هى النخوة والرجولة، وطبيعة البشر ونواميس الكون.. أما هذا الانحراف، فلا نعرفه.. أن يقف المرء دون إحساس أو خجل وزوجته أو ابنته أمامه شبه عارية، أو يقبلها شخص غريب، ليس من المحارم.. فتلك مصيبة، وتستطيع أن تبنى عليها أموراً أكثر خطورة.. هذا الأمر يشير إلى انهيار وانحلال بعض الأسر.. وتحول المال والثراء من أن يكون مصدراً للرقى والاحترام إلى مصدر للانحلال.. علينا أن نحاسب ونعيد صياغة هذه المنظومة قبل فوات الأوان.. فمن أمن العقاب أساء الأدب.. وعلينا أيضاً أن نوفر البديل الراقى والمحترم.. فلا نترك الساحة للقبح والتدنى والابتذال.. فكيف نترك الساحة للساقطات من المطربات ومطربى المهرجانات.. والقبح.. وعلينا أن ندفع بأصحاب المواهب والفن الراقى إلى كل ربوع البلاد، لنرتقى بالذوق العام بدلاً من الفن الاستهلاكي، الذى تحكمه الغرائز والإباحية والقبح.
ظواهر شاكوش وبيكا وروبي، وأغانى المؤخرات و«الهوت شورت» لابد أن ترحل كما رحلت «الغازية» لننشر الجمال والرقى والطهر، ليحل محل التدنى والابتذال والفُحش.
لا حديث للناس فى الشوارع وعلى الـ«سوشيال ميديا» والمكاتب سوى عن: إيه اللى بيحصل فى الساحل؟!.. هذه «المليطة» لابد أن تتوقف فوراً.. وتُعاد صياغة المنظومة.. وهذا الشباب المنحل كيف سيتحمل المسئولية فيما بعد.. وهل يمكن التعويل عليه فى المستقبل؟!.. وهل أصبح بعض الشباب عبيداً للنزوات والغرائز والقبح؟!.. وما خفى كان أعظم، ولا داعى للحديث.
علينا أن نتوقف ونحاسب أنفسنا كأسر.. بل كشعب.. هل ما يقوم به البعض منا يتفق مع أخلاقياتنا وقيمنا وديننا.. أم نحن أسْرَى ثقافات تدسها قوى معادية وإباحية ممنهجة تريد أن تنال من قوة هذا الشعب وشبابه الذى يمثل عصب أمنه القومي؟!!
نحتاج إعادة بعث وإحياء لمنظومة القيم المصرية، وضوابط لكل شيء.. ليس من منطلق مصادرة الحرية، لأنها ليست حرية، بل أشياء أخري، يعف اللسان عن ذكرها.
أقول إن مصر بخير.. وإن ما يحدث صادر من فئة قليلة، لا تمثل هذا الشعب المحافظ، صاحب الأخلاق والشهامة والرجولة والنخوة، والمتدين بشكل صحيح ووسطي.. لذلك لابد من وقفة مع هؤلاء.
نحتاج تفعيل الإجراءات الاحترازية للوقاية من «كورونا»، ونحتاج أيضاً إجراءات احترازية لحماية مجتمعنا من مخاطر سلوكيات الساحل، ولابد من وقف خطر انتشار جائحة الساحل وإعادة صياغة المنظومة لضبط الأمور فى المصايف والمنتجعات.