حاولت أن أتحاشى الكتابة عن التدني غير المسبوق الذي رأيناه وسمعناه على المسرح من المدعو حسن شاكوش في أحد حفلاته أمام الآلاف، ورغم صدمتي ترددت حتى لا أنزل بقلمي لهذا المستوى، ولا أنزلق إلى ترديد تلك المفردات التي يحاسب عليها القانون، وتلك البذاءات والإفرازات التي سمحنا بها للأسف ودافعنا عنها بحجة الأرزاق، إلا أن المكالمة التي جاءتني من صديقي عازف الإيقاع الأول والأشهر في العالم العربي "سعيد الأرتست" الجمعة الماضية وما حملته من مرارة وجرح كرامة، من تلك الإساءة والإهانة التي وجهها هذا الشاكوش للطبالين وأبنائهم في أغنية كريهة لا أعتقد أنها مرت علي أية جهة رقابية ولا يمكن أن أسامح في عدم مرورها
وأخذ نجم الإيقاع العالمي سعيد الأرتست في انفعالاته الجريحة يتساءل - كيف يساء إلينا وإلى أبنائنا هكذا على الملأ؟ وظل يذكرني بأسماء أساتذة كبار في فن الإيقاع حاصلين علي درجات علمية عليا منها الماجستير والدكتوراه، ومنهم من هو أستاذ دكتور يرتعد هذا الشاكوش إن وقف في حضرته وفي حضرة علمه، وتلقائيا شاركته السؤال.. ماذا يعرف هذا المطرب "الشتام" عن أبناء هؤلاء وبناتهن وماذا يعرف عن قدرهم ومكانتهم، التي أهانها في أغنيته القبيحة وأطلق إهانته على الملأ أمام جمهور كبير - لا لشيء - سوي ليسقط إهانته تلك علي مطرب آخر زميل من نفس النوعية، بما يشبه (الردح) الذي يطلقه الشراشيح في حواري العشوائيات.
ولو يعرف الشاكوش قيمة الإيقاع كفن وكعلم، بل لو عرف قيمته هو بدون عازف الإيقاع لفكر ألف مرة قبل أن يتعرض إليه بالإهانة، ولكن كفاك الله شر الصوت الجاهل الذي لا يستند علي عقل ولا علم ولا ثقافة، ولو استند علي أي من هؤلاء لعلم أنه هو نفسه صنيعة الإيقاع وأن أغانيه ليست إلا إيقاع، وأن سر انتشاره وانتشار أغانيه لا يكمن إلا في تركيبة إيقاع صاخبة مصحوبة بأفقر أنواع الموسيقى، وأنه إن خسر عازفي الإيقاع خسر بريقه المزعوم علي المسرح، وإن غضب عليه (الطبالين) ورفضوا وجودهم في فرقته سقط وسقطت فرقته لأن الإيقاع هو نبض الفرقة وميزانها، وأن الطبال هو ضابط هذا النبض وذاك الميزان، بل إن فيلسوفا كبيرا مثل أفلاطون قال عن الإيقاع: إنك تستطيع أن تميز الإيقاع في تحليق الطيور ونبض العروق وخطوات الرقص ومقاطع الكلام.
ولكن كيف لشاكوش أن يدرك هذا وقد سعي لخسارة كل الموسيقيين، فقبل إهانته للطبالين كانت إهانته لفرقة كاملة من الموسيقيين، وبالطبع لم يكن علي قدر غضبتهم التي وصلت لنقابة الموسيقيين ومجلسها الذي كان على قدر مسئوليته الأدبية والنقابية تجاه هذه الغضبة من أعضائها، وأثلجت الصدور بقرارها الرادع بسحب ترخيص الغناء من هذا الشاكوش لأجل غير مسمى، وإن كنت أتوقع أن يخرج علينا من سيفسد هذا القرار ومن سيدفع في اتجاه تحريك غضبة مرتدة علي قرار النقابة بنفس التبريرات التي شهدناها من قبل والتي وصلت لحد الاتهامات بل الإهانات لنقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر.