السبت 20 ابريل 2024

تمام الكلام.. هل من معجزة؟

مقالات7-9-2021 | 19:00

زمان من كام سنة عدوا

الدنيا كانت غير الدنيا

والناس غير الناس

كانت أجمل.. مليانة إحساس

قلوب وعقول.. كالماس

جواهم كان بينطق رقي

فى كل شيء حي

الإنسانية.. النواحى الإبداعية

الفكرية والعلمية وحتى الدينية

إبهار يحبس الأنفاس

راح فين كل ده

ومين عليه بقسوة داس

يا ترى بإيدينا ولا شياطين من الناس

 

هكذا تتصارع الأفكار برأسي كغريق يقاوم الأمواج في محاولة يائسة للنجاة، بينما أسير في أجمل شوارع القاهرة الوارفة بأشجارها العتيقة، التي لطالما شاركت الناس قصص حبهم وعشقهم ولوعتهم وهيامهم، والعشرة الطيبة التى ربطت بينهم، مع الأمل بولادة أيام أزهى وأسعد، ولطالما طبطبت على قلوبهم المتعبة الحائرة الحزينة، فخرجوا من بين ظلالها وهفهفة أوراقها الرقيقة المتطايرة بمداعبة نسيم الهواء العاشق لها، حتى أنه لا يبرحها إلا قليل رغماً عنه، حينما تشتد عين الشمس حمرة وتوهجاً، وكلهم انسيابية ومحبة وتعلق أكثر بالحياة التى منحت لهم، تسكنهم رغبة بالغناء تأثراً بأصوت الطرب الحقيقي العذب  المنطلقة من هنا وهناك، من زاويا وأركان الشوارع الهادئة البديعة والتى كان لها فعل السحرعليهم، حيث تمنحهم الفرح والرغبة فى الفضفضة الحالمة علي أوارقهم الخاصة.

الآن تفعل ما تفعله نفس هذه الشوارع بنا من جراء الأصوات المزعجة المرتفعة، التى تنطلق من مذياع عربات الحنطور السياحية التى تقطع هذه الشوارع الرومانسية في إزعاج ليلي، وتلقي بكلمات أغانى سخيفة هنا وهناك، أكثرها مخل بالذوق والأدب، وأصوات مصطنعة غير حقيقية كونها امتزجت بتقنيات التكنولوجيا باستخدام آلات صماء في تغطية عيوب الصوت الضعيف والنشاز، الذي لا يصلح غالبيته للغناء أصلا.

وأتساءل بدهشة وحسرة المستمع القديم الحديث، الذى كان له الحظ بالاستماع إلى الطرب الحقيقي يوم كان يحلق بك في سماء الخيال وروعته، ترى ما ذنبنا وماذا فعلنا حتى نعاقب بمثل هذه الأصوات المؤرقة للمزاج والذوق والإحساس، والتي خرجت علينا بمسمى أغانى المهرجانات والعاهات، والتى أفسدت أذواق وأفعال من ابتلاهم الزمن بالاستماع اليها، كباراً وصغاراً.

ألا يكفينا ما نعانيه من سيطرة الأساليب "البلطجية"  في الشارع والبيت من خلال المسلسلات الهابطة والتجارية وفضائح وسائل التواصل الاجتماعي ومصائبها التى تطلع علينا كل بقصة جديدة تكشف عن سوء ما فعلته هذه الوسائل الحديثة، والعيب ليس في الوسيلة حتماً، التي يمكن استخدامها في التعلم والتواصل والتطور، لكن العيب في الذين استخدموا الوسيلة الحديثة والتقنيات التكنولوجية لنشر ثقافة القبح وإفساد الذوق.