أصبحت مسألة التعامل مع وباء (كوفيد-19) في تايوان ساحة لخلاف سياسي حاد بين المعسكرين الأخضر والأزرق، بعد ارتفاع عدد حالات الإصابة ثم اختفائها بعد بضعة أشهر بشكل مثير للجدل.
وذكرت دورية (ذا دبلومات) المتخصصة في الشؤون الآسيوية أنه في منتصف مايو الماضي، ارتفع عدد الحالات المصابة بكورونا إلى 180 بين عشية وضحاها بعد عام كانت فيه تحت السيطرة، ثم أبلغت تايوان في أواخر أغسطس الماضي، أي بعد مرور 101 يوما، عن عدم وجود أي حالة إصابة لأول مرة منذ ثلاثة أشهر.
وكانت رئيسة حزب التقدم الديمقراطي تساي إنج وين، أو ما يُعرف بحزب الخُضر، قد استفادت سابقا من عدم انتشار الفيروس على مدار أكثر من عام، إلا أنها تعرضت للوم من جانب حزب الكومينتانج المعارض أو حزب الزرق، لسماحها لكورونا بدخول حدود تايوان.
وتركزت الكثير من الانتقادات حول قرار حزب الخُضر خفض فترة الحجر الصحي للطيارين إلى ثلاثة أيام، تليها 11 يوما من الرعاية الصحية الذاتية، وذلك بدلا من الجدول الزمني السابق الذي كان يبلغ خمسة أيام من الحجر الصحي وتسعة أيام من الرعاية الصحية الذاتية.
واعتبر الكثيرون أن هذا القرار كان السبب الجذري في ارتفاع حالات الإصابة في موسم الصيف، على الرغم من أن إدارة تساي أعلنت مؤخرا أنها لا ترى أن تفشي المرض قد نشأ من مجموعة أفراد طاقم شركة الخطوط الجوية الصينية.
واندلع صراع شديد بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، التي يسيطر عليها حزب الكومينتانج، حتى تمت السيطرة على تفشي المرض دون الحاجة إلى الانتقال إلى الإغلاق الكامل، مع بقاء حالة الطوارئ في "المستوى الثالث"، حيث يُحظر التجمعات الداخلية لأكثر من خمسة وتجمعات خارجية لأكثر من 10 أشخاص وضرورة ارتداء الأقنعة خارج المنزل، مع استمرار سير الأعمال.
ومع ذلك، تركز معظم الجدل السياسي في تايوان حول اللقاحات، حيث طلبت إدارة تساي بالفعل ما يقرب من 20 مليون جرعة، وهو رقم ضخم لسكان تايوان البالغ عددهم 23 مليونا، ومع بداية تفشي المرض، لم يكن لدى تايوان سوى ما يزيد قليلاً عن 300 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا بسبب التأخير في الشحن.
ولم يُقبل المواطنون في البداية على لقاح أسترازينيكا بسبب مخاوف من تجلط الدم، مما أثار مخاوف من انتهاء صلاحية هذه اللقاحات قبل استخدامها.
وتركزت المزيد من الخلافات حول لقاح ميديجن المصنوع محليا في تايوان، حيث أثارت إدارة تساي الجدل عندما سمحت باستخدام اللقاح في حالات الطوارئ دون إجراء تجارب المرحلة الثالثة على نطاق واسع، على الرغم من توسيع تجارب المرحلة الثانية.
كذلك دعمت إدارة تساي الإنتاج الضخم لميديجن في وقت مبكر قبل اختبار فعالية اللقاح، حيث سمحت الإدارة بهذه الخطوة في محاولة لمعالجة نقص اللقاحات في تايوان.
وهاجم حزب الكومينتانج هذه العملية، متهما إدارة تساي بنقص الشفافية والمخاطرة بصحة التايوانيين، حتى زعم أنها تعامل التايوانيين على أنهم "فئران تجارب".
وفي هذه الأثناء، تلقت تساي بنفسها جرعة من لقاح ميديجن وبثت العملية برمتها مباشرة على صفحتها على (فيسبوك)، لتعزيز ثقة الجمهور في اللقاح.
ومع ظهور متغير دلتا أخيرا في المجتمع التايواني في الأسبوع الماضي، من المتوقع استمرار الخلاف السياسي بين حزبي الخضر والزرق، لاسيما مع اقتراب موعد انتخابات رئاسة حزب الكومينتانج المقرر إجراؤها في 25 سبتمبر الجاري، حيث يستغل الحزب مشكلة الوباء بشكل كبير كقضية يجب مهاجمة حزب التقدم الديمقراطي بشأنها.