الثلاثاء 28 مايو 2024

حكاية مدفع «الحاجة فاطمة»

26-5-2017 | 01:29

من المؤكد أن المصريين عشقوا صوت مدفع الإفطار بعد صوت قرآن المغرب، فينتهي بعده يوم من الجوع والعطش وهو اللحظة الفارقة بين الصوم والإفطار.

وعن وجود مدفع الإفطار في حياة المصريين عدة روايات، وتؤكد كل الشواهد أن البداية كانت في مصر، ومنه انطلقت إلى الأقطار العربية.

الحاجة فاطمة
تقول إحدى الروايات التي تعود إلى اعام 859 هجرية أن هناك حاكما لمصر يدعى " خوشقدم " وهو والي عثماني، أمر جنوده بتجربة مدفع جديد جاء هدية له من صديق ألماني وكانت التجربة تتم مع غروب الشمس في أول شهر رمضان من نفس العام، فظن المصريون أن هذا تقليد جديد استحدثه السلطان لتنبيه الناس بموعد الإفطار، وبعدها بالطبع توقف انطلاق المدفع، فذهب لفيف من الأعيان والعلماء لمقابلة السلطان لطلب استمرار انطلاق المدفع يوميا؛ لأن الناس استحسنوه، ولم يجدوا السلطان والتقوا بزوجته وكانت تدعى الحاجة فاطمة، ونقلت للسلطان رغبة الرعية والعلماء، فوافق السلطان، وفرح الناس وأطلقوا على المدفع اسم "الحاجة فاطمة"، ومازال هذا الاسم عالقا بمدفع رمضان حتى الآن.

المدفع في القلعة
هناك رواية أخرى تقول، إن تاريخ ظهور مدفع رمضان أتى بعد التاريخ السابق، وتحديدا في عصر والي مصر محمد علي، وكان يعمل على تسليح الجيش واشترى عددا من المدافع الحربية الحديثة وكان ذلك في شهر رمضان، وطلب من الجنود تجربة إحداها أيضا عند غروب الشمس، فانطلق المدفع قبل أذان المغرب بثوانِ من فوق أسوار قلعة محمد علي في مصر القديمة، وظن الصائمون أن هذا تقليد جديد من الوالي، وأرسلوا للحاكم أن يستمر في هذا التقليد مرتين، قبل الإفطار وبعد السحور طوال شهر رمضان، وامتثل الوالي لرغبتهم، وكان المدفع ينطلق بالذخيرة الحية حتى عام 1859 م ومع اتساع العمران في المنطقة والخوف من تأثير الطلقات على مباني القلعة وما يجاورها تم الاستغناء عن الذخيرة الحية واستبدالها بذخيرة غير حية وتؤدي نفس الغرض.

خمسة مدافع
تغيرت على مر العصور أنواع مدفع رمضان لكن اسم الحاجة فاطمة لم يتغير، وكانت البداية بمدفع واحد ينطلق في القاهرة، ومع ازدياد العمران تم زيادة عدد المدافع لتصبح خمسة، تنطلق في نفس اللحظة من أماكن متفرقة في القاهرة ليسمعها كل الناس، ومع ظهور الإذاعة التي ساعدت في بث صوت المدفع في كل أنحاء الجمهورية، تم الاكتفاء بمدفع واحد تنقل صوته الإذاعة وأيضا التليفزيون، وتم الاستغناء عن المدفع عدة سنوات واكتفوا بالتسجيل الصوتي، إلا أنه عاد إلى الحياة مع عام 1983 وانطلق من قلعة صلاح الدين ثم انتقل إلى الآن فوق هضبة المقطم، وانتشر مدفع الحاجة فاطمة في عدة محافظات مصرية، وقبل شهر رمضان بعدة أيام تبدأ صيانته وتجهيزه للعمل طوال الشهر من خلال أربعة رجال.