الأربعاء 5 يونيو 2024

الغواصات الأسترالية تهدد بإغراق العلاقات بين باريس وواشنطن

الغواصات

عرب وعالم17-9-2021 | 11:06

دار الهلال

دخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة في أزمة مفتوحة امس الخميس بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية واستبدالها بأخرى أمريكية عاملة بالدفع النووي، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بـ"طعنة في الظهر" وقرار "على طريقة ترامب".

ومساء الأربعاء أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن إطلاق شراكة استراتيجية مع المملكة المتحدة وأستراليا، تتضمن تزويد كانبيرا بأمريكية تعمل بالدفع النووي، ما أخرج عمليا فرنسا من اللعبة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن "هذا القرار الأحادي، والمباغت يشبه كثيراً ما كان يفعله ترامب"، ولم يخف الوزير "غضبه" و"استياءه"من القرار.

وتابع لودريان "لا تجري الأمور على هذا النحو بين الحلفاء"، وهو الذي شارك في المفاوضات التي أفضت إلى "صفقة العصر" حينما كان وزيراً للدفاع في 2016، مندداً بسياسة الأمر الواقع الأمريكية والأسترالية، في ظل غياب أي تشاور مسبق.

وفي إطار التحالف الجديد مع واشنطن، ولندن، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون امس فسخ أستراليا عقداً ضخماً بـ 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو) مع فرنسا في 2016 لشراء غواصات تقليدية.

لكن أبعد من الخلاف الفرنسي الأسترالي على صفقة الغواصات، أدى القرار إلى توتر العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة.

ففي حين كان يُعتقد أن بايدن يسعى إلى تعزيز العلاقات بين ضفتي المحيط الأطلسي بعدما سادها الاضطراب، في عهد ترامب، حصل العكس.

وقالت آن سيزال الخبيرة في شؤون السياسة الخارجية الأمريكية في جامعة السوروبون في باريس: "من المؤكد أن هناك أزمة دبلوماسية صغيرة على الطاولة".

وتابعت "توجه الولايات المتحدة مؤشرات متناقضة بعض الشيء إذ تطالب حلفاءها الأوروبيين بتعزيز حضورهم العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفي الوقت نفسه تضع نفسها في موقع أوائل المنافسين لصفقات بيع الغواصات الفرنسية".

وتعهد بايدن بمواصلة "العمل بشكل وثيق مع فرنسا" التي وصفها بـ "حليف أساسي" في المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن هذه التصريحات لم تخفف الاستياء الفرنسي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن امس إن فرنسا "شريك حيوي" للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ونفى أي "انقسام إقليمي بين مصالح شركائنا على ضفتي الأطلسي والهادئ"، وشدد على أن "الشراكة مع أستراليا والمملكة المتحدة تبرهن على أننا نريد العمل مع شركائنا، خاصةً في أوروبا، لضمان أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة".

من جهته قال وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتن، إن أستراليا قررت التخلي عن الصفقة مع فرنسا لأن الغواصات الأمريكية تناسب بلاده اكثر.

وأضاف "نحن في حاجة إلى غواصة بدفع نووي ودرسنا خياراتنا. وتبين لنا أن الفرنسيين لديهم نموذج لا يتفوق على ذلك المستخدم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وفي نهاية المطاف استند قرارنا إلى مصلحة أمننا القومي".

وقال الأمريكيون إنهم تواصلوا مع الفرنسيين قبل إعلان الرئيس الأمريكي التحالف الجديد، لكن باريس نفت إبلاغها صراحة بشكل مسبق بهذه الخطوة.

ولطالما كانت باريس متوجّسة من مواصلة بايدن نهج سلفه على صعيد الأولوية الاستراتيجية، خاصةً منافسة الصين، وإن اختلف الأداء شكلاً.

لكن قضية التحالف الاستراتيجي مع أستراليا الذي يرمي إلى التصدي لمطامع الصين، تجسّد عمليا أسلوباً أحادياً في العمل وفي القرارات من جانب بايدن، بعد الانسحاب من أفغانستان.

وقال مصدر فرنسي مطلع على إن الأوروبيين تكونت لديهم فكرة "واضحة بالقدر الكافي" عن نظرة واشنطن لحلفائها.

وقال مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية توما جومار لوكالة فرانس برس: "هذا الأمر يؤكد أن الولايات المتحدة تتوقع من حلفائها أن ينصاعوا، ولا تعتمد نهجاً تشاورياً".

وتابع جومار "العلاقات مع إدارة بايدن بالغة الصعوبة لمجرد أن هذه الإدارة التي ينصب تركيزها على الصين، تريد تأكيد محوريتها".

وبإعلان التحالف الجديد سعى بايدن، إلى صرف الاهتمام بأسرع ما يمكن عن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، سعياً لإثبات قوة مكانة الولايات المتحدة.

واعتبرت سيزال أن الضربة للطموحات الفرنسية تعكس أيضاً "تنافساً على الريادة" بين الولايات المتحدة وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يطرح نفسه "رائد الدفاع عن أوروبا".

وأشارت إلى أن الأعوام الأربعة من عهد دونالد ترامب، ورغم صعوبتها على صعيد العلاقات بين ضفتي الأطلسي، مهدت فرصة للقيادة الفرنسية الألمانية".

وسيواصل ماكرون الدفع نحو تعزيز القدرات الدفاعية والاستقلالية الاستراتيجية لأوروبا، خاصةً على الصعيد الصناعي، خلال رئاسة فرنسا الدورية للاتحاد الأوروبي في الربع الأول من 2022.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن "الوقت قد حان ليُسرع الاتحاد الأوروبي الوتيرة من أجل الدفاع عن نفسه في مواجهة الهجمات الإلكترونية، والتحرك حيث لا وجود لحلف شمال الأطلسي، والأمم المتحدة، ومعالجة الأزمات في الوقت المناسب".