الجمعة 21 يونيو 2024

وتعددت أوجه "ناصر" الدرامية!

مقالات3-10-2021 | 22:41

ليس غريباً أنه كلما ذكر اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؛ تظهر المشاحنات مابين محب مؤيد إلى آخر مدى ومعارض كاره وبينهما الكثير، وذلك أيضاً طال الدراما التى ظهر فيها "ناصر".

فرغم تعدد ظهور جمال عبد الناصر على الشاشة مابين عرض قصة حياته أو التوقف عند حدث محدد أو علاقته بشخصية؛ إلا أن الجمهور ارتبط بناصر درامياً مع الظهور الخاص لاحمد زكى فى فيلم "ناصر ٥٦" ١٩٩٦ للكاتب محفوظ عبد الرحمن والمخرج محمد فاضل.

 

قد يكون ذلك "التذكر" والارتباط ؛ نظراً لعبقرية التقمص لدى الفنان أحمد زكى عندما قدم الزعيم، وقد يكون نظراً لاقتصار الفيلم على حدث التأميم الذى أبدع فى توثيقه محفوظ عبد الرحمن، وقد يكون ذلك لاختيار المخرج محمد فاضل للعودة إلى الأبيض والأسود فى تكنيك الفيلم، وقد يكون لحالة الحنين التى جاء بها الفيلم مع احساس من الفخر وحنين إلى لحظة انتصار، رغم كافة الاحتمالات التى اجتمعت فى الفيلم إلا أنه نجح فى الاحتفاظ بحالة خاصة لظهور الزعيم، واستطاع أن يجعل الجمهور لايتذكر أن سبقه فيلم "جمال عبد الناصر" ١٩٩٩ تأليف واخراج: أنور القوادرى والذى كان بطلاً له خالد الصاوى ، وقد يكون النسيان نظراً للجنسية السورية لصانعه مما جعله غير متواجد فى السوق المصرى، وقد يرجع إلى عدم اقتصاره على مرحلة محددة والانتقادات التى لاحقته حول تقديمه لشخصية ناصر.

وذلك أيضاً لحق بصورة ما لمسلسل "جمال عبد الناصر" ٢٠٠٨ الذى كتبه يسرى الجندى وأخرجه المخرج السورى باسل الخطيب وجسده الفنان مجدى كامل الذى اجتهد كثيراً فى تقديم صورة الزعيم، ومن المفترض ظهور جزء ثانى له يتوقف عند عام ١٩٦٧ وما بعدها!

 

المفارقة أنه رغم أن الفيلم والمسلسل لم يقتصرا على لحظات محددة أو فارقة فى حياة "ناصر" ؛ بل امتدت أحداثهما لسنوات واستطاعا أن يقتربا بصورة ما من شخصيته ؛ إلا أنهما لم ينالا ذاكرة الجمهور!!!

على الجانب الآخر لم يقتصر ظهور "ناصر" درامياً على الأعمال التى تحمل اسمه أو بطولته للحظات تاريخية ؛ بل ظهر هامشياً فى مسلسل "ام كلثوم" ١٩٩٩ الذى كتبه محفوظ عبد الرحمن وأخرجته إنعام محمد على؛ ليجمع ما بين أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لنستمتع برائعة "انت عمرى" ويكون ظلاً للفترة التاريخية التى شهدتها الأحداث وجانباً انسانياً حاضراً رغم الغياب.

وليظهر أيضاً فى مسلسل "العندليب حكاية شعب" ٢٠٠٦ تأليف دكتور مدحت العدل واخراج جمال عبد الحميد وكأنها "بروفة" للفنان مجدى كامل لتجسيده فيما بعد، ثم يأتى مع الفنان ياسر ماهر على فى مسلسل "فارس الرومانسية" ٢٠٠٣ الذى قدم سيرة يوسف السباعى من تأليف أميرة أبو الفتوح واخراج صفوت القشيرى.

 

ثم يأتى العملان اللذان أثارا الكثير: مسلسل "صديق العمر" ٢٠١٤ مع الفنان جمال سليمان الذى كتبه ممدوح الليثى ومحمد ناير وأخرجه عثمان أبو لبن، و"الجماعة الجزء الثانى"٢٠١٧ الذى كتبه وحيد حامد وأخرجه شريف البندارى ؛ فقد أثارا حالة من الاعتراض الذى ظاهره الفن وباطنه السياسة ففى العملين كانت العلاقة بعبد الحكيم عامر وجماعة الأخوان محور مناقشات لاحقها تجسيد الفنان الأردنى ياسر المصرى وعدم اتقانه اللهجة المصرية الذى سبقه ذات الاعتراض على السورى جمال سليمان!!

 

تلك المناقشات والاعتراضات على هذه النوعية من الأعمال تطرح السؤال ؛ إلى أى مدى يمكن الاقتراب من الشخصيات التاريخية أو الواقعية بصورة ما وإعادة تقديم حياتها على الشاشة، فهذه الشخصيات يصعب فصل ما يرفضه محبوها وتجاهله وكذلك الاقتراب من كافة الجوانب كما حدث بوجهات النظر المتعددة، لذلك يظل المبدع يسير على حبل مشدود محاولاً تقديم وجهة نظره، وفى ذات الوقت يرغب فى الحصول على اعجاب الجمهور ورضاه، إنها حالة يصعب الوصول إليها فى مثل هذه النوعية من الأعمال.

وقد يكون ذلك ما جعل الجمهور يكتفى بوجه أحمد زكى رغم اجتهاد الجميع وينسى الأوجه الأخرى!