الجمعة 17 مايو 2024

لماذا يتعالى أوركسترا القاهرة السيمفوني عن المشاركة في الاحتفال بانتصار أكتوبر؟


د. زين نصار

مقالات6-10-2021 | 14:48

أ.د. زين نصار

لاحظت بكل أسف مؤخرًا تعالي أوركسترا القاهرة السيمفوني عن المشاركة في الاحتفال بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر 1973 المجيدة، التي أعادت للأمة المصرية عزتها وكرامتها، واستردت أرض سيناء الغالية، بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم بعبقرية قادتها العظام وحسن تخطيطهم، وبدماء أبنائهم الذكية التي سالت على أرض المعارك.

لقد تخلف أوركسترا القاهرة السيمفوني عن المشاركة في هذه الاحتفالات في العام الماضي "أكتوبر 2020" وأيضا في هذا العام الحالي "أكتوبر2021"، والله أعلم كم من الأعوام السابقة تم فيها تجاهل الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية الجليلة.

فقد قدم أوركسترا القاهرة السيمفوني حفلا على المسرح الكبير في العام الماضي يوم (الثالث من أكتوبر2020) أي قبل موعد الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر 1973المجيدة بثلاثة أيام، ومع ذلك فقد قدم الأوكسترا في الفصل الأول عملين لمؤلف الموسيقا الروسي بيوتر إليتش تشايكوفسكى (1840 – 1893) وهما:

بولونيز من أوبرا (يوجين أونيجن) مصنف (24).

كونشيرتو الفيولينة والأوركسترا في سلم رى الصغير،مصنف (35).          

وليس لدى أي اعتراض على ما جاء في الفصل الأول من الحفل، أما الفصل الثاني من الحفل فقد قدم فيه الأوركسترا: سيمفونية في سلم ري الصغير لمؤلف الموسيقا البلجيكي المولد الفرنسى الجنسية سيزار فرانك (1822 -1890)0 ومع احترامى لسيزار فرانك كمؤلف موسيقى فرنسى له مكانته.

فالسؤال هو لماذا لم يقدم الأوركسترا في الفصل الثاني من الحفل عملين تم تأليفهما من وحي انتصارات السادس من أكتوبر عام 1973 المجيدة، وسجلا تفاصيل أحداثها، والعملان هما:

-القصيد السيمفوني (6 أكتوبر) لمؤلف الموسيقا المصري الراحل محمد رفعت جرانة (1924 -2017 )، والذى قال، كما ذكر العالم الموسيقى المصري الكبير أحمد المصري (1920 -2000 )في تعليقه الذى كتبه في البرنامج الذى وزع على الجمهور في حفل أوركسترا القاهرة السيمفوني يوم(26 سبتمبر1986)الذى قدم فيه القصيد السيفوني (6 أكتوبر)، قال رفعت جرانة "لقد كتبت هذا القصيد السيمفوني بعد أن عشت أحداث المعركة ،واستمعت إلى أبطالها وقصص البطولات والأمجاد الحربية التي حققها الجندي المصري ،خلال المعارك الشرسة في تلك الحرب. وبدأت في تأليف هذا القصيد السيمفوني بعد شهر من بداية المعركة، وقد جعلت لكل آلة موسيقية دورها في تصوير الأحداث".

واستطرد الأستاذ أحمد المصري -رحمه الله- في تعليقه على موسيقا القصيد السيمفوني قائلا: "يستهل القصيد السيمفوني بالتعبير عن هدوء الجبهة، وتسمع دقات بندول الساعة في انتظار ساعة الصفر، وتستمر دقات البندول، ثم تعلن ساعة الصفر من الأجراس (الساعة الثانية ظهرا).

ويبدأ الهجوم الكبير، ويعبر عنه في قوة بفقرة من الأوركسترا كاملا، ويسمع جزء من السلام الجمهوري، تعبيرا عن رفع الأعلام المصرية فوق جبهة القتال، وقد استطاع رفعت جرانة استغلال قدراته المتميزة في الكتابة للأوركسترا السيمفوني الكبير في التعبير والتصوير بالموسيقى عن مراحل القتال في حيوية دافقة مستغلا لغة هارمونية حديثة تتميز باستخدامه الواعي للتآلفات المتنافرة. ويمكن القول بأن هذا القصيد السيمفوني صورة معبرة عن (موسيقى المعركة) في صورة من أحسن صورها".

وجدير بالذكر أن المدونة الموسيقية للقصيد السيمفوني (6 أكتوبر) لرفعت جرانة موجود في المكتبة الموسيقية بدار الأوبرا المصرية، وقد أنشأت بنفسي بتكليف من أ.د. طارق على حسن رئيس دار الأوبرا المصرية الأسبق، مكتبة للمدونات الموسيقية للمؤلفين المصريين ومن بينها المدونات الموسيقية لمؤلفات رفعت جرانة الأوركسترالية.

أما العمل الموسيقى الثاني الذي سجل مراحل معارك حرب السادس من أكتوبر1973 المجيدة هو:

(بانوراما العبور)، لمؤلف الموسيقا المصري المعاصر عمر خيرت والذي كان يجب تقديمه في الفصل الثاني من الحفل، فقد استخدم فيه المؤلف لحن نداء (الله أكبر) كمحور أساسي لهذا العمل، باعتبار أن هذا النداء كان مفتاح النصر في حرب (رمضان/ أكتوبر1973 المجيدة)، التي أعاد فيها جنود مصر الأبطال لمصر الأرض والكرامة.

وتبدا موسيقا بانوراما العبور بلحن تؤديه آلات النفخ النحاسية التي ترتبط بالقوات العسكرية، ثم يردد كورس من الرجال نداء (الله أكبر) تصاحبه إيقاعات تفيض بالحيوية تصور حركة الجنود العامرة قلوبهم بالإيمان ،تمهيدا لاقتحام قناة السويس وانطلاق العبور الكبير، الذى أعقبه النصر المبين من الله العلى القدير، وتسمع همهمات من الكورس وتصور الأصوات التي يطلقها رجال الصاعقة لإشاعة الرعب في قلوب أعدائهم.

وقد استطاع عمر خيرت أن يحافظ على الطابع العربي لأداء الكورس، ووضعه في إطار أوركسترالى موفق، وفي نفس الوقت يسمع لحن (الله أكبر) تؤديه آلات الأوركسترا المختلفة، وخاصة آلات النفخ النحاسية التي ترمز إلى الإنجازات العسكرية التي حققتها -بفضل الله سبحانه وتعالى- قواتنا المسلحة الباسلة في حرب(رمضان/أكتوبر1973) المجيدة.

وقد ألفت هذه الموسيقى لتصاحب عرض (بانوراما العبور) الذي يقدم المراحل المختلفة لتلك الحرب لتكون بين يدي الأجيال القادمة، بالصورة والصوت.

بعد كل هذا هل من المعقول أو المقبول أن يقدم أوركسترا القاهرة السيمفوني حفلا في الثاني من أكتوبر 2021، قبل أربعة أيام من حلول السادس من أكتوبر 2021، ولا يقدم هذين العملين المصريين الذين سجلا بكل فخر أمجاد انتصار قواتنا المسلحة في حرب السادس من أكتوبر 1973 المجيدة.

وجدير بالذكر أن أوركسترا القاهرة السيمفوني قد قدم في حفل (2 أكتوبر2021): مقدمة "عصر يوم الغاب" لمؤلف الموسيقى الفرنسي كلود ديبوسى (1862 – 1918).

كونشيرتو البيانو والأوركسترا رقم 3 في سلم ري الصغير، مصنف 30، لسيرجي رحمانينوف (1873 – 1943)، السيمفونية الأولى في سلم فا الصفي، مصنف 10، هذا أمر غير مقبول بأي صورة من الصور، ولا يقبل فيه عذر مهما كان، فالواضح أنه تجاهل متعمد وبإصرار، بدليل تجاهله في العام الماضي وكذلك في هذا العام.. والله أعلم كم من السنوات السابقة تم تجاهله فيها؟