الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

رحلة إلى جهنم.. اللواء نبيل أبو النجا يروي تفاصيل أخطر عملية بتاريخ الحروب فى ذكرى نصر أكتوبر

  • 6-10-2021 | 19:34

اللواء نبيل أبو النجا

طباعة
  • أماني محمد

تزخر حرب أكتوبر بالكثير من البطولات التي خاضها أفراد الجيش المصري لتحقيق ملحمة العبور والانتصار المجيد الذي يحتفل به المصريون اليوم في ذكراه الـ48، ومن بين تلك البطولات كانت نجاحات رجال الصاعقة ودورهم في الحرب، وهو ما كشفه أحد أبطالها صاحب أصعب عملية في تاريخ الحروب والمعروفة باسم "رحلة إلى جهنم"، وهو اللواء نبيل أبو النجا، أحد أبطال حرب أكتوبر ومؤسس الفرقة 999 صاعقة.

وفي حواره لبوابة "دار الهلال"، قال أبو النجا إنه كان في وقت حرب أكتوبر نقيب على وشك الترقي لرتبة رائد، وكان أيضا رئيس استطلاع المجموعة 145 صاعقة، والتي كانت تتكون من 4 كتائب للصاعقة وتتبع الرئاسة العامة للقوات المسلحة، وكُلفت بالنزول خلف خطوط العدو عند المضايق لتعطيل دبابات العدو ومنعها من التدخل في المراحل الأولى للعبور من 6 إلى 8 ساعات.

وأكد أن هذه المدة الزمنية هي الفترة اللازمة لإنشاء الكباري التي ستعبر عليها الدبابات والمدفعيات والصواريخ لأنه بعد عبور المشاة في الثانية ظهرا لشرق القناة واقتحام الساتر الترابي واجهوا دبابات ومدرعات العدو بدون دبابات أو مدفعية مصرية، فالجنود عبروا بقوارب مطاط، وعبور المدفعية والدبابات كان يستلزم إنشاء كباري في نطاق الجيشين الثاني والثالث، وإنشاء الكوبري يستلزم من 6 إلى 8 ساعات، لذلك كان لا بد من تعطيل دبابات العدو في العمق في المراحل الأولى للعبور حتى لا تصل إلى قوات المشاة وتدمرهم.

وأضاف أنه كان المفترض النزول بالطائرات الهليكوبتر إلى المضائق وعمل كمائن لتعطيل دبابات العدو، وهذا هو الدور الذي كانوا مكلفين به، موضحا أن مهمته عرفت بأنها "رحلة إلى جهنم"، والتي يتم تدريسها في حلف الناتو على أنها من أعقد وأخطر وأعظم العمليات الخاصة في تاريخ الحروب.

رحلة إلى جهنم

وأوضح أبو النجا أن مجموعة الصاعقة التابعين لها كانت 4 كتائب، كتيبة منهم هي الكتيبة 143 صاعقة، ستتوجه بـ18 طائرة هليكوبتر منهم 6 من جبل عتاقة و12 من مضيق مرصد القطامية في الرابعة والنصف في السبت العاشر من رمضان و6 أكتوبر 1973 لعبور خليج السويس وشرق القناة والوصول إلى مضيق رأس سد على مسافة 80 كيلومتر خلف خطوط العدو جنوب بئر أبو جراد برأس سدر لعمل كمائن متكاملة.

وأضاف أن الكتيبة 3 سرايا كل كتيبة تعمل كمين، وبعد بنحو 3 كيلومتر كمين آخر وبعدها آخر، لضرب قوات العدو لتأخيره من 6 إلى 8 ساعات لإنشاء الكباري على القناة، وهي عملية استراتيجية لها تأثير شامل على مسرح العمليات، ونجاحها كان مرتبط بنجاح الجيش الثالث من جنوب فايد حتى السويس، أما الجيش الثاني من بورسعيد وحتى سيناء.

وأوضح أنه كان هناك ضربة جوية ثانية لكن القيادة العامة ألغتها، لأن الضربة الجوية الأولى حققت 95% من أهدافها فقررت الاحتفاظ بباقي الطائرات للأيام التالية للعمليات، مضيفا أنه كان مخططا للضربة الجوية الأولى خسائر من 50% إلى 60% لكن ما حدث أن الخسائر كانت أقل من 1.5% فأصيبت 5 طائرات فقط، 3 بسبب نفاذ الوقود و2 كان منهم أول شهيد في الحرب وهو عاطف السادات شقيق الرئيس السادات.

وأشار إلى أن القيادة العامة قررت إلغاء الضربة الجوية الثانية ودخول قوات الصاعقة بمفردها وهو أمر كان بمثابة مغامرة وانتحار وهو أمر وارد في العمليات العسكرية، مضيفا أنه وقت خروج الطائرات في الرابعة والنصف عصرا كان مفترض خروج الطائرات تلو الأخرى بفاصل 30 ثانية على ارتفاع منخفض حتى لا ترصد الطائرات بصواريخ العدو.

 

وأشار إلى أنه وقت خروج أولى الطائرات جاءت طائرات العدو ودمرتها وحولت المنطقتين في عتاقة والقطامية إلى قطع من جهنم، وانفجرت الطائرات على الأرض، ولم يكن واضحا من وصل ومن لم يصل، لذلك قررت القيادة العامة للقوات المسلحة تكليفي بالخروج بطائرتين عبور الخليج حتى منطقة بين رأس سدر وعيون موسى والدخول لعمق 80 كليومتر حتى المضيق.

وتابع: كان كل طائرة بها 22 فدائي من رجال الصاعقة، كان ذلك في السادسة من مساء السبت 6 أكتوبر وبعدما تحركت تعرضت الطائرتين للضرب من الطيران الإسرائيلي، وانفجرتا وسقطنا جميعا في الخليج، وكان الجميع استشهد ما عدا أنا و3 آخرين، وأخذنا قارب من السواحل إلى فندق السخنة ووجدت العقيد أركان حرب فتحي عباس مدير مكتب مخابرات السويس وأخبرني أني سأكرر المحاولة مرة أخرى من ميناء الأدبية على بعد 40 كم.

وأوضح أنه "في منتصف الطريق أبلغونا أن الطائرتين تحركتا لكنهم ضربوا بقوات الدفاع الجوي، وفشلت المحاولة الثانية، وكانت المحاولة الثالثة في فجر اليوم الثاني للحرب بتجهيز قوارب نفاثة لعبور عرض الخليج، وكل قارب كان به كميات كبيرة من الإعاشة والمعدات، لكن في الرابعة فجرا في وقت الخروج، هاجمت لانشات العدو الإسرائيلي المنطقة ودمرتها وسقط أكثر من 120 شهيد".

 

نجاح المحاولة السادسة

واستكمل: "العقيد فتحي عباس أخبرني أني سأخذ 10 سيارات برمائية في الثامنة من صباح يوم الأحد لعبور القناة ودخول وسط الجيش الثالث ورصد الموقف داخل منطقة تواجد العدو ورصد الموقف وإبلاغ القيادة، وهذه كانت عملية خيالية، وبعد نزول القناة وفتح أول فتحة في الساتر عبرت أول عربية لكن "الجنزير" لف في الطين وسقطنا، وعندما أشرت للسيارة الثانية بالعبور رصدها صاروخ إسرائيلي مباشر ودمرها، وكذلك الثالثة وبقية السيارات التي كانت متواجدة على شط القناة وفشلت المحاولة الرابعة".

وتابع أن المحاولة الخامسة كانت أيضا في يوم الأحد من خلال طائرات مروحية لقطر طائرات شراعية من المنطقة الإدارية للجيش الثالث في الروبيكي حتى رأس مسلة بين جبل عتاقة والجلالة، لكن الطائرات المروحية تعرضت للهجوم من طائرات فانتوم إسرائيلية وتدمرت الطائرات الشراعية عن آخرها وفشلت المحاولة الخامسة.

وأضاف: في المرة السادسة أخبروني أني سأدخل من خلال قافلة جمال انتحارية مكونة من 40 جمل ونقلهم عبر قطر سكة حديد حتى الشط شمال السويس لعبور القناة والدخول بين قوات العدو، وخرجت القافلة وبها 3 من حرس الحدود صالح عريف متطوع 27 عامًا، وأحمد فراج عريف متطوع 25 عامًا والسنوسى أمين عقيد أول 54 عامًا، ودليل بدوي من قبائل الترابين والحويطات كان عمره 84 سنة.

وتابع: وصلنا إلى المضيق 4 جمال و5 رجال وزعنا التعيينات والمهمات على جزء من الناس هناك، وبدأنا إيصال التعيين إلى الموجودين في المنطقة وعدنا ليس مسافة 80 كيلومتر، ولكن 180 كيلومتر لأن خط السير أثناء الذهاب قد رُصد، فعدنا من طريق تبادلي آخر عن طريق هضبة التيه حتى أبو رديس وسرنا بمحاذاة الخليج حتى وصلنا إلى عيون موسى، وكنا وقتها 3 رجال نحمل الـ2 الآخرين، فالسنوسي سقط من الجبل وأصيب بكسر في الحوض وحملناه، والثاني أصيب بلدغة ثعبان في قدمه وحملناه في رحلة معاناة رهيبة، وتمت رحلة إلى جهنم بنجاح وأخذنا وسام النجمة العسكرية وتدرس الآن بأنها أخطر عملية خاصة في تاريخ الحروب.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة