الأحد 12 مايو 2024

العدل والتواضع والشجاعة.. تعرف على أخلاق النبي

أخلاق رسول لله

دين ودنيا8-10-2021 | 15:10

زينب محمد

 ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلادياً و52 ق هـ، وعندما ولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قد توفى الله والده، فتربى بجوار جده عبد المطلب، ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة، وقد اتسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكافة السمات الحميدة؛ فقد نزهه الله من ارتكاب المعاصي والذنوب، وفي هذا السياق ستعرض بوابة «دار الهلال» أسمى السمات التي اتسم بها رسول الله، وهي كالآتي:

أخلاق رسول الله

اتسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالكثير من الأخلاق الحميدة، ومنها الآتي:

العدل

ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في العدل، حيث أقام شرع الله -تعالى- على القريب والبعيد، وعندما سرقت المرأة المخزومية، وحاول أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن يشفع لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، تغيّر وجهه -عليه الصلاة والسلام- وقال: «والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها».

وغيرها الكثير من المواقف التي تدلّ على أن العدل من صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأصيلة، بالإضافة إلى عدله -عليه الصلاة والسلام- بين زوجاته، وتحمّله لما قد يقع من بعضهنّ من الغيرة.

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعدل الناس، وكان يحكم في كل واقعة بشرع الله سبحانه وتعالى. الحلم كان الحلم من الأخلاق المتجذّرة في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب السيرة النبوية مليئةٌ بالمواقف التي تدلّ على ذلك، ومنها قصّة الأعرابي الذي جذب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ردائه جذبةً شديدة أثّرت في عاتقه الشريف، وقال له: "يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك".

فما كان من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أن التفت إليه، ثم ضحك، وأمر له بعطاء، ومما يدلّ على عِظم حلمه -عليه الصلاة والسلام- عفوه عن المرأة اليهودية التي حاولت قتله بالشاة المسمومة، وعن اليهودي الذي سحره، وعن المشركين الذين أُسروا يوم الحديبية.

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حليماً متروياً وكان أبعد ما يكون عن التهور، كما عرف بعفوه ومسامحته للكثير ممن استحق العقاب بأفعاله.

الشجاعة

الشجاعة من أعظم الأخلاق التي يتحلى بها الرجال الأقوياء الذين تقوم على أكتافهم الأمم، والذين لا يعرفون طعم الخوف والخور، وقد أثنى الله -تعالى- على المؤمن القوي، حيث إنه أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وتجدر الإشارة إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مثالاً يُقتدى به في الشجاعة والثبات، ومن المواقف التي تدلّ على ذلك ثباته -عليه الصلاة والسلام- في وجه جيوش الكفر وقادة الظلال، فيوم حُنينٍ لمّا اختلطت صفوف المسلمين وفرّ بعضهم من أرض المعركة، ثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثبات الشجعان، وأخذ ينادي في الصفوف قائلاً: «أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ».

وكذلك الأمر يوم أُحد لما خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقلبت أحداث المعركة واضطرب جيش المسلمين وأخذوا ينسحبون من أرض المعركة، ثبت النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجه المشركين وحوله ثلّة قليلة من الصحابة رضي الله عنهم، ومن بينهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فكان -عليه الصلاة والسلام- يقول له: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وأُمِّي».

وقد سجّل التاريخ فرار الأعداء وأشد الخصوم من أمامه في الكثير من المواقف الحاسمة، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يتصدّى للمصاعب بإيمانٍ راسخ، وقلبٍ ثابتٍ، حتى إنّ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: «كنَّا إذا احْمَرَّ البأسُ، ولقيَ القومُ القوم، اتَّقَينا برسولِ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فما يكون منَّا أحدٌ أدنا مِنَ القومِ منهُ».

ومن المواقف التي تدل على أن الشجاعة من صفات النبي -عليه الصلاة والسلام- الخُلقية، نصرته للمظلوم ووقوفه في وجه الظالم، على رغم من قسوة الظَلَمة في ذلك الوقت بالتحديد، فقد رُوي في سيرة ابن هشام أن رجلاً من إراش جاء إلى مكة ومعه إبل يريد أن يتاجر بها، فاشتراها منه أبو جهل، ثم ماطله في دفع ثمنها، ولما طال الوقت ولم يدفع أبوجهل المال، استغاث الرجل بأهل مكة ليردّوا له مظلمته، فلم يغيثه أحد، فالكل يخشى بطش أبوجهل وقوّته، ثم أشار بعض رجال قريش على الرجل بأن يستغيث بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما فعلوا ذلك إلا استهزاءً، حيث إنهم يعلمون العداوة التي بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي جهل.

فذهب الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «يا عبد الله، إنَّ أبا الحكم بن هشام قد غَلَبَني على حقٍّ لي قِبَلَه، وأنا رجل غريب، ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤدِّيني عليه، يأخذ لي حَقِّي منه، فأشاروا لي إليك، فَخُذ لي حَقِّي منه»، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه الرجل وتوجّه إلى دار أبي جهل وطرق عليه الباب، فقال: من هذا؟ فأجابه، ثم طلب منه الخروج إليه، فخرج أبو جهل مسرعاً قد انتقع لونه من الخوف، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يعيد للرجل حقه، فقال: «نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي له»، فدخل مسرعاً وخرج بحق الرجل، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحق الإراشي بقومه.

عرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشجاعته التي فاقت تصور أهل قريش، كيف لا وهو نبي مرسل من الله ويدافع عن أجل وأسمى ما يمكن للمرء الدفاع والقتال من أجله؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

 التواضع

 كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يُقتدى به في التواضع، فعلى الرغم من عِظم مكانته ورِفعة منزلته إلا أنه كان أبعد الناس عن الكبر والبطر، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- يخفض جناحه لأصحابه رضي الله عنهم، ويجلس بينهم كواحدٍ منهم، حتى كان يأتي الرجل الغريب فلا يميّزه من بينهم حتى يسأل عنه، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسألَ، فطلَبْنا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أن نَجْعَلَ له مجلسًا يَعْرِفُه الغريبُ إذا أتاه».

وفي أحد الأيام جاء رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له: «يا محمَّدُ، يا سيِّدَنا وابنَ سيِّدِنا، وخيرَنا وابنَ خيرِنا»، فقال عليه الصلاة والسلام: «يا أيُّها النَّاسُ، عليكم بِتَقْواكم، لا يَستَهْويَنَّكمُ الشَّيطانُ، أنا محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، عبدُ اللهِ ورسولُه، واللهِ ما أُحِبُّ أنْ تَرفعوني فوقَ مَنزلتي التي أنزَلَني اللهُ».

ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يحتذى به في تواضعه بالرغم من علو مكانته ومنزلته في الدنيا والآخرة، وكان أبعد الناس عن الفخر والكبر والبطر، صلوات ربي وسلامه عليه. الكرم ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في الجود والكرم، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، ورُوي أنه كان يعطي بسخاءٍ من غير أن يخشى الفقر، أو يحسب له حساباً، وقد ربّى الصحابة -رضي الله عنهم- على خلق الجود والكرم، ووردت الكثير من الأحاديث التي تدلّ على ذلك، ومنها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «لَوْ كانَ لي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ما يَسُرُّنِي أنْ لا يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاثٌ، وعِندِي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ».

 

Dr.Radwa
Egypt Air