الخميس 13 يونيو 2024

بسبب بريكست.. كارثة صحية تهدد بريطانيا

هيئة الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا

عرب وعالم8-10-2021 | 18:55

سها البغدادي

تلوح أزمة موظفين خطيرة تهدد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية التي تتوقف استمراريتها على العاملين الأجانب بسبب تفشي الوباء وموجة تقاعد في النظام الصحي وتشديد قوانين الهجرة.

كما تشير الأرقام إلى أن عدد العاملين الصحيين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بين مارس  2020 و2021 أقل بـ3700 شخص منه في 2019/2020.

بريكست وتشديد نظام الهجرة 

وأظهر تحقيق أجراه مجلس الممرضات والقابلات عام 2020 أن أكثر من نصف الذين يغادرون المملكة المتحدة يذكرون «بريكست» سببا لقرارهم.

وأوردت مجموعة «هيلث فاونديشن» للدراسات أن تضافر العوامل الناجمة عن «بريكست» وتشديد قوانين الهجرة والوباء قد يؤديان بحلول 2029 إلى نقص يقدر بـ108 آلاف عامل صحي، مما يعني خسارة أكثر من ثلث العاملين حاليا البالغ عددهم 300 ألف.

تراجع في عدد العاملين الوافدين 

 الواقع أن بريطانيا تسجل تراجعا في عدد العاملين الصحيين الوافدين منذ سنوات عدة، ويشير السجل الرسمي إلى أن عدد الممرضات والممرضين الأوروبيين هو في عام 2021 أدنى بثمانية آلاف منه في 2016، سنة تنظيم الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي «بريكست».


211 جنسية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية 

ومع انتماء العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) التى تعتبر من أرباب العمل الأكثر اختلاطا في العالم و تعتبر مصدر اعتزاز للبريطانيين بالإضافة إلى ما لا يقل عن 211 جنسية، وهذا ما جعل القطاع يعاني من أزمة بالغة في العاملين مع استحالة السفر في ظل تفشي الوباء، كما قالت فيزان رنا مسؤولة العمليات في أحد مستشفيات لندن لوكالة الصحافة الفرنسية.


أزمات متكررة منذ أربعين عاما 

وأوضح مارك دايان المحلل في مركز "نافيلد تراست" للدراسات في مجال الصحة لفرانس برس أن استقدام عاملين صحيين من الخارج لطالما كان "حلا مرتجلا" للمملكة المتحدة التي تعاني «أزمات متكررة» منذ أربعين عاما.


موجة الأطباء المهاجرين 
وإسهام المهاجرين في النظام الصحي في هذا البلد يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين أرسل أطباء من المستعمرات البريطانية إلى المناطق التي تواجه نقصا في المملكة المتحدة.

ومن هؤلاء افتخار علي سيد الطبيب الذي وصل إلى بريطانيا عام 1960 قادما من باكستان، وزاول الطب 45 عاما في بيرنلي، المدينة الصناعية في شمال إنجلترا.

وعلى غرار العديد من زملائه، أُرسل إلى منطقة فقيرة حيث كان توظيف أطباء وممرضين أكثر صعوبة.

وأوضح افتخار علي سيد، المتقاعد البالغ 86 عاماً، أن الأطباء الأجانب كانوا يحصلون على عيادة لا يريدها أحد، مستذكرا موجة الأطباء المهاجرين التي «اجتاحت» بيرنلي في ذلك الحين فسمحت للمدينة بإقامة أول وحدة لطب القلب فيها.


رحيل الأجانب بعد بريكست 

غير أن قسما كبيرا من هؤلاء الأطباء تقاعدوا في بداية الألفية، مما أثار أزمة في المنطقة حيث نسبة المهاجرين مرتفعة بين الفرق الطبية، تفاقمت مع «الطلب الهائل» الناجم عن رحيل الأجانب بعد «بريكست».

ومع «بريكست» ازدادت صعوبة قدوم أطباء وممرضين جدد مع إقرار نظام هجرة يقوم على جمع النقاط، يتحتم على طالبي الهجرة بموجبه استيفاء مستويات محددة من الأجور وإتقان اللغة الإنجليزية والحصول على عرض لوظيفة ذات مؤهلات خاصة.

وحتى إن كان هناك نظام تأشيرات خاصة للعاملين في المجال الصحي، يرى أكشاي أكولوار الطبيب الهندي البالغ 34 عاما، أن عددا متزايدا من مواطنيه يفضلون التوجه إلى أستراليا وكندا ونيوزيلندا والشرق الأوسط بسبب نظام التأشيرات الأكثر سخاء من بريطانيا.


إصلاح وظائف القطاع الإجتماعي 

وأوضح مارك دايان أن هذا الإصلاح سيطال بصورة خاصة وظائف القطاع الاجتماعي، وهي مهن على ارتباط وثيق بنظام الخدمات الصحية، غير أن العاملين فيها لا يعتبرون ذوي مؤهلات وأجورهم متدنية، في حين عانى هذا القطاع بشكل خاص من وضع حد لحرية تنقل الأشخاص السائدة في الاتحاد الأوروبي والتي كانت تشكل صمام أمان لهم.

ورأت ريبيكا بلاند البالغة 42 عاما والتي تدير وكالة ممرضات أن الوضع اشبه بأزمة وجودية، موضحة أن وكالتها التي تتعامل مع هيئة الخدمات الصحية تعوّل إلى حدّ بعيد على أشخاص قادمين من الفلبين، غير أنها لم تنجح العام الماضي سوى في توظيف عُشر العاملين المطلوبين ما دفع موظفيها للعمل بأقصى حدود طاقاتهم.


تمويل إضافي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية 

وأعلنت الحكومة البريطانية هذا الشهر تخصيص تمويل إضافي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية مقداره 36 مليار جنيه إسترليني (42 مليار يورو) على مدى ثلاث سنوات، لكن مارك دايان اعتبر أن ضخ هذه الأموال لن يكفي لتسوية مشكلة النقص في العاملين، موصياً بتخطيط أفضل وبتدريب عاملين.