مع دخول فصل الخريف تبدأ الدولة استعداداتها لمواجهة مخاطر التقلبات الجوية والأمطار الشديدة بموسم الشتاء المقبل، حيث عقد الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعه الدوري مع مسئولي قطاع مرافق مياه الشرب والصرف الصحي بالوزارة، وبحضور مسئولي الوزارة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لمتابعة الاستعدادات التي تم اتخاذها من قِبَلِ الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وشركاتها التابعة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وأجهزة المدن الجديدة، لمواجهة مخاطر التقلبات الجوية والأمطار والسيول، وآثارها السيئة على المناطق العمرانية، وذلك من أجل حماية المواطنين من تلك الأخطار، والحفاظ على الاستثمارات والثروة العقارية.
خطة الدولة
وقال د. نور أحمد عبد المنعم، خبير مياه، أن السيول لا تتم بشكل دوري ولا يشترط أن تحدث كل سنة، وهي ناتجة عن كثرة الأمطار على المناطق الجبلية التي تتجمع عبر عدة مخرات جبلية وتزيد من قوة اندفاع المياه فتكتسح وتدمر كل ما يواجها، وبدأت مصر في الأعوام الأخيرة تواجه مخاطر السيول في 2010 ثم تكرر الأمر منذ عام 2016 حتى عام 2020.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أن أكبر مظاهر السيول في سيناء هي سيول وادي الوتير التي تصب في وادي نويبع في خليج العقبة، ومن أهم مظاهرها في الصحراء الشرقية في رأس غارب والغردقة، ومن أهم مظاهرها في وادي النيل هو وادي قنا ووادي العلاقي في أسوان والسيول في الصحراء الغربية في وادي مرسي مطروح.
وأشار إلى أن الدولة وضعت خطة عام 2016 من أجل الاستفادة من هذه السيول وتحويلها من نقمة الى نعمة بعد السيول التي سقطت على مدينة الإسكندرية والبحيرة والتي تسببت في خسائر كثيرة، وتكلفة تلك الخطة 4.3 مليار جنية تنفق خلال 5 سنوات، بدأت في منطقة جنوب سيناء وشمال سيناء والبحر الأحمر ووادي النيل, تعتمد الخطة على إقامة عدد من السدود على المخرات الجبلية للاستفادة من الامطار المتساقطة, واشتملت الخطة أيضا على انشاء غدد من البرك الصناعية التي تتجمع فيها المياه للاستفادة منها في الزراعة بواسطة البدو أو في الرعي.
وأضاف أن الخطة اشتملت أيضا على إقامة توسعة للمخرات حتى تكون حركة المياه هادئة، بالإضافة الي انشاء عدد من الكباري والانفاق والمباني التي توجه اتجاه سير السيول بدلا من توجهها الي المناطق السكنية الي أماكن أخرى بعيدة، كما اعتمدت الخطة على تزويد المناطق النائية بمستودعات لوجستية تعتمد على توفير المواد الغذائية في حالة فطع الطرق وعزل هذه المناطق اثناء السيول، بالإضافة الى توعية المواطن بواسطة وسائل الاعلام المختلفة للإنذار المبكر في حالة حدوث السيول.
كما أشار عبد المنعم الي أن الدولة قد أنشأت عدد من الطرق التي تقاوم السيول وعدد من محطات الرفع والكسح للمياه من المنخفضات الى المرتفعات بالإضافة الى توفير معدات ميكانيكية لكسح وشفط وضغط المياه الموجودة في السيول وعملت على توسعة فتخات الصرف الصحي لتستوعب تفريغ المياه في حالة حدوث سيول.
مصارف المياه
وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري، أن وزارة الري تبدأ كل عام مع بداية فصل الخريف للاستعداد لمواجهة السيول حيث ان شهر أكتوبر هو شهر السيول. السيول تضرب أماكن محددة مثل شمال وجنوب سيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر ورأس غارب وشرم الشيخ ونويبع ومحافظات الصعيد. وعندما تكون السيول أكبر من استيعاب التربة لها تكتسب قدرة تدميرية.
ونوه في تصريح لبوابة دار الهلال، أنه بعد الامطار الغزيرة التي سميت عاصفة التنين والتي حدثت منذ 5 سنوات في الإسكندرية وغمرت الأراضي الزراعية بحوالي 25 سم من المياه واستمرت لمدة أسبوعين نتيجة عدم وجود جبال في هذه المنطقة فلم يحدث جريان للمياه، بدأت وزارة الري في تسليك وتهيئة كل المصارف الزراعية للتأكد من عدم وجود أي انسداد، فوجود مصارف في أراضي الدلتا شيء مهم جدا لاستيعاب أي كمية زائدة من الامطار تسقط على أراضي لبدلتا في المناطق التي تتساقط فيها امطار.
وتابع، أما المناطق التي يحدث فيها السيول فكل منطقة لها تقنية خاصة بها، فمنطقة شمال سيناء بها منطقة من السدود تسمى سدود الروافعة ولها قدرة استيعاب من 50 الى 100 مليون متر مكعب من المياه وهي مجموعة سيول متتالية زجزاجية متقاطعة مع بعضها بحيث تعترض طريق السيل وتقلص قدرته التدميرية وتخزن المياه وتجهلها تسير في شكل زجزاجي غير مستقيم.
واستكمل، في جنوب ووسط سيناء يسود أمر اخر بسبب الجبال والمرتفعات، مصايد أمطار يطلق عليها الهرابات، وهي تشبه بالوعات الصرف الصحي التي توجد في الشوارع " عبارة عن حفر برميلية عميقة يمكن أن تكون مبطنة جوانبها وقواعدها بالأسمنت" تحفر على امتداد اتجاه السيل حتى تسقط مياه السيل داخلها ويتخزن داخلها وتستخدم فيما بعد كمياه شرب ومياه ري.
وأشار نور الدين إلى أنه في البحر الأحمر ورأس غارب يتم انشاء نوع مختلف من المصايد عبارة عن حفر دائرية كبيرة تشبه حمامات السباحة، ولكن بمساحات كبيرة وعميقة يصل عمقها من 3الى 5 متر، وهي تحفظ كمية كبيرة جدا من المياه العذبة لسكان هذه المناطق حيث أن مياه الأمطار من أنقى أنواع المياه.
وقال إنه في محافظات الصعيد من بداية من الحوامدية في الجيزة إلى أسوان تحاط هذه المناطق بمخرات السيول، وهي حفر وخنادق تمر من تحت الأراضي وتصب في نهر النيل، ولها قدرة على استيعاب كل مياه السيل حتى لا تصل الى البيوت ولا الى المناطق الزراعية. وتقوم وزارة الري بالتأكد كل عام من أن مخرات السيول تعمل بكفاءة , وانه لم يتم البناء عليها, حتى لا تحدث أي مخاطر.