اقتحمت مصر بشجاعة وجرأة ورؤية مشاكلها وأزماتها وتحدياتها التى ورثتها من العقود الماضية ونجحت بامتياز.. وسطرت أكبر ملحمة بناء وتنمية فى تاريخها.. واتخذت القرارات الإصلاحية بجسارة رغم أنه لم يقترب منها أحد خلال العقود الماضية..وآتت ثمارها ونتائجها العظيمة.. ومن الجميل والرائع أيضاً قرار الدولة باقتحام العقول لتخليصها من الأفكار والثقافات والمفاهيم الخاطئة والمغلوطة والمعتقدات البالية لبناء وعى حقيقى يرتكز على الصورة المثالية لحياة أفضل.. فما أعظم أن نواجه ظواهر خطيرة مثل الزيادة السكانية والزواج المبكر وكثرة العيال ليتأكد للجميع.. أنه «بالوعى.. مصر بتتغير للأفضل».
من أهم مكاسب وإنجازات الـ٧ سنوات الماضية قدرتنا على المواجهة واقتحام المشاكل والتصدى للأزمات المزمنة.. بجرأة وشجاعة ترتكز على رؤية شاملة فلا مجال للتردد أو الخوف أو الأيادى المرتعشة وليس هناك هدف سوى الإصلاح الحقيقى.. لذلك تجد أن مصر واجهت واقتحمت كل مشاكلها وأزماتها المتراكمة خلال العقود الماضية وحولتها إلى إنجازات ونجاحات ولم يعد المواطن يواجه المعاناة فى الكثير من المجالات والقطاعات فى ظل إستراتيجية الدولة المصرية لبناء الإنسان وتوفير الخدمات اللائقة والحياة الكريمة له.
جرأة وشجاعة الدولة المصرية طالت ملفات وأزمات لم يقترب منها أحد على مدار عقود طويلة.. لذلك تجد القرار الجرىء الواعى الحقيقى المرتكز على تقدير موقف علمى وشامل ولا يبتغى سوى وجه الله ثم الوطن والمواطن.. لذلك عايشنا على مدار السبع سنوات الماضية مئات القرارات الصعبة التى خاف منها الجميع خلال العهد الماضى.
الأجمل فى الدولة المصرية أنها قررت أن تواجه مجموعة من الأفكار والسلوكيات المزمنة أيضاً والمعقدة والمتراكمة عبر العصور وقررت أن تقتحم العقليات المتجمدة.. وتفكك الأفكار البالية والمعطلة والمغلوطة التى نتج عنها تداعيات وآثار مجتمعية كارثية وخطيرة سواء على الإنسان المصرى نفسه فى مدى رضاه وصحته ودخله ونوعية حياته وأيضاً على المجتمع فى تفشى معدلات الفقر والمرض والأمية وتدنى الحياة.
شرفت بدعوة كريمة من الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى لإطلاق مبادرة «بالوعى.. مصر بتتغير للأفضل» فى إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأهمية بناء الوعى الحقيقى فى المجتمع المصرى واقتحام المشاكل والعقبات التى قد تواجه عملية التنمية المستدامة.
الحقيقة أيضاً أن مبادرة «بالوعى.. مصر بتتغير للأفضل» نوع جديد من المبادرات التى تجسد إستراتيجية الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى بامتلاك الشجاعة والجرأة وامتلاك الرؤية لمواجهة مشاكلنا وقضايانا وأزماتنا من خلال بناء وعى حقيقى.. وتغيير الأفكار والثقافات والمعتقدات التى لا أساس لها من الواقع أو التى تتعارض مع مصلحة المواطن وانعكاسات التنمية على حياته ومستوى معيشته وأيضا فى تغيير واقع المجتمع المصرى.
المبادرة تعتمد على الجرأة والوصول إلى المواطن المصرى أينما كان فى الريف والقرى والنجوع والتوابع وتزامناً واتساقا مع تنمية وتطوير الريف المصرى فى إطار مبادرة «حياة كريمة» التى تشارك أيضا فى إطلاق المبادرة.. فنحن أمام تغيير واقع مادى ولوجستى يشمل تغييراً للأفضل فى مجال الخدمات والبنية التحتية والاساسية فى القرى والنجوع لما يقرب من 60 مليون مواطن مصرى.. وفى نفس الوقت وعلى مسار موازِ نجد أن هناك رؤية وهدفا لتغيير وبناء العقول لخلق وبناء انسان مصرى يتواكب مع حالة التطوير والتحديث المادى واللوجستى والخدمى فى الريف المصرى.
لقد عانى المجتمع المصرى مجموعة من الأفكار القديمة التى ترسخت على مدار العقود الماضية بسبب غياب الوعى الحقيقى وانتشار الفتاوى الظلامية لجماعات الإرهاب وابتعاد الحكومات السابقة خلال العقود الماضية عن مواجهة واقع الريف المصرى الذى هو قلب وعصب المجتمع.. لنصطدم بمجموعة من الأفكار والظواهر تهدد مسيرة البناء والتنمية مثل الزيادة السكانية العشوائية والمنفلتة والتى لا تتناسب فى نموها ومعدلاتها مع موارد وقدرة الدولة المصرية.. وايضا الزواج المبكر أو زواج وإنجاب الأطفال والذى يعد ظاهرة كارثية تطيح بصحة المرأة وباستقرار وسلامة الأسر المصرية وايضا تعصف بحقوق المرأة المصرية وتحرمها من كل ما يكفله لها الشرع والقانون.. وتنذر ظاهرة الزواج المبكر أيضاً بالطلاق وهدم الأسرة والأضرار بالأبناء وعدم حسن تربيتهم.
المبادرة تستهدف العقول إلى جانب «تنمية الريف».. وذلك من خلال تحطيم «أصنام العقول» والأفكار والثقافات والسلوكيات المدمرة ببناء وعى حقيقى لدى الأسرة والفتيات من خلال تفكيك الأفكار السلبية بمواجهة شجاعة وجريئة وعلمية.. وبهدف تغيير المفاهيم المغلوطة.. والمعتقدات الخاطئة لتصحيح مسار حياة هذه الفئات لضمان حياة كريمة وآمنة ومستقرة بلا معاناة أو أوجاع أو كوارث مجتمعية وحفاظاً على حقوق المرأة والطفل وأيضا الوصول إلى وعى حقيقى حيال ظاهرة الزيادة السكانية من خلال شرح واستعراض آثارها المدمرة على الفرد والمجتمع والدولة.. وتهديد عملية التنمية الشاملة فى ظل استمرار الزيادة السكانية وأن عوائد التنمية وآثارها الإيجابية لن يشعر بها المواطن.
آليات ووسائل المبادرة تعتمد على التواصل المباشر فى القرى والنجوع والمجتمعات.. وايضا على الإعلام ووسائله.. وقيام كل المؤسسات المعنية بدورها مثل المؤسسة الدينية والتعليمية والثقافية.. لكننى أرى ان المواجهة التى تعتمد على (المباشرة) لن تحقق الأهداف المرجوة.. لذلك احبذ وسائل تبث رسائل غير مباشرة فيها عمق وإظهار للمساوئ والكوارث والنتائج السلبية لهذه الظواهر بل والمبالغة فيها حتى يدرك المواطن خطورة ما يقدم عليه سواء على حياته أو صحته أو ابنائه أو اسرته أو مستقبله ومدى رضاه ومستوى معيشته وسلامة اطفاله.. من خلال رسائل اعلامية تتميز بالخصوصية والضرب على اوتار معينة وفريدة تستهدف عقل المواطن وتغيير أفكاره ووضعه امام اختيارين أو طريقين السلبى الكارثى.. أو الايجابى الذى يعود عليه بالنفع فى كافة مناحى حياته.
- نحتاج ايضا لرسائل عميقة وذكية من خلال الأعمال الدرامية من المسلسلات التى تتناول خطورة وكوارث وسلبيات هذه الظواهر.
- نحتاج الى دور الأزهر والكنيسة والمؤسسات الدينية.. نحتاج إلى رسائل فيها منطق وعقل للحديث عنها فى خطبة الجمعة تتناول مشاكلنا وازماتنا وافكارنا ومعتقداتنا التى تحتاج لتصحيح ومعالجة وازالة الفهم المغلوط والتأكيد على أن كثرة العيال وزيادة الانجاب ليست من الدين وأن التنظيم لا يتعارض مع الدين وايضاً تفكيك مفاهيم (العزوة) والقوة وكثرة المال من كثرة العيال كل ذلك يحتاج خطاباً دينياً عبقرياً وقدرة للأئمة على التواصل وفهما شاملا لاحتياجات الواقع والماماً بكل الظواهر والمشاكل والأزمات التى تواجهنا.. وكيفية طرح الرؤى للحل بعد تناول كوارثها وسلبياتها وآثارها المدمرة.
نحتاج بناء وعى يكون مناخا عاما وثقافة مجتمعية.. تخاطب الناس بأسلوب مباشر وغير مباشر.. نذهب اليهم فى القرى والنجوع.. وايضا نتحدث معهم فى كل ما هو متاح من وسائل الإعلام فى القطارات من خلال الشاشات الموجودة من خلال أفلام تسجيلية أو اعمال درامية مقدرين الملايين من أهالينا فى الصعيد والوجه البحرى والدلتا الذين يستخدمون القطارات فى السفر لفترات قد تستمر أكثر من 10 ساعات.. وايضا مترو الانفاق والاتوبيسات ووسائل النقل العام والخاص والموبايل والـ«سوشيال ميديا» .. والبرامج الدينية فى الإذاعة والتليفزيون.. ونشر قصص فى الصحف عن الآثار المدمرة للزواج المبكر والزيادة السكانية وكثرة الإنجاب وطرح نماذج مارست هذه السلوكيات وكيف شكل حياتها الآن.
بالوعى.. نستطيع ان نغير المفاهيم المغلوطة.. وايضاً بالتشريعات والقانون.. لكن أشدد ايضا على طرح نموذجين الأول الذى التزم بالصحيح والصواب فى الزواج والانجاب ومن لديهم طفلان على الأكثر ومن لديهم خمسة وستة وسبعة الخ.. لنرى الفارق فى مستوى المعيشة والتعليم والصحة.
لايمكن ايضا ان ننسى المدارس والجامعات فى المحافظات المستهدفة فى المرحلة الأولى أو فى المدارس والجامعات عموماً حول هذه القضايا.. لان هذه الأجيال من المهم ان نحصنها بالوعى والفكر الصحيح.. وايضا هذه الأجيال المتعلمة ستكون وسيلة إعلامية لنقل الأفكار الصحيحة الى أسرها أو قراها ونجوعها.
الحقيقة ان أجمل ما فى المبادرة هو شجاعتها وجرأتها فى اقتحام المشاكل والأفكار البالية والقديمة وسعيها لتصحيح المفاهيم والمعتقدات والثقافات من خلال وعى حقيقى بكافة الاساليب والوسائل سواء من خلال التواصل المباشر والزيارات الأسرية والعمل الميدانى وتوفير الامكانيات واللوجستيات والاحتياجات بما يتناسب مع خصوصية كل مجتمع وتقاليده.. الشىء المبشر هو ارتفاع نسبة التعليم فى الريف المصرى.. وهناك أجيال جديدة أكثر انفتاحاً وتقبلاً للأفكار الجديدة وهناك عقليات أكثر نضجاً.. وياليت هذه الحملة لا تشمل فقط الزيادة السكانية وكثرة الانجاب والزواج المبكر بل تشمل أيضاً خطورة التعديات على الأراضى الزراعية وأيضا الحفاظ على الموارد المائية وعلى جهود الدولة فى تبطين الترع.. وتفعيل النظم الحديثة فى الرى.. وايضا ضرورة المشاركة فى تحمل المسئولية.
فى اعتقادى ان نجاح المبادرة مرهون بقدرات وفكر ورؤية فريق العمل وابداعاته وقدرته على التواصل الصحيح وطرح الأفكار التى تسهل من خلالها عملية اختراق وتغيير وبناء العقول والوعى والابتعاد عن المباشرة فى التناول لكن تبقى المبادرة جديرة بالاحترام والاشادة فى فكرتها واهدافها وشجاعتها وجرأتها لتغيير ومساعدة المواطن المصرى للخروج من نفق الأزمات والفقر والمرض والبطالة والجهل الى الحياة الكريمة العصرية.
أين الأغنية الوطنية؟!
فى ظل ما تشهده مصر من معجزة حقيقية فى البناء والتنمية، والمشروعات العملاقة والانجازات والنجاحات الداخلية.. والدور والمكانة والثقل على المستويين الإقليمى والدولى.. فنحن امام ملحمة بناء غير مسبوقة.. وانتصارات تسطر امجادا تاريخية.. بعد ان نجحت مصر فى قهر التهديدات والتحديات والصعاب وبناء الدولة الحديثة التى تشق طريقها الى جمهورية جديدة تحمل اسمى المعانى والمبادئ والأفكار من عدالة وابداع وانسانية.. لكن ورغم كل ذلك لم نقدم الأغنية الوطنية التى تجسد عظمة ما حققته مصر خلال الـ7 سنوات الأخيرة واعتقد انه لا يليق بنا كقوى ناعمة من ابداع وموسيقى وكلمات ألا نجد الاغنية الوطنية التى تخترق القلوب والعقول وتعيش مع كل الاجيال والتى تجسد هذه الملحمة والمعجزة.
ما أراه مجرد صخب.. اسمع صوت موسيقى سريعة وعالية ولا اسمع كلمات عميقة ومعبرة.. وبالتالى فاذا كنت لا اسمعها فأنا لا احفظها ولا تعيش معنا.. فى اعتقادى ان آخر الاغانى الوطنية «تسلم الايادى» واغنية حسين الجسمى.. واغنية المطرب الأردنى عمر عبداللات وما اريد ان اقوله نحتاج لعمل غنائى وطنى ضخم مثل أوبريت فيه ابداع فى الكلمات المعبرة والموسيقى والإبهار.. ولماذا لا يكون أوبريت وطنيا يحكى «حكايتنا» منذ ثورة 30 يونيو 2013.. وحتى الجمهورية الجديدة وما سطرناه من معجزة وملحمة فى تحقيق النصر على المؤامرات والمخططات والارهاب وما شيدناه من أعظم ملحمة بناء فى تاريخ مصر.
لابد من ايجاد كيان يستطيع ان يجمع كل المبدعين والعباقرة فى الموسيقى والشعر والغناء لإخراج أو تقديم مجموعة من الأغانى والاوبريتات الوطنية التى تعيش مع الناس وتجسد وتسطر عظمة ما حققته )مصر-السيسى) خلال الـ٧ سنوات.
ما اشاهده واسمعه من أغان وطنية لا ترقى لمستوى المعجزة المصرية فمصر انقذت وانتصرت وقهرت وبنت أعظم ما يكون.. لكن اين الإبداع؟ اين الموسيقى والغناء والشعر؟!
تحيا مصر..