فى يوم الاثنين الموافق الثّانى عشر من ربيع الأول من عام الفيل، أشرقت الدنيا بميلاد سيّد الخلق أجمعين، سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقد ولد عليه السلام فى مكة المكرمة، حيث يحتفل العالم الإسلامى من كل عامٍ بهذا اليوم، ويقيمون فيه الموالد والمدائح النبوية، ومن المعروف أنّ الرسول عليه السلام ولد يتيم الأب، فقد توفّى والده وهو فى بطن أمه، ووالده هو عبد الله بن عبد المطلب من بنى هاشم، حيث يعود نسب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلى قبيلة قريش، أمّا أمه فهى آمنة بنت وهب، وهى من بنى زهرة، والتى يعود نسبها أيضاً إلى قبيلة قريش العربية، وقد توفّيت والدة النبى عليه السلام وعمره ستة أعوام، فكفله جدّه عبد المطلب، ومن ثم عمه أبو طالب.
ويُعتبر يوم المولد النبوى الشريف يوماً لاستذكار صفات ومناقب أشرف الخلق والمرسلين، فهو النبى الهادى للأمة، الذى جاء برسالة الإسلام السمحة ليمحو التخلف والجهل والطائفية، فقد أرسل للبشرية جمعاء، كما يتصف شخصه بعديد من المميزات والسمات التى لا تتواجد عند أحد، فكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ذا فصاحة بليغة مع أنه كان أميّاً لا يكتب ولا يقرأ، واتسم بالبسالة والشجاعة، وتميّز بإخلاصه وأمانته، وامتلك صفة الود ومراعاته للآخرين، وكان حسن الخلق والسلام، واشتهر بعدله وصبره ورحمته وهدوئه. وكان الرسول صلوات الله عليه وسلم يعمل فى رعى الأغنام والتجارة، وعندما أصبح فى سن الخامس والعشرين تزوّج من السيدة عائشة بنت خويلد، وأنجب منها اثنان من الذكور، وهما: القاسم، وعبد الله، وأربعة من الإناث وهن: أم كلثوم، وزينب، ورقية، وفاطمة الزهراء، كما تزوج الرسول محمد بعد وفاة زوجته خديجة بإحدى عشرة امرأة، وهنّ: سودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث، وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حيي، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة، وزينب بنت جحش، وزينب بنت خزيمة، وعائشة بنت أبى بكر، وأم سلمة، وماريا القبطية التى ولدت ابنه إبراهيم.
وعندما بلغ الرسول الكريم من العمر الأربعين عاماً، أنزل الله عزّ وجل الوحى جبريل عليه وهو جالس فى غار حراء، ومن هنا بدأت مسيرته فى الدعوة الإسلامية، وكانت سراً لمدة ثلاثة سنوات، ومن ثمّ أعلنت الدعوة جهراً، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو شفيع المسلمين يوم الحساب، فهو الذى أخرج الناس إلى النور من جهلهم، لذلك حظى بمحبة الناس وتقديرهم منذ نزول الإسلام، فنادوه بكثير من الأسماء، ومنها: حبيب الله، الأمين، الصادق، الكامل، المنصور، السراج المنير، الكريم، الأمير، أبو القاسم، الشافع، سيد الكون، الهاشمى المختار، الفاتح، الخليل، الشافي، الناجي، البشير، الداعي، الهادي، المصطفى.
ويعتبر مولد النبى أيضاً إيذاناً ببدء عهدٍ جديد، وتمهيداً لنزول الرسالة السماوية الخالدة إلى كافة الناس، وهى رسالة الإسلام، حيث ختم الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل جميعاً بنبيّه الكريم وبرسالة الإسلام التى جاءت بالدعوة الخالدة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، وعدم الشرك به، وأداء العبادات جميعها، والالتزام بأركان الإسلام الخمسة، ومن صور الاحتفال بهذا اليوم العظيم أن يُحيى المسلمون سنة النبى عليه السلام والإكثار من الصلاة عليه، فالصلاة على رسول الله من الأعمال المحببة إلى الله تعالى والتى ترفع درجة العبد يوم القيامة وتوجب شفاعة النبى له يوم القيامة وأثناء مروره على الصراط، كما تنتشر بعض العادات الاحتفالية لدى المسلمين فى مختلف أنحاء العالم بإعداد أصنافٍ مُعيّنةٍ من الطعام وتقديمها للفقراء والمحتاجين، وتقديم الصدقات وعمل حلقات الذكر والأدعية فى المساجد. سيظلّ يوم المولد النبوى الشريف، يوماً شاهداً على أعظم ذكرى فى تاريخ الأمة الإسلامية.