لابد من الإشادة بكل من يصر على التحدى وطرح البديل، ضد هذا التيار الطاغى لأغانى المهرجانات، والراب، والتراب، وكل مستنسخاتها، ولا ينبغى أن يلهينا هذا الحصار عن الوقوف خلف التجارب الجيدة والعنيدة لنجوم ساحة الغناء علهم ينجحون فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومحمد حماقى من هؤلاء الذين يؤمنون بمشروعهم ويصرون عليه بعند واضح، وبذكاء يستند على خبرة وقدرة على قراءة الشارع، وإن كنت قد أخذت عليه فى السابق إستغراقه هو وآخرين فى تبنى القوالب الموسيقية الغربية وإيقاعاتها فى وقت إصابتنا فيه "النوستالجيا" بالحنين والعطشن لهويتنا الموسيقية ولروحنا المصرية.
إلا أنه منذ أول أغنية طرحها فى هذا الألبوم وهى أغنية "زيها مين " كلمات ولحن عزيز الشافعى وتوزيع تميم وحتى آخر أغنية طرحت منذ أيام وهى أغنية "لا ملامة" كلمات تامر حسين ولحن-المميز دائما- محمد رحيم وتوزيع الموهوب تميم، رفعت له القبعة ورفعت عنه الملامة، فقد كانت الغلبة فى الألبوم للروح المصرية وامتدادها المتطور فى الكلمة واللحن والتوزيع الموسيقي، والذى تبلور فى أغنية مثل "نادانا" لنفس الثلاثى تامر ورحيم وتميم، بنعومة الآداء الحليمى ونغم الستينيات على موسيقى وإيقاع "ديب هاوس" بطئ، حالة أخذت صوت محمد حماقى لمساحة جديدة وكشفت عن بعد جديد فى شخصيته الغنائية، ذلك الإختراع وتلك الأفكار التى تنوعت فى ألبوم محمد حماقى الذى ضم أربعة عشر أغنية خلقت ثراء لم آره فى ألبومات حماقى منذ سنوات.
وازن محمد حماقى بين الأغانى الإيقاعية الخفيفة وبين الأغانى الدرامية، رغم شعور البعض بغلبة أغنيات الموضوعات الدرامية وهو شعور له مايبرره حيث جودة الكلمات فى أغلب الموضوعات الدرامية عنها فى الأغانى الإيقاعية الراقصة والتى إستغرقت فى مفردات الغزل الوصفية، وأستندت على قوة ألحانها وتوزيعها الموسيقي، وربما كان ذلك مقصودا للتبسيط على جمهور يطلب ويذهب لما هو أبسط، إلا أنها رغم ذلك لم تخلو من أفكار جيدة ومبهجه وربما مبهرة، مثلما كان فى أغنية "يافاتنى" كلمات أمير طعيمه لحن محمد النادي، وأغنية "طالع موضه" كلمات تامر حسين ولحن تامر على وتوزيع أحمد إبراهيم، وأغنية "عرض مستمر" كلمات ولحن عزيز الشافعى وتوزيع توما، وأغنية "يانسيم" لعزيز الشافعى أيضا وتوزيع تميم، و"ظلموني" كلمات رفيق نجيب ولحن ياسر نور وتوزيع توما، ثم أغنية" تك" لأمير طعيمة وعمرو مصطفى وتوما.
وأثلج صدرى أن أجد أغنية مثل" لوهتسيب" كلمات تامر حسين ولحن وتوزيع أحمد إبراهيم مسموعة فى الشارع وفى المقاهى متحدية حصار المهرجانات، لتفتح الباب أمام باقى أغانى الألبوم المميزة، مثل أغنية" ولا ليلة من لياليك" كلمات محمد عاطف ولحن تامر على وتوزيع تميم، وأغنية" بنفارق " كلمات أمير طعيمة لحن تامر على أيضا وتوزيع تميم، وكذلك أغنية "مش قادر أنسي" وأغنية "عايزك تسمعني" و"ردوده غريبة" و"ماتعودناش" وكلها أغنيات تم إختيارها بعناية لتجد صداها وسط مناخ يصعب فيه تحقيق هذا الصدى الذى يزرع الأمل مرة أخرى طالما وجد من يقبل التحدي.