أكد علماء الأزهر الشريف، ومشايخ الطرق الصوفية، ومحبو آل بيت النبى، أن مصر تعيش العصر الذهبى لتطوير واستعادة الشكل الحضارى اللائق لمساجد ومقامات آل البيت فى البلاد، متوجهين بالشكر إلى القيادة السياسية على ما تقوم به من جهود لاستعادة وتجديد هذه المساجد الأثرية التاريخية، وتجميل الميادين والشوارع المحيطة بها، لتصبح قبلة للزيارة والسياحة الدينية على مدار العام، وليس فى مواسم الاحتفال بموالدهم فحسب. وقالوا إن ما تقوم به الدولة المصرية يأتى فى إطار خطة تطوير القاهرة التاريخية، وإحياء مسار آل البيت فى المحروسة، واستعادة الوجه الحضارى العريق للعاصمة الأقدم عربيًا وإفريقيًا.
فعلى سبيل المثال -لا الحصر- تم تطوير جميع مساجد ومقامات شارع الأشراف، والإمامين الليث والشافعى، وزين العابدين، والحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وفاطمة النبوية، وعمرو بن العاص والأزهر، ضمن خطة أشمل لاستعادة جمال وبهاء القاهرة التاريخية.

مصر محفوظة بهؤلاء الأولياء الصالحين
الدكتور عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن فى مجلس الشعب، قال: «باسمى وباسم مشايخ الطرق الصوفية وأكثر من عشرة ملايين صوفى، نتوجه بالشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى، على جهوده الكبيرة فى رعاية مساجد ومقامات آل البيت فى كل ربوع مصرنا، وهذه الرعاية تؤكد حرص رئيس الجمهورية على إسعاد ملايين المصريين المحبين للأضرحة». وأضاف أن آل البيت أحبوا مصر واختاروها دون سواها مستقرًا لهم، فعاشوا على أرضها، ودفنوا فى ثراها، ودعوا للمصريين، وبادلوهم حبًا بحب، وليس أدل على ذلك من دعوة السيدة زينب للمصريين، وهى الدعوة السارية ليومنا هذا، وتؤتى أكلها فى كل حين، ومصر -إن شاء الله- محفوظة بهؤلاء الأولياء، وستقهر كل مشاكلها وتتجاوزها، وتحقق الرخاء والتنمية لشعبها الأصيل.
وأوضح محمد الأمين، رئيس النقابة الفرعية للسادة الأشراف فى أسوان، أن مصر، أم الدنيا وبلد الأنبياء والأولياء الصالحين، وآل بيت النبى، وحظيت بهم. ونشكر الرئيس السيسى الذى بدأ هذه القصة الروحانية بتجديد مسجد ومقام الإمام الحسين رضى الله عنه وأرضاه، ثم مسجد ومقام السيدة نفيسة بنت حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن رضوان الله عليهم، ثم افتتاح مسجد السيدة زينب رضى الله عنها، عقيلة بنى هاشم، وجبل الصبر، لافتاً أن مصر حاضنة آل البيت، وفى (البهنسا الغراء) بالمنيا عدد هائل من الصحابة يشبه ما دفن فى البقيع فى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، ومصر مؤمنة بأهل الله، وآل البيت، ومحروسة بقول الله تعالى: (ادخلوها آمنين)، كما أن خزائن الأرض فى مصر، وإن شاء الله ستقود العالم فى يوم ما.
عشق المصريين لآل البيت
أما الشيخ محمد البيلى، نقيب أشراف كفر الشيخ ووكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، فأضاف: «الحمد لله، عشنا وشاهدنا بأم أعيننا تجديد مساجد آل البيت فى مصر، خاصة مساجد الإمام الحسين، ثم السيدة نفيسة، السيدة زينب، ومن قبل تم تجديد مسجد زين العابدين، ومسجد السيدة رقية، وجارٍ تجديد مسجد السيدة عائشة، وفى دسوق تمت توسعة وتطوير مسجد القطب إبراهيم الدسوقى رضى الله عنه، وأصبح المسجد يليق بمكانته كشيخ للإسلام فى عصر السلطان الظاهر بيبرس، أيضًا جرى تطوير مسجد ومقام جدنا سيدى (سالم البيلى أبى غنام) فى مدينة بيلا، وهو يعود للقرن السابع الهجرى، وتولت الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية عملية التطوير، بالتعاون مع وزارتى الآثار والأوقاف، وتكلف التطوير أكثر من 13 مليون جنيه، وجرى تطوير الميدان والشوارع المحيطة به، وافتتحه للصلاة أول رمضان محافظ كفر الشيخ لواء دكتور علاء عبد المعطى، لذلك أقول إننا نشهد نهضة لم نشهدها من قبل برعاية مباشرة من القيادة السياسية، وهذا مصدر فخرنا وعزنا، لأن آل البيت لهم «عز لا يزول»، جبر الله خاطره ونصره وأيده وأمده بمدد من عنده.
ويتفق معه الدكتور فتحى حجازى، العالم الأزهرى الكبير، مستشهدًا بما قاله رسول الله: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا»، وآل البيت هم كبراؤنا، وتوقيرهم واجب فى حياتهم، وبعد انتقالهم. والحمد لله أن لمصر رجال توقرهم وتعرف أقدارهم، وترعى مراقدهم ومساجدهم، فجزى الله القيادة المصرية خيرًا على ما قامت به، فهذا عمل جليل يصب فى ميزان حسنات من قام به، كما أنه - على الصعيد القومى - سوف ينشط السياحة الدينية لدينا.
أما الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية، فيقول إن ما قامت به القيادة السياسية فى تطوير مساجد وأضرحة آل البيت إنما هو وعى بدور مصر الحضارى، فقد أحيت مسار الأولياء، لمعرفتها بقدر حب الشعب المصرى آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، من الإمام الحسين إلى نفيسة العلوم، وهذا الدور الحضارى يدخل فى صميم تجديد الخطاب الدينى بتطوير ورعاية بيوت الله خاصة مساجد آل البيت، فنحن نحبهم، كما أحبهم جدودنا، والرئيس السيسى يعلم ذلك، فاستجاب لدعوات المحبين فأرضى الله تعالى فيهم، وأرضى ملايين المصريين.
وأكد الشيخ رامى الشهاوى، شيخ الطريقة الشهاوية البرهامية، أن الرئيس السيسى أول رئيس يهتم بتطوير مساجد ومقامات آل البيت منذ سبعينيات القرن العشرين، وحاليا يقوم الرئيس السيسى بجهد كبير ضمن خطة كبيرة لتطوير القاهرة التاريخية، وأتمنى أن تمتد يد التطوير لشمل ضريح شيخ الإسلام سيدى إبراهيم الدسوقى، وضريح شقيقه موسى أبى العمران.
مواجهة فكر الإرهابية
أما الشيخ عبداللطيف الجوهرى، شيخ الطريقة الجوهرية الأحمدية، أشاد بدور وأداء الطرق الصوفية الوسطية الرسمية، وبذلك نستطيع مواجهة الفكر المتشدد متمثلًا فى جماعة الإخوان الإرهابية، فالفكر الصوفى الوسطى كان هو المهيمن على فكر المصريين منذ مئات السنين، قبل أن تظهر بدعة الإخوان والسلفية، وكنا على نهج الكتاب والسنة دون تهوين أو تهويل.
الدكتور رمضان حسان، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بجامعة الأزهر، قال إن ما نشهده اليوم من رعاية مساجد آل البيت فى مصر هو دليل أكيد على اهتمام القيادة السياسية، وهذا التطوير سوف يرفع من السمو الروحانى، والجو الإيمانى داخل هذه المساجد، ويجعل من إقامة الشعائر الدينية صورة من الجمال والجلال فضلًا عن العبادة، وهذا هو الرد العملى لقطع ألسنة الحاقدين والمشككين فى اهتمام الدولة بالمساجد، فقد أنفقت الدولة الملايين، كما رفعت كفاءة المناطق المحيطة بها، وجعلت من أماكنها قبلة للقاصدين والمحبين.
فيما أكد الدكتور السيد مندور، من علماء الصوفية، أن ما تقوم به الدولة عمل عظيم يليق بمصر حاضنة الصحابة والأولياء وآل البيت، من مسجد ومقام الصحابى عقبة بن عامر، وعمرو بن العاص، للإمامين الليث بن سعد والشافعى، والإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، وفاطمة النبوية، والسيدة حورية فى بنى سويف، وحاليًا السيدة عائشة، ومن قبل البهنسا الغراء فى محافظة المنيا، ومسجد ومقام سيدى شبل (محمد بن العباس بن عبد المطلب) فى «الشهداء» بمحافظة المنوفية، وشمل التطوير شارع الأشراف، والمقابر.. معربًا عن أمنياته أن يمتد الأمر لمساجد ومقامات سفح جبل المقطم، حيث سيدى عمر بن الفارض، وسيدى أحمد بن عطاء الله، وغيره من الأئمة المجاورين له. وأضاف أن التطوير كان شاملًا من توسعة وترميم، وتجميل وزيادة الساحات الخارجية والشوارع المحيطة، وليس مجرد دهان خارجى، وأصبحت المناطق التى كانت عشوائية واجهات حضارية، من مقابر الإمامين إلى متحف الحضارة للسيدة نفيسة. وربنا قدر لمصر زعيمًا يعرف حب المصريين لآل البيت، كما أحب آل البيت مصرنا الغالية، واختاروها سكنًا ومستقرًا ودعوا لها، ودعوة السيدة زينب سارية فينا ليومنا هذا، حين قالت: «نصرتمونا نصركم الله، أويتمونا أواكم الله».
كذلك أكد الدكتور رمضان الصاوى، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحرى، أن ما جرى من تجديد لمساجد ومقامات آل البيت يحسب للقيادة السياسية، ومصر دون بقاع الأرض، اختصها الله تعالى باستضافة آل البيت، فأحبوها وأحبهم المصريون، ونحن سعدنا بوجودهم بيننا، ونشهد سنويًا آلاف الزوار يزورونهم من كل أرجاء الأرض، فروضاتهم أماكن مقدسة للمسلمين فى كل مكان، ومصر لم تقصر، ولم تدخر جهدًا ولا مالًا فى سبيل الارتقاء بالمساجد عامة، وآل البيت خاصة، والسيدة زينب رضى الله عنها، لا يزال أثر دعائها موجودًا لليوم، وأعتقد أنه بعد تمام التطوير سوف تنتعش السياحة الدينية الوافدة إلى مصر.
الدكتور على مطاوع، عضو اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة بجامعة الأزهر، قال إن مصر الوحيدة التى احتفت بآل البيت واحتضنتهم والشكر موصول للقيادة السياسية التى رعت بيوت الله فى الأرض، خاصة مساجد آل البيت، واليوم يشعر الزائر بالجمال والجلال والسكينة. ومن حقنا أن نفخر أن هؤلاء الأعلام على أرض مصرنا، بداية من الصحابة الأوائل الذين حضروا مع الصحابة عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، إلى من تلاهم، كانوا بالمئات من الصحابة، والآلاف من التابعين، وأرض مصر الطيبة هى التى تجلى الله تعالى عليها، يوم كلم النبى موسى عليه السلام، ونزل فى حقها: «ادخلوها آمنين»، وهى أم الدنيا فى الجغرافيا العالمية، كنانة الله فى أرضه، ولذلك ترى السودانى يعيش فيها جنبًا إلى جنب مع العراقى والسورى واللبنانى والفلسطينى، وهى أرض عصية على الانكسار أو التخلف، الدولة الوحيدة فى العالم التى عاش شعبها آلاف السنين فى كيان واحد، لا فرق بين مسلم ومسيحى، بل إن أقباط مصر هم من ساعدوا عمرو بن العاص يوم جاء فاتحًا بسبب اضطهاد الرومان لهم، ولليوم أتذكر الست (أولجا) المسيحية التى ربتنى، وأتذكر مدرستى (نادية صليب مرقس) وأزورها وأودها.
وطالت يد التطوير أولًا، مسجد ومقام الإمام الليث بن سعد، فقيه مصر وعالمها الكبير، الذى كان معاصرًا لمالك بن أنس، وكان يهدى مالكًا من عسل مصر الأبيض وقماشها وخيراتها الكثير كل عام، والذى قال فيه الإمام الشافعي: «الليث أفقه من مالك ولكن أصحابه لم يقوموا به»، وتم رفع كفاءة المسجد والمقام، وسحب المياه الجوفية من الأرض. بعدها مباشرة تم تطوير مسجد ومقام عالم مصر وإمامها الشافعى رضى الله عنه، وهو بجوار الإمام الليث، وتسمى المنطقة «الإمامين»، واستعاد الشافعى رونقه ومجده، وأصبح يليق بفقيه مصر، وكان أول من اهتم به صلاح الدين الأيوبى، وكان شافعى المذهب، وأعاد لمصر مذهبها السنى.
المدينة المنورة حاضرة فى القاهرة
ثم جرى تطوير منطقة الإمام زين العابدين، فتم بناء مسجده الجامع الكبير، وتطوير المقام، والشوارع المحيطة به، والمعروف تاريخيًا أن زين العابدين عليًا ابن الحسين مدفون فى البقيع، والموجود فى مصر رأس ابنه زيد بن على، وذكر ذلك الدكتور عبدالحليم محمود فى كتابه عنه، رضى الله عن الجميع. أيضًا جرى تطوير بحيرة عين الصيرة، وتنظيفها، وسحب المياه الجوفية، وشق الطرق، وبناء متحف الحضارة، ليشكل مع منطقة الإمامين، ومنطقة زين العابدين، وحدة جغرافية واحدة، خاصة مع بناء مستشفى سرطان الأطفال، وإزالة العشوائيات، وآخرها (تل العقارب) التى أزيلت تمامًا، وحل محلها مساكن عصرية حضارية باسم «روضة السيدة زينب»، وامتد التطوير لمسجد السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على، من توسعة وتجديد للمسجد والمقام، وتجميل الميدان الخارجى والشوارع المحيطة به، فأصبح اليوم «درة» تشبه مسجد رسول الله فى المدينة المنورة.
شارع الأشراف
أيضًا امتدت يد التطوير لبقية مساجد ومقامات آل البيت فى شارع الأشراف فى حى الخليفة، حيث يعج الأخير بعشرات المزارات الأثرية، فتم بناء مسجد السيدة رقية رضى الله عنها بنت الإمام على الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين، وتم تجديد مقامها التاريخى الذى يعود للعصر الفاطمى، كما تم تجديد الأضرحة المجاورة لها من رموز آل البيت، وكذلك ضريح السيدة عاتكة زوجة محمد بن أبى بكر الذى عينه الإمام على واليًا على مصر، واستشهد ودفن بها. وعلى بعد خطوات تم تجديد مسجد ومقام السيدة سكينة بنت الحسين رضى الله عنها، وبقى مسجد ومقام سيدى حسن الأنور، ورائد علم تفسير الأحلام ابن سيرين، وعدد كبير من المشايخ يضمهم الشارع الممتد من ميدان السيدة نفيسة حتى مسجد أحمد بن طولون.

