«ترام الإسكندرية»، أو كما يطلق عليه أهالى عروس البحر المتوسط «التروماوى»، أحد معالم المدينة الساحلية وجزء لا يتجزأ من تاريخها الممتد عبر التاريخ، والذى يعود تاريخه إلى ما يقرب من 160 عامًا، عندما كان مجرد عربة تجرها الخيول، حتى تطور مع مرور الزمن وأصبح على وشك أن يضاهى وسائل المواصلات العالمية، الأمر الذى دفع الدولة المصرية إلى تطويره ضمن الخطة الشاملة لوزارة النقل، لإنشاء شبكة من وسائل النقل الجماعى الأخضر المستدام الصديق للبيئة فى الإسكندرية، باعتبارها ثانى المحافظات ازدحامًا بالسكان.
تنفيذ أعمال البنية الأساسية لمشروع «تطوير الترام» شمل عدة كيانات وطنية، من القطاعين الحكومى والخاص، متمثلة فى الهيئة القومية للأنفاق، وتحالف شركتى المقاولون العرب وحسن علام للإنشاءات، ويصل طول المشروع بعد تأهيله إلى 13.2 كم، يشتمل على 24 محطة (5.7 كم سطحى – 7.3 كم علوى – 276 مترا نفقي)، يبدأ من محطة فيكتوريا شرق ثم يمتد غربًا ليمر بمناطق «سان استيفانو، جانكليس، الوزارة، رشدي، مصطفى كامل، سيدى جابر، سبورتنج، الإبراهيمية، والرمل»، كما سيتم تبادل خدمة نقل الركاب مع الخط الإقليمى لمترو الإسكندرية فى محطتى فيكتوريا وسيدى جابر.
النائب سعد عبدالمولى الفقى، عضو لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل بمجلس الشيوخ، قال إن «عملية التطوير تأتى فى إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالتوسع فى إنشاء شبكة من وسائل النقل الجماعى الأخضر المستدام صديق البيئة لتسهيل حركة المواطنين وتقديم خدمات مميزة لهم، وكان من نصيب الإسكندرية حظ وفير فى تحديث أهم وسيلتى نقل جماعى بالمدينة، وهما قطار أبو قير، الذى يجرى تحويل مساره إلى مترو متطور يضاهى الخطوط العالمية، ثم «ترام فيكتوريا -الرمل»، حيث وقعت وزارة النقل خطة تطويره وتحويله إلى ترام متطور يشبه مشروع «مونوريل العاصمة».
النائب أضاف: مخطط التطوير من شأنه تقليل زمن الرحلة من 60 دقيقة إلى 31 دقيقة، وستزيد سرعة التشغيل من 11 كم فى الساعة إلى 21 كم فى الساعة، وسيقل زمن التقاطر من (9:8) دقائق إلى (3:2.50) دقائق، ليصل عدد الركاب من 47000 راكب يوميا إلى 138000 راكب بعد الانتهاء من المشروع، على أن تكون مدة التنفيذ 3 سنوات.
وعن أهمية «الترام» كإحدى وسائل النقل العام بالإسكندرية، قال رمضان أحمد، موظف بالمعاش: أسكن بمنطقة الإبراهيمية، وكنت أعمل بجامعة الإسكندرية بمنطقة الشاطبي، وكان الترام وسيلة انتقالى الأساسية من وإلى العمل، ليس فقط بسبب تكلفته الزهيدة مقارنة بأى وسيلة انتقال أخرى، ولكن لأن زمن التقاطر بين الترام والذى يليه بسيط جدًا لا يتعدى دقائق معدودة، وبالتالى لا نتتظر طويلًا، كذلك أغلب الأوقات خاصة فى أوقات الذروة يكون الترام أفضل وأسرع من الميكروباص، لأن الطرق الموازية الأخرى كطريق الكورنيش وطريق أبوقير عادة تكون مزدحمة ومتوقفة، بخلاف ذلك يوجد عدة مستويات متنوعة فى الترام الواحد حسب مقدرة الراكب المادية، ورغم أننى بالمعاش حاليًا فإن الترام وسيلة الانتقال المفضلة بالنسبة لي.
بينما أضافت المواطنة فردوس علي: «أسكن بمنطقة باكوس منذ ما يقرب من خمسة وثلاثين عاما، فلن يمر يومان أو ثلاثة أيام إلا واستعنت به كوسيلة انتقال لقضاء زياراتى لأشقائي، فى منطقتى فيكتوريا وكليوباترا، ومنذ سنوات كنا نسكن فى منطقة كليوباترا، كان الترام هو الوسيلة الوحيدة لى ولأغلب أبناء جيلي، كنا نتوجه به إلى مجمع الكليات النظرية والعملية، فكنا نحترم الكبير إذا وجدنا أحد الركاب من كبار السن نتسارع لدعوته بالجلوس، وهذا ما يحدث معى ومع كبار السن الآن، عندما لم نجد مقعدا يتسابق الشباب إلى دعوتنا للجلوس».
محمد مسعد، طالب بالفرقة الرابعة، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، أكد أن «الترام فى الفترة الأخيرة تم تطويره بشكل كبير وملحوظ، حتى أصبح من أهم مظاهر التطور والتحضر بجانب كونه رمزا لتاريخ وتراث مدينة الإسكندرية، فتم تطويره حتى أصبح وسيلة انتقال متحضرة ومتطورة تضاهى وسائل الانتقال الأوروبية مع رسوم تذكرة فى متناول الجميع».
فيما أشار الدكتور إبراهيم رجب، رئيس لجنة الحفاظ على التراث بجمعية رواد الإبداع، إلى أن «ترام الإسكندرية يعد أحد أهم معالم المحافظة، فهو أول وسيلة نقل جماعية فى مصر وإفريقيا وأكثرها شعبية، فجميع طوائف المجتمع يستقلون عرباته، حيث بدأ تشغيله فى العام 1860م، وبهذا يعتبر أقدم ترام فى إفريقيا ومن بين الأقدم فى العالم، وعبر تاريخه الطويل ظل الترام يمثل نزهة ترفيهية لسكان المدينة وللسياح، بخلاف كونه وسيلة انتقال هامه للكثير من شرائح المجتمع السكندري».
«د. إبراهيم»، طالب الجهات المعنية والقائمين على تنفيذ المشروع بالحفاظ بقدر المستطاع على هوية الإسكندرية فى التصميمات والألوان لتعود المدينة كما كانت من قبل عاصمة الثقافة ومقصدًا للسياحة.
