رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

هل وصلت المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن برنامج طهران النووي إلى طريق مسدود؟

5-5-2025 | 15:03

المفاوضات الأمريكية الإيرانية

طباعة
أماني محمد

مع تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن البرنامج النووي لطهران، لما وصف بأنه "أسباب لوجيستية"، يترقب الكثيرون مصير المحادثات وما قد تسفر عنه من اتفاق بين الجانبين في ظل تعقيدات وعقبات تواجه الأمر، مع تمسك كل طرف ما يراه حقوقه الواجبة.

ومن المرتقب أن تعقد الجولة المقبلة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية في وقت لاحق هذا الشهر، بعدما كتب وزير الخارجية العماني، أنه سيتم "لأسباب لوجستية، جدولة الاجتماع الأمريكي الإيراني، الذي كان مقررًا مبدئيا السبت (3 مايو) سيتم الإعلان عن المواعيد الجديدة عند الاتفاق عليها".

وأكد خبراء أن المفاوضات تشهد صعوبة بين الجانبين، بسبب تضاد وجهتي النظر وتشكك كل طرف في نوايا الآخر، مع رغبة واشنطن في تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل وقطع أذرع إيران في المنطقة، وهو ما ترفضه طهران بشكل كامل، حيث تتمسك بما تراه حقًا سياديًا لها في تخصيب اليورانيوم واستكمال برنامجها النووي، موضحين أن المفاوضات أمامها العديد من السيناريوهات.

3 سيناريوهات لمصير المفاوضات

ويقول الدكتور علاء السعيد، الخبير في الشؤون الإيرانية، إن المفاوضات بين واشنطن وطهران لم تكن سوى مرآة مكسورة تعكس حجم التوتر، لا بين عاصمتين فحسب، بل بين مشروعين متضادين في الرؤية والمنهج والمصالح، موضحا أنه على طاولة لا يلتقي فيها الطرفان إلا وهم محمّلون بتراكمات من الشك، تتكشف العقبات تباعًا، كثقل لا يمكن تجاوزه بتصريحات دبلوماسية أو ابتسامات عابرة.

وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن إيران، كما هي دومًا، متمسكة بما تعتبره "حقًا سياديًا" في تخصيب اليورانيوم، تصل به إلى مستويات باتت واشنطن تراها بمثابة اقتراب خطير من العتبة النووية، تلك النقطة التي تفصل بين الاستخدام السلمي وتملك القدرة العسكرية الكاملة، موضحا أن المسألة لا تقف عند حدود التخصيب، فالإدارة الأمريكية تريد أكثر من ذلك: تريد اتفاقًا يُفرّغ إيران من مضامين قوتها التوسعية، يشمل صواريخها، ومليشياتها، وتدخلاتها في خرائط الآخرين، بينما ترفض طهران هذا المنطق من أصله، وتراه نزعًا لهويتها الإيديولوجية التي بُنيت على فكرة المقاومة الممتدة عبر الحدود.

وأشار إلى أنه وسط هذا التباين الحاد، يتعمّق التوتر حين تواصل واشنطن فرض العقوبات حتى خلال فترات التفاوض، في مشهد يُفسَّر داخل إيران على أنه تعبير عن غدرٍ سياسي، لا يمكن الوثوق بمنطقه، ولا البناء عليه، مضيفا أنه وفق هذا السياق، يغدو التفاوض – بالنسبة للإيرانيين – مجرد استنزافٍ آخر إن لم يُفضِ إلى رفع فعلي وحقيقي للعقوبات، لا وعود مؤجلة ولا تخفيفات رمزية.

ولفت إلى أن السيناريوهات تتعدد بين ثلاثة احتمالات لا رابع لها، الأول إما اتفاق شامل يعيد إحياء روح اتفاق 2015، لكن هذه المرة مشروط بتعديلات أكثر صرامة في آليات الرقابة والزمن، وهو سيناريو يحتاج إلى معجزة من تنازلات متقابلة؛ والثاني اتفاق مرحلي هش، يحمل طابع الهدنة المؤقتة، تقليصٌ نسبي للتخصيب مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، دون ضمانات دائمة، وكأن الطرفين يشتريان الوقت.

وأوضح أن السيناريو الثالث، وهو الأرجح في ظل هذا المناخ، فهو انزلاق المحادثات نحو الفشل الكامل، ودخولها في نفق مظلم من الجمود والتصعيد، يُعبّد الطريق أمام الولايات المتحدة لمزيد من الخنق الاقتصادي، ويفتح المجال أمام إسرائيل لتتحرك وحدها، بأدواتها الأمنية والاستخباراتية وربما العسكرية، لضرب ما تراه تهديدًا وجوديًا لا يجب أن يُستكمل تحت أي غطاء دبلوماسي.

وتابع "السعيد"، أنه في هذا الخضم لا يمكن تجاهل موقف الترويكا الأوروبية، ففرنسا وألمانيا وبريطانيا تمسك العصا من منتصفها، لكنها تفقد التوازن مع كل تأخير في النتائج، موضحا أنها دولٌ ما زالت تريد دور الوسيط، وتصر على أن الحل سياسي، لكنها لا تتردد في التهديد بإعادة تفعيل "السناب باك" وفرض العقوبات الأممية مجددًا.

واستشهد بما فعله وزير الخارجية الفرنسي حين صرح، في أبريل 2025، بأن بلاده ستعيد الضغوط إذا لم تُحرز المفاوضات تقدمًا ملموسًا، بل وحدد أغسطس المقبل كموعد قد يشهد عودة العقوبات الدولية، ما لم تتحقق انفراجة، موضحا أن هؤلاء الأوروبيون لا يريدون انهيار الاتفاق، لكنهم أيضًا لا يريدون أن يُستخدم الصبر الأوروبي كغطاء لمراوغات إيرانية.

وعن موقف إسرائيل، قال إنها لا تُراوغ ولا تُجامل، موقفها واضح وصلب، فهي ترى أن أي اتفاق لا يُسقط البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني بالكامل، ويشلّ قدرته الصاروخية، ويقطع أذرعه الإقليمية، هو اتفاق ضدها وليس لصالحها، مشيرا إلى أنه لذلك فهي لا تتمنّى فشل المفاوضات فحسب، بل تعمل عليه، وتُمهّد لكل ما قد يلي هذا الفشل، حتى لو تطلب الأمر تحركًا أحاديًا ضد المنشآت الإيرانية، دون انتظار ضوء أخضر أمريكي.

وأضاف أنه في منطق الأمن الإسرائيلي، لا وقت للتجريب، ولا مجال للثقة، وكل اتفاقٍ لا يضمن تفوقها الاستراتيجي هو تهديد وجودي يجب منعه بأي وسيلة، وبأي ثمن.

صعوبات وتهديدات

ومن جانبه، قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إنه يصعب التوصل إلى اتفاق بين الجانبين الأمريكي والإيراني، لأن الأمر لا يتعلق ببرنامج إيران النووي فحسب، بل يمتد ليشمل صواريخها وعلاقاتها بما تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية أذرعًا لها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الحوثيون الذين ينفذون ضربات متقطعة ضد إسرائيل والبحر الأحمر، وآخرها استهداف مطار بن جوريون أمس، وهذا الأمر يثير قلقًا بالغًا للولايات المتحدة.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه تكمن صعوبة الاتفاق في أن الولايات المتحدة لا تريد مجرد اتفاق نووي، بل تسعى إلى تحييد إيران وإغلاق الأذرع التي تعتبرها تهديدًا لإسرائيل، بما في ذلك حزب الله الذي تعرض لضربة قوية، مضيفا أنه بشكل عام، تسعى إيران إلى اتفاق يضمن لها عدم الحرمان من برنامجها النووي الذي تعتبره حقًا لها، وعدم منعها من أي علاقات مع أي أطراف في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد أنه مع ذلك، ربما تقدم طهران تعهدًا بعدم إنتاج القنبلة النووية، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة بين الحين والآخر غير كافٍ، ولهذا السبب المفاوضات صعبة وشهدنا جولات عديدة، لأن هناك فجوة بين مطالب واشنطن وما تعتبره إيران حقًا لها، مؤكدا أن المفاوضات صعبة ومعقدة للغاية، لكن هناك ترقب لما يمكن أن يحدث وهل ستضحي الولايات المتحدة ببعض مطالبها وتزيل العقوبات الاقتصادية وتبدأ حوارًا آخر مع إيران.

وشدد على أن تفكيك الملف النووي الإيراني بشكل كامل أمر مستحيل، وأقصى ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة هو وضع حد للتخصيب، حيث ترى واشنطن أن الحد الذي تحتاجه إيران هو 3.67%، بينما وصلت إيران إلى تخصيب يفوق 60%، موضحا أن التقارير الأمريكية تشير إلى أن إيران قادرة على صنع ست أو سبع قنابل نووية إذا أرادت ذلك وفي فترة زمنية قصيرة، وتمتلك من اليورانيوم المخصب ما يمكنها من فعل ذلك.

ولفت إلى أن إيران كانت قد صرحت بأنها سترد على أي ضربة أمريكية أو إسرائيلية ببدء عملية إجراء تجربة نووية إيرانية، وهذا سيكون أمرًا بالغ الخطورة، موضحا أن مصير المفاوضات غير متوقع، ولا يمكن التكهن به. وفي الوقت نفسه، لا يمكن القول إن المفاوضات صعبة بالنظر إلى أنه سبق إبرام اتفاق في عهد أوباما في 2015، وألغاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2018 في فترة ولايته الأولى.

وشدد على أن المسألة تكمن في حدود مطالب الولايات المتحدة وحقوق إيران التي تعتبرها سيادة لها وحقًا في برنامجها النووي وفي فعل ما تراه مناسبًا، فواشنطن ترى أنه يجب إخضاع إيران وعدم السماح لها بأن تشكل تهديدًا لها أو أن تتعاون مع أذرع تعتبرها مؤثرة على مصالحها أو تهدد إسرائيل، وهذه هي النقطة الفاصلة بين الطرفين.

ولفت إلى أنه من المستحيل أن تتخلى إيران عن دعمها لأي من أذرعها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله الذي تعرض لضربات موجعة، كما أن الميليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا موجودة الآن في حالة ثبات وهدوء، لكنها لم تنتهِ، وكذلك عصائب أهل الحق أو كتائب الإمام علي أو كتائب سيد الشهداء أو سرايا السلام أو كتائب النجباء أو حزب الله في العراق لم يتعرضوا لضربات قاصمة ولم ينتهوا، لكنهم استكانوا لتمرير الضغط الأمريكي الإسرائيلي الحالي.

أخبار الساعة