رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مواجهة «الغش» مسؤلية «البيت والمدرسة»


2-5-2025 | 19:01

الغش فى الامتحانات

طباعة
تقرير نهال بلال

جهود كبيرة قامت بها وزارة التربية والتعليم خلال السنوات الماضية لمواجهة ظاهرة الغش فى الامتحانات، خصوصاً فى الثانوية العامة والشهادة الإعدادية، وقامت «التعليم» بتفتيش الطلاب ومنع دخول أجهزة المحمول خلال الامتحانات، فضلاً عن مواجهة جروبات وصفحات الغش، وبالفعل تم تحجيم الظاهرة، لكن لم يتم القضاء عليها، لذا تقوم «التعليم» بإجراءات جديدة لمواجهة الغش، وتشدد من تعليماتها فى المدارس، لكن ستظل موجودة طالما هناك صفحات على السوشيال ميديا تنتفع من تسريب الامتحانات وتساعد الطلاب على الغش.

 

وبعيداً عن الإجراءات التى قامت بها «التعليم» للمواجهة وضع خبراء روشتة لمواجهة الغش، عبر التأكيد علي ضرورة تطبيق العقوبة بشكل صارم على من يقوم بالغش، وأشار الخبراء إلى أن المسئولية تقع على البيت والمدرسة.

الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى، بدأ حديثه، مؤكدًا أن الغش أخطر المشكلات التى تواجه العملية التعليمية بوجه عام والامتحانية على وجه الخصوص، لما يترتب عليه من إهدار مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية بين الطلاب، ومنح مَن لا يستحق مميزات على مَن يستحق، مما يُفقد الثقة لدى الطلاب والمجتمع فى عدالة عملية التقييم، كما يُهدر الجهد الذى تبذله الوزارة فى تطوير المنظومة، ومن المعروف أنه لا يمكن القضاء تمامًا على ظاهرة الغش بل من الممكن تقليل معدلها، وذلك من خلال اتباع مجموعة من الإجراءات، تتضمن تقليل عدد الطلاب فى اللجنة الواحدة، بما يسمح للمراقبين السيطرة عليها؛ وإجراء الامتحانات فقط فى المدارس التى تتضمن فصولًا صالحة للاستخدام، واللجان التى تتميز بوسع مساحتها لإقامة الفواصل بين كل طالب والآخر داخل اللجنة، فضلًا عن توافر الإضاءة والتهوية الجيدة والبعد عن أشعة الشمس؛ مع إقامة حرم حول كل مدرسة لا يقل عن 500 متر لا يسمح لأى شخص خاصة من أولياء الأمور تجاوزه، لمنع اقتراب الأهالى من اللجان أثناء الامتحانات؛ وتكثيف التواجد الأمنى والشرطى حول اللجان لمنع أى انتهاكات؛ وتعيين أفراد أمن مدربين ومؤهلين لتفتيش الطلاب وحمامات المدارس قبل الامتحانات، واستخدام وسائل إلكترونية حديثة للتفتيش، وللكشف عن أى محاولات تسريب إلكترونى للامتحانات؛ وضرورة انتقاء الملاحظين والمراقبين ممَن تتوافر فيهم شروط اللياقة البدنية والنفسية للإشراف على الامتحانات، وتقليل العنصر البشرى - قدر الإمكان، للقائمين على ورقة الأسئلة بداية من إعدادها حتى تسليمها داخل اللجان للطلاب، فضلًا عن توفير حوافز مادية ومعنوية جيدة للمعلمين نظير عملهم أثناء الامتحانات، واستخدام أوراق أسئلة مصنوعة من خامات عاكسة تمنع تصويرها بكاميرات الهاتف المحمول.

 

ويشير «شوقى»، إلى أهمية إصدار عقوبات رادعة وسريعة لأى شخص يساعد على الغش تصل الى السجن، والتقليل من أسئلة الاختيار من متعدد كونها سهلة الغش، وتزويد عدد الأسئلة المقالية التى يصعب اقتباسها، والتركيز على الأسئلة التى تتسم بالتركيز على المستويات العقلية العليا؛ واستغلال وسائل الذكاء الاصطناعى للكشف عن الغش، ومنع إجراء أى امتحانات فى المدارس التى شهدت حالات غش فى السنوات السابقة، وعدم إعلام رؤساء اللجان والملاحظين بلجانهم إلا قبل الامتحانات بفترة زمنية قصيرة، مع تدويرهم خلال فترة الامتحانات.

 

كاميرات مراقبة

 

أما الدكتور عاصم حجازى، أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، فأكد أنه لا يمكن القضاء على الغش بشكل نهائى من خلال وزارة التربية والتعليم وحدها، ولكن هناك الكثير جدًا من الإجراءات التى يجب الأخذ بها لمحاصرة الغش ومكافحته، وبعض هذه الإجراءات مطلوب تنفيذها بشكل عاجل، وذلك لتضييق دائرة الغش هذا العام للحد الأدنى، والبعض الآخر من هذه الإجراءات ستتم على المدى الطويل للقضاء على هذا الفيروس نهائيًا.

 

وعن الإجراءات العاجلة التى ينبغى المسارعة للأخذ بها، فقال: (الاستفادة من التطور التكنولوجى فى مجال مكافحة الغش من خلال أجهزة تفتيش متطورة وكاميرات مراقبة عالية الدقة، ويمكن أيضًا التعاون مع وزارة الاتصالات أو بعض شركات أمن المعلومات لتأمين اللجان والامتحانات الكترونيًا، كما ينبغى الاستعانة بشركات متخصصة لتأمين المدارس ومحيطها وإجراء التفتيش اللازم لضمان عدم تسريب أجهزة اتصال إلى داخل اللجان)، هذا بالإضافة إلى ضرورة توفير وسائل اتصال سريعة كالخط الساخن وغيرها، بحيث يمكن الإبلاغ عن حالات الغش دون الكشف عن هوية المبلغ ودون تحميله أية مسئوليات، كما ينبغى التدقيق فى اختيار الملاحظين وأماكن اللجان، مع مرور إدارى تنظيمى يومى للمتابعة، سواء من الإدارات أو المديريات أو الوزارة، كما ينبغى حضور مَن يتم اختيارهم للمشاركة فى امتحانات الثانوية العامة لورش تدريبية وندوات للتوعية بمخاطر الغش والطرق الصحيحة والقانونية للتعامل مع الطالب فى حال حدوث غش، فضلًا عن أهمية تكثيف جهود تأمين المعلمين وتوفير ما يلزم لحمايتهم، سواء خلال انتقالاتهم أو تواجدهم داخل اللجان.

 

وعن الإجراءات التى يجب اتخاذها على المدى البعيد، فأوضح د. عاصم حجازى، بأنها مرتبطة دائمًا بأسباب الغش وتشمل تعديلًا تشريعيًا لتغليظ العقوبات على المخالفين من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وتقليل حدة المنافسة بين الطلاب، من خلال مزيد من الإتاحة فى التعليم الجامعى، وتوفير بدائل متعددة وخيارات أوسع للطلاب، وتسويق هذه البدائل بشكل جيد، كذلك يجب العمل بشكل جاد على القضاء تمامًا للمفهوم الشائع لكليات القمة، وتقليل الاعتماد على مجموع الطالب فى الثانوية العامة كمعيار أساسى للالتحاق بالجامعة، والتوسع فى استخدام اختبارات القدرات فى جميع القطاعات والكليات، كذلك ينبغى العمل على نشر فكر وثقافة ريادة الأعمال وتدريس مقررات خاصة بهذا الجانب، لتشجيع الطلاب على التخلص من عقدة الوظيفة الحكومية، إلى جانب ذلك ينبغى أن يتعرف الطالب بشكل جيد خلال المرحلة الثانوية على قدراته ومميزاته والطريقة الأفضل لاستثمار سماته العقلية، وأن يُدرك ويستوعب مفهوم الفروق الفردية وتعدد مسارات النجاح.

ويوصى «حجازى»، بتبنى مبادرة أو حملة قومية لمناهضة الغش تشمل شخصيات عامة وتربويين وعلماء دين ومفكرين وإعلاميين، وذلك للتوعية بمخاطر الغش وأضراره، وأن تقوم وزارة التربية والتعليم بتنفيذ أنشطة متنوعة لمكافحة الغش بمشاركة الطلاب وأولياء الأمور، مع ضرورة الإسراع فى اتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء بنوك أسئلة وفقًا للأسس العلمية الصحيحة وليس مجرد فقط تجميع للأسئلة، بمعنى أن لكل سؤال خصائص «سيكومترية» معروفة ومحددة داخل البنك، هذا بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية التكنولوجية للوزارة، وتطبيق الاختبارات الإلكترونية ذات الصور المتعددة المختلفة فى صيغة السؤال، ولكنها متطابقة فى مستويات السهولة والصعوبة والقدرة التمييزية وفاعلية البدائل والمستوى المعرفى الذى تقيسه، والموضوع الذى تنتمى إليه، وهذا الإجراء الأخير كفيل بالقضاء على الغش والتسريب والتداول بشكل نهائى.

 

عودة البوكليت

 

بدورها، اتفقت داليا الحزاوى، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر والخبيرة الأسرية، أن ظاهرة الغش سواء داخل اللجان، أو الإلكترونى على تطبيق تيليجرام وغيره، يحتاج إلى وقفة جادة للقضاء عليه، حيث تتسبب ظاهرة الغش فى إهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، والإضرار بالمجتمع بأكمله، مضيفة «الطالب الغشاش سيصبح يومًا ما مهندسًا أو طبيبًا، وبالتالى سيكون بدون ضمير مهنيًا».

 

وتؤكد «الحزاوى»، أن ظاهرة الغش تحتاج لتضافر الجهود للقضاء عليها، من الأسرة مرورًا بالوزارة والاعلام، لذا نطالب الأسر بغرس القيم الأخلاقية فى نفوس الأبناء منذ الصغر، ويكون هناك متابعة للطلاب خلال الدراسة، لان العملية التعليمية تقوم على التعاون بين المنزل والمدرسة، وعلى أولياء الأمور الكف عن إجراء المقارنات بين الطلاب، «فلان أفضل منك وهكذا»، فيجب أن يُدرك الأب والأم أن التلاميذ لديهم قدرات مختلفة عن أصدقائهم وأقاربهم، فلا يصح أن تضغط على الابن للتفوق وهو محدود القدرات مما يجعله يلجأ للغش للهروب من العقاب والتوبيخ.. أما الوزارة فلها دور بشأن تغليظ العقوبة لمن يقوم بتسهيل عملية الغش، وذلك فى جميع المراحل الدراسية، حتى لا يعتاد الطفل على الغش منذ الصغر.. كذلك لوسائل الإعلام دور فى نشر التوعية بخطورة الغش وأهمية التحلى بالقيم الأخلاقية.

ومع اقتراب موسم امتحانات الثانوية العامة، فتشير داليا الحزاوى إلى عدة مقترحات لأولياء الأمور، يتمنون أن تضعها الوزارة محل الجد لمواجهة ظاهرة الغش التى استفحلت بشكل كبير وزادت حدتها وأصبحت مسلسلاً يوميًا متسارع الخطوات، وهذه المقترحات تتمثل فى عودة نظام البوكليت من جديد بدلاً من نظام البابل شيت الذى سهّل عملية الغش بشكل كبير، كما أنه يصعب إثبات واقعة الغش من خلاله، فالإجابات مجرد تظليل للدوائر، بينما نظام البوكليت يمكنه اكتشاف الغش.. ويقترح الآباء كذلك «زيادة عدد الأسئلة المقالية التى يصعب غشها عكس أسئلة الاختيار من متعدد، حيث يمكن اكتشاف الغش فى النوعية الأولى عن طريق مطابقة الإجابات ببعضها.. ضرورة اللجوء لاستخدام أجهزة التشويش على شبكات المحمول فى لجان الامتحانات للقضاء على الغش الالكترونى.. حسن اختيار رؤساء اللجان والمراقبين مع توفير الحماية الكافية لهم، وضرورة تفعيل كاميرات المراقبة فى الفصول لرصد حالات الغش والتدخل سريعًا».

أخبار الساعة