أصدرت مكتبة الإسكندرية، ضمن سلسلتها الوثائقية القصيرة "عارف.. أصلك مستقبلك"، فيلمًا جديدًا يُعد نافذة تطل على واحد من أبرز المعالم الروحانية والتحف المعمارية في الإسكندرية؛ وهو مسجد الإمام المرسي أبو العباس رضي الله عنه. لا يكتفي الفيلم بسرد السيرة العطرة لشيخ المسجد، بل يغوص في جذوره الأندلسية العميقة، ويكشف كيف تجسدت حكاية الأندلس في تفاصيل عمارته الفريدة التي صمدت عبر القرون.
يروي الفيلم قصة الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن علي الخزرجي الأنصاري المرسي، الصوفي القادم من مدينة مرسية الأندلسية الذي اضطر لمغادرتها قبيل سقوطها، وذلك بعد رحلة ملحمية عبر البحر المتوسط نجا منها بمعجزة، استقر أبو العباس المرسي في الإسكندرية، ليصبح تلميذًا للإمام أبو الحسن الشاذلي، وشيخًا للإمام ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنهما.
يتوقف الفيلم عند التفاصيل المعمارية الآسرة التي تحكي قصصًا صامتة مثل القباب المزخرفة التي تتلألأ بزخارفها الهندسية والنباتية، والأعمدة الشاهقة المصنوعة من الجرانيت الوردي التي ترفع السقف برشاقة، والمئذنة المهيبة التي ترتفع لـ 73 مترًا، تلامس السماء وتراقب المدينة.. يؤكد الفيلم أن كل زاوية، كل عقد، وكل قطعة فسيفساء في هذا البناء ليست مجرد عنصر زخرفي، بل بصمة تاريخ وحكاية ناس ربطهم القدر بهذه المدينة. كما يتناول الفيلم إدراج المسجد ضمن مشروع "ميدان المساجد" الضخم الذي بدأ ليعيد للمكان رونقه ومكانته.
يأتي الفيلم ضمن جهود مكتبة الإسكندرية الدؤوبة لتوثيق التراث الثقافي والتاريخي الغني لمصر والإسكندرية، وإتاحته للجمهور في قالب جذاب ومُلهم، بهدف تعزيز الوعي بالهوية والتاريخ المشترك، وإبراز أهمية الحجر وكيف يمكنه أن يحكي أعظم القصص.
وترتبط سلسلة أفلام "عارف" القصيرة التي لا يتجاوز الفيلم فيها دقيقتين أو ثلاثة، بالهوية المصرية وهى سلسلة أفلام وثائقية تصدرها مكتبة الإسكندرية بعنوان "عارف.. أصلك مستقبلك" تتناول شتى مناحي التراث الثقافى والطبيعى فى مصر والعالم، من خلال منظور غير تقليدى يستهدف النشء والشباب عبر محتوى بصري محترف مدعم بمؤثرات الجرافيك والرسوم ثلاثية الأبعاد لتحكى قصص من التراث المصرى بمعظم أنواعه فى إطار علمي مبسط سلس وسريع يركز على تقديم معلومات شيقة تعزز روح الهوية المصرية للشباب، وتدعم الأصول الثقافية المصرية الممتدة من الجذور إلى الفروع.
كما تعمل الأفلام على نشر المعرفة بين كافة فئات المجتمع المحلى والإقليمى والدولى على اختلاف الاهتمامات والمعارف الثقافية واللغوية، فهى ناطقة باللغة العربية فضلًا عن إتاحة ترجمة إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية.