الدكتور طارق عمار من أبرز الأقلام المسرحية التي جمعت بين الشعر والدراما التاريخية برؤية نقدية معاصرة، وهو أحد الأسماء اللامعة في مهرجانات فرق الأقاليم المسرحية، إذ شكّلت مشاركاته الممتدة، و التي تجاوزت خمس عشرة مرة ، علامة مضيئة في مسيرة التأليف المسرحي بالثقافة الجماهيرية.
وفي الدورة الـ47 من المهرجان الختامي لفرق الأقاليم، يطل علينا عمار بنصه التاريخي «الطريق (الولي والسلطان)» الذي كتبه بعد سبع سنوات من التحضير والبحث المضني، متناولًا فيه شخصيتين بارزتين هما السيد البدوي والظاهر بيبرس، بمنظور مغاير يستند إلى تحقق تاريخي ورؤية فكرية محدثة.
ولا يكتفي «عمار» هذه الدورة بعرض «الطريق»، بل يشارك أيضًا بدور دراماتورج وكاتب أشعار في عرض «العائلة الحزينة»، مما يعكس تعدد أدواته الفنية وامتداده الإبداعي.
والتقينا به لنتعرف عن ملامح وسمات تجربته ونصه المسرحي «الطريق»
سبع سنوات من التحضير
وقال المؤلف طارق عمار لبوابة دار الهلال: «هذا النص من أصعب النصوص التي كتبتها فالشخصيتان الرئيستان في العمل من الشخصيات التي تعرض لها العديد من كبار المؤلفين كالدكتور رشاد رشدي في رائعته «بلدي يا بلدي، و الدكتور عبدالعزيز حمودة في رائعته «ابن البلد» لذلك كان لزامًا عليّ كمؤلف أن أتناول الشخصيات برؤية ومنظور مختلفين عما سبق مع التحقق من صحة الوقائع التاريخية التي يتعرض لها النص وهو ما استغرق قرابة السبع سنوات من التحضير».
وقائع في عهد الظاهر بيبرس
وأضاف«عمار»: «تدور الأحداث في بدايات عصر الظاهر بيبرس حيث يصل إلى مسامع السلطان شائعات تفيد بنشاط دعاة الباطنية النذارية لاستعادة الخلافة الفاطمية و الانقلاب ضد السلطان وهو ما يدفعه إلى التحقيق بصورة مكثفة في الأمر وفي ذات الوقت يشرع السلطان في إجراء العديد من الإصلاحات في دولته، و توعز له زوجته الأولى «عائشة» بالزواج من «توركان خاتون» ابنة «بركة خان» زعيم القبيلة الذهبية لإقامة حلف معه ضد بقايا المغول وعلى الناحية الأخرى نرى انشغال السيد البدوي بأحوال الناس ونصرتهم، وعند إحباط مؤامرة «الكوراني» ضد السلطان، حيث يقوم الأول بمحاولة إشعال فتنة فيزعم تورط عدد كبير من المتصوفين في الأمر ومنهم «السيد البدوي» مما يدفع «بيبرس» إلى محاولة التحقق من الأمر إلى أن يثبت له عدم صحة الموضوع، تنتهي المسرحية بوفاة الظاهر «بيبرس» بعد أن أقام دولة مهابة متحضرة ترعى شؤون رعاياها وبعد أن رد للسيد البدوي اعتباره عقب هذه الوشاية الظالمة».
طنطا.. مسرح الحدث
وتابع«عمار»: «و تتسق فكرة العرض الأساسية مع النهج الذي يسير عليه مسرح الثقافة الجماهيرية في تقديم موضوعات ذات خصوصية خاصة بالموقع الثقافي المنتج للعرض وكذلك القضايا الوطنية الكبرى التي يجب التنوير عليها وتوعية الجمهور بأهميتها، ويقدم العرض في قالب يتناسب مع جمهور مدينة طنطا التي يقع فيها الحدث المركزي بالعرض وهو لقاء الظاهر «بيبرس بالعارف بالله «سيدي أحمد البدوي».
مسيرة ممتدة في المهرجان
وأضاف المؤلف: «تأتي هذه المشاركة لتكون استكمالًا لمسار طويل من المشاركات التي أسعدتني في المهرجان الختامي لفرق الأقاليم بالهيئة العامة لقصور الثقافة فمنذ بداية عملي كمؤلف وحتى الآن شاركت أكثر من خمس عشرة مرة في المهرجان الختامي، وحقيقة فقد كان المهرجان الإقليمي لإقليم غرب ووسط الدلتا هذا العام ثريًا بدرجة كبيرة مع وجود عروض جيدة وتجارب مهمة تستحق أن تنال كل تقدير وبالطبع فإنني أتمنى كل التوفيق لجميع العروض المشاركة وأتمنى أن تكون العروض المتأهلة للمهرجان القومي للمسرح لائقة باسم أكبر جهة للإنتاج المسرحي في مصر والشرق الأوسط وهي الهيئة العامة لقصور الثقافة».
«الطريق» (الولي والسلطان) من إنتاج الفرقة القومية بالغربية، وإخراج أسامة شفيق قدم افتتاح فعاليات الالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية الـ47 بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية
المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية الـ47 يقام من خلال الإدارة العامة للمسرح، التابعة للإدارة المركزية للشئون الفنية، ويشارك به 26 عرضًا مسرحيًا تُقدَّم مجانًا للجمهور، على مسرحي السامر وقصر ثقافة روض الفرج، تم اختيارهم من بين 84 عرضًا هي إنتاج فرق الأقاليم بالموسم الحالي من الأقاليم الست الثقاقية، ويصدر عن المهرجان نشرة يومية برئاسة تحرير الشاعر والناقد يسري حسان.
ويشارك في تنظيم وتوثيق الدورة: الناقدة رانيا الشربيني مدير إدارة التوثيق والنشر والمركز الإعلامي، والأستاذة رشا عبد الستار مدير العلاقات العامة والإعلام، والأستاذة دعاء حسن، مدير المكتب الفني.
وتُقام الدورة بإشراف ومتابعة عدد من قيادات وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة، من بينهم: اللواء خالد اللبان، مساعد الوزير لشئون رئاسة الهيئة، ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والكاتب محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة، والفنان أحمد الشافعي، رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، والأستاذة سمر الوزير مدير عام الإدارة العامة للمسرح، والكاتب سامح عثمان مدير المهرجان ومقرر لجنة التحكيم، والكاتب شاذلي فرح وكيل الإدارة، والمهندس أحمد عبد الرحمن نور مدير الديكور والتجهيزات، ويقام المهرجان تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو.
